أحمد والمرأة الشبح
القصه:
في ليلة مظلمة وعاصفة، كان هناك منزل قديم يقبع في ضواحي المدينة، مهجور منذ سنوات طويلة. قصص عديدة كانت تروى عن هذا المنزل، كل واحدة أكثر رعبًا من الأخرى. يقول الناس إن روح امرأة تسكن المنزل، امرأة قتلت بوحشية في هذا المكان منذ أكثر من مئة عام.
كان "أحمد"، طالب في كلية الأدب، مفتونًا بالقصص الغامضة والروايات المرعبة. قرر أن يستغل عطلة نهاية الأسبوع لزيارة هذا المنزل المهجور وجمع معلومات لكتابة مقالته الجديدة. اصطحب معه كاميرا وأدوات تسجيل وبعض الأطعمة، وتوجه نحو المنزل مع غروب الشمس.
عندما وصل إلى بوابة المنزل، شعر ببرودة غريبة تسري في جسده. كان الباب الأمامي مواربًا، وكأنه يدعو الزائرين للدخول. تردد أحمد للحظة، لكنه شجع نفسه ودخل. أصوات الرياح التي تتسلل من خلال النوافذ المحطمة كانت تشبه الهمسات، والجدران المتشققة كانت تروي قصصًا من الماضي.
بدأ أحمد في استكشاف الطابق الأرضي، كل غرفة كانت مليئة بالغبار والعناكب. كانت هناك صور قديمة على الجدران، صور لعائلة تعيش هنا منذ عقود. في إحدى الصور، لاحظ أحمد امرأة بملامح حزينة، كان وجهها مليئًا بالألم. تذكر القصة التي سمعها من أهل المدينة عن المرأة التي قتلت هنا، وشعر بقشعريرة تسري في جسده.
صعد أحمد إلى الطابق العلوي، حيث قيل أن الغرف هناك كانت مسرحًا لأحداث مرعبة. عند وصوله إلى الطابق العلوي، شعر بأن الجو أصبح أكثر برودة، وكأن هناك شخصًا يراقبه. دخل إحدى الغرف الكبيرة، كانت غرفة نوم رئيسية، والسرير مغطى ببطانية ممزقة ومليئة بالغبار. فجأة، سمع صوت خطوات خلفه. استدار بسرعة، لكنه لم يجد شيئًا. شعر بالخوف لأول مرة منذ دخوله المنزل.
قرر أحمد أن يبدأ بتسجيل ملاحظاته. جلس على الأرض وأخرج دفتره وقلمه. بينما كان يكتب، بدأت الأنوار تومض بشكل غريب، وسمع صوت أنين خافت يأتي من الغرفة المجاورة. حاول تجاهل الصوت وركز على كتابته، لكن الصوت أصبح أعلى وأكثر وضوحًا.
تردد أحمد للحظة، ثم نهض ببطء وتوجه نحو مصدر الصوت. عندما فتح باب الغرفة المجاورة، وجد نفسه في غرفة صغيرة تحتوي على مرآة كبيرة قديمة. انعكس ضوء القمر عبر النافذة على المرآة، مما جعلها تتوهج بطريقة غريبة. فجأة، ظهرت صورة المرأة في المرآة، نفس المرأة التي رآها في الصورة في الطابق الأرضي. كانت تنظر إليه بعيون مليئة بالحزن والغضب.
تراجع أحمد خطوة إلى الوراء، لكنه تعثر وسقط على الأرض. في تلك اللحظة، انطفأت الأضواء تمامًا، ووجد نفسه في ظلام دامس. بدأ يشعر بيد باردة تلامس كتفه، وحاول الصراخ لكنه لم يستطع. فجأة، سمع صوت همس في أذنه يقول: "ساعدني...".
استجمع أحمد شجاعته ونهض بسرعة، وركض نحو الباب محاولاً الهروب. لكن الباب أغلق بقوة أمامه، ولم يستطع فتحه. كانت الأنفاس الباردة تلفح وجهه، وشعر أن الغرفة تزداد ضيقًا. بدأ يطرق الباب بقوة، محاولاً جذب انتباه أي شخص قد يكون بالخارج.
بعد دقائق بدت كالساعات، سمع صوتًا خلفه مرة أخرى. استدار ببطء، ورأى المرأة تقف أمامه. كانت الدموع تنهمر من عينيها، لكنها لم تكن تبدو غاضبة كما كانت في البداية. اقتربت منه ببطء وقالت بصوت متقطع: "أنا لست هنا لإيذائك، أريد فقط أن أجد الراحة... لقد قتلت بوحشية ولا أستطيع الرحيل. أحتاج أن تعرف قصتي وتنقلها للعالم."
شعر أحمد بموجة من التعاطف تجاهها. سألها: "كيف أستطيع مساعدتك؟" أجابته: "ابحث عن حقيقتي، واكتب عنها، دع العالم يعرف أنني لم أكن مذنبة، وأن العدالة لم تتحقق لي."
في تلك اللحظة، انفتح الباب ببطء، وعادت الأضواء لتضيء المكان. شعرت المرأة بالسلام وتلاشت تدريجيًا. التقط أحمد كاميرته وبدأ في التقاط الصور وتسجيل كل شيء. غادر المنزل في الصباح الباكر، محملًا بقصة جديدة ليكتب عنها، قصة عن روح تبحث عن العدالة والسلام.
عاد أحمد إلى منزله وبدأ بكتابة مقالته. تواصل مع بعض المؤرخين وعلماء الأنساب لمعرفة المزيد عن المرأة وقصتها. بعد شهور من البحث، تمكن من كشف الحقيقة: المرأة كانت بريئة، وقتلت بسبب شائعات واتهامات باطلة. نشر أحمد مقالته، ولاقت رواجًا واسعًا، وأعيد فتح التحقيق في القضية القديمة.
شعر أحمد بالفخر لأنه ساهم في تحقيق العدالة لروح كانت معذبة. لم يعد المنزل المهجور مرعبًا كما كان، بل أصبح رمزًا للأمل والعدالة، وبدأ الناس يزورونه لإحياء ذكرى المرأة والتعلم من قصتها.