المنزل ذو الظلال الملعون
### قصة "المنزل ذو الظلال الملعونة"
الانتقال إلى المنزل الجديد
كان أحمد وزوجته ليلى يبحثان عن منزل جديد بعيداً عن ضوضاء المدينة. بعد بحث طويل، وجدوا منزلاً قديمًا في قرية صغيرة. المنزل كان جميلاً ومريحاً، رغم أن عمره يتجاوز المئة عام. جذبتهما هدوء المكان وجمال الطبيعة المحيطة به، فقررا الانتقال والبدء في حياة جديدة.
عند وصولهما، استقبلهما الجيران بحرارة، وأخبروهما بقصص قديمة عن المنزل، إلا أن أحمد وليلى لم يهتما كثيراً بالتفاصيل الصغيرة. كانا مشغولين بترتيب أغراضهما وتأثيث المنزل ليصبح مريحاً كما يتمنيان.
مرت الأيام الأولى بهدوء، حتى بدأت ليلى تلاحظ أشياء غريبة. في إحدى الليالي، بينما كانت تقرأ كتابًا في غرفة المعيشة، شعرت بتيار بارد يمر عبر الغرفة، رغم أن النوافذ كانت مغلقة. حاولت تجاهل الأمر، معتقدة أنه مجرد خيال.
في الليلة التالية، سمعت ليلى أصواتاً خافتة قادمة من الطابق العلوي. بدت الأصوات كأنها همسات وأقدام تتحرك بهدوء. نادت على أحمد، لكنه كان نائمًا بعمق. قررت الصعود والتحقق بنفسها. عندما وصلت إلى الطابق العلوي، توقفت الأصوات فجأة، ولم تجد شيئاً غير عادي.
بدأت الأمور تزداد غرابة. في إحدى الليالي، استيقظ أحمد على صوت خطوات في الممر خارج غرفة نومهما. اعتقد أن أحد الجيران قد دخل المنزل بالخطأ، فنهض للتحقق. عندما فتح الباب، رأى ظلالاً تتحرك بسرعة عبر الجدار، وتختفي في الزاوية. حاول ملاحقتها، لكنها اختفت تماماً عندما وصل إلى الزاوية.
قرر أحمد التحدث مع ليلى حول ما يحدث. أخبرته ليلى بما شعرت به وسمعته في الأيام السابقة، وبدأ الاثنان يشعران بالخوف. قررا استدعاء شيخ من القرية لقراءة القرآن في المنزل وتطهيره من أي أرواح شريرة قد تكون تسكنه.
جاء الشيخ وبدأ بقراءة القرآن في جميع أنحاء المنزل. بينما كان يقرأ، بدأت الظلال تظهر من جديد، هذه المرة بشكل أوضح. كانت تتحرك بشكل عشوائي وتصدر أصواتاً غريبة. أشار الشيخ إلى غرفة في الطابق العلوي، وأخبرهما بأنها مصدر الشر.
عند دخولهم الغرفة، وجدوا صندوقاً قديماً مغلقاً بإحكام. فتح الشيخ الصندوق ووجد بداخله مجموعة من الكتب القديمة وأشياء غريبة، من بينها مذكرات قديمة تروي قصة عائلة عاشت في المنزل منذ أكثر من قرن. المذكرات كشفت عن طقوس سحرية قامت بها العائلة في محاولات للتواصل مع الأرواح، لكنها فشلت وتركت وراءها لعنة أبدية على المنزل.
قرر أحمد وليلى التخلص من الصندوق وكل ما بداخله، وحرقوا كل الكتب والأشياء الموجودة فيه. بينما كانت النار تلتهم الأشياء، بدأت الظلال تتلاشى شيئاً فشيئاً. ومع اختفاء الظلال، عاد الهدوء إلى المنزل.
في الليلة التالية، لم يسمع أحمد وليلى أي أصوات غريبة، ولم يشعروا بأي تيارات باردة. بدا وكأن اللعنة قد رفعت، وأن المنزل عاد إلى طبيعته.
مع مرور الأيام، شعر الزوجان بالارتياح وعادا إلى حياتهما الطبيعية. قررا تجديد المنزل وتغيير ديكوراته ليبعدا أي أثر للماضي المخيف. أصبح المنزل مكاناً سعيداً يعمه السلام والطمأنينة.
ولكن، في إحدى الليالي، بينما كانت ليلى تنظف الساحة الخلفية، وجدت قطعة من الكتاب القديم الذي حرقت. شعرت بقشعريرة في جسدها، لكنها قررت تجاهلها. ألقت القطعة في النار مرة أخرى، وراقبتها حتى تحولت إلى رماد.
ظل أحمد وليلى يعيشان في المنزل، محاولين نسيان الماضي والاستمتاع بحياتهما الجديدة. ورغم أن البيت ظل هادئاً منذ تلك الليلة، إلا أنهما لم ينسيا أبداً الظلال التي طاردتهما، مذكرين نفسيهما دوماً بأن هناك أشياء في هذا العالم لا يمكن تفسيرها بسهولة.
مرت سنوات عديدة وأحمد وليلى أنجبا طفلين، سارة وياسين. اعتاد الطفلان على المنزل واعتبراه مكانًا آمنًا للعب والمرح. لكن في إحدى الليالي، بينما كان أحمد يعمل في مكتبه وليلى تطهو العشاء، بدأ الأطفال يسمعون همسات غريبة قادمة من الجدران.
سارة، الفضولية بطبعها، اقتربت من أحد الجدران وبدأت تستمع بعناية. كانت الهمسات تتحدث بلغة غريبة ومخيفة. نادت على ياسين ليأتي ويستمع معها، لكنه شعر بالخوف وركض إلى والديه ليخبرهما بما سمع.
عندما أخبر ياسين والديه بما يحدث، قرر أحمد وليلى عدم تجاهل الأمر هذه المرة. صعدا إلى الطابق العلوي لتفقد الغرف، وعندما وصلا إلى الغرفة التي وجدوا فيها الصندوق سابقًا، بدأت الظلال تظهر من جديد، ولكن هذه المرة كانت أكثر عدوانية.
حاول أحمد وليلى التمسك بالهدوء، ولكنهما علما أنهما بحاجة لمساعدة خارجية. اتصلا بشيخ آخر معروف في القرية، والذي وافق على المجيء في أقرب وقت ممكن.
عندما وصل الشيخ، بدأ بالتحضير لجلسة طرد الأرواح الشريرة. قام بترتيب الأغراض اللازمة وبدأ بقراءة القرآن بصوت عالٍ. بدأت الظلال تظهر وتتحرك بعنف، محاولين مقاومة الطرد. شعرت ليلى برعب شديد وهي ترى الظلال تحاول الاقتراب من أطفالها.
واصل الشيخ القراءة دون توقف، ومع كل آية كانت الظلال تتلاشى تدريجيًا. استمرت الجلسة لعدة ساعات، حتى بدأت الظلال تختفي بالكامل. مع اختفاء آخر ظل، عم الهدوء المنزل من جديد.
نصح الشيخ أحمد وليلى بإجراء تغييرات جذرية في المنزل لإبعاد أي طاقة سلبية متبقية. قام الزوجان بترميم كامل للمنزل، وغيرا الأثاث وطلاء الجدران بألوان مشرقة. كما نصحهما الشيخ بإقامة جلسات ذكر وقراءة القرآن بشكل منتظم للحفاظ على السلام في المنزل.
مرت الأيام، وعاد الهدوء مرة أخرى. شعر أحمد وليلى بالارتياح وعاشا حياة هادئة مع أطفالهما. بدأت الذكريات المخيفة تتلاشى مع مرور الوقت، ولم تظهر الظلال مرة أخرى.
رغم أن الحياة عادت لطبيعتها، إلا أن أحمد وليلى قررا عدم الاستهانة بالأحداث التي مرت عليهما. علما أن المنزل يحتفظ بأسراره القديمة وأن هناك دائمًا احتمال لعودة الرعب.
وبقيت ليلى تروي لأطفالها قصصًا عن أهمية التحصن بالدعاء وقراءة القرآن لحماية النفس والمنزل من أي شر قد يطرق بابهما مجددًا.