قصة الحجرة المنسية
"الحجرة المنسية"
استيقظ سامر على صوت طرقات خافتة تأتي من الطابق العلوي. نظر إلى ساعته، كانت الثالثة صباحاً. زوجته نائمة بجانبه، وابنته الصغيرة في غرفتها. من يكون في الأعلى؟
نهض بحذر، متسلحاً بمصباح يدوي. صعد الدرج ببطء، محاولاً تجنب صرير الخشب تحت قدميه. الطرقات تزداد وضوحاً مع اقترابه من الطابق العلوي.
وصل إلى نهاية الدرج، وأضاء المصباح. الممر خالٍ، لكن الصوت لا يزال مسموعاً. يأتي من خلف باب في نهاية الممر. باب لم يره من قبل.
اقترب سامر من الباب بتردد. كيف لم يلاحظه طوال السنوات الثلاث التي قضاها في هذا المنزل؟ وضع يده على المقبض البارد، وفتحه ببطء.
انفتح الباب بصرير مخيف، كاشفاً عن غرفة صغيرة مظلمة. رائحة عفن قديمة تملأ المكان. أضاء سامر المصباح داخل الغرفة، ليجد جدراناً مغطاة بكتابات وأشكال غريبة.
في وسط الغرفة، كرسي هزاز قديم يتحرك وحده. الطرقات تأتي من خلفه. اقترب سامر بحذر، ليجد صندوقاً خشبياً صغيراً على الأرض خلف الكرسي.
فتح الصندوق ببطء، ليجد داخله صورة قديمة باهتة. صورة لعائلة مكونة من أب وأم وطفلة صغيرة. وجوههم مألوفة بشكل غريب.
فجأة، أدرك سامر الحقيقة المرعبة. هذه صورته مع زوجته وابنته، لكنها تعود لعشرات السنين! كيف يمكن هذا؟
سمع صوت خطوات خلفه. التفت بسرعة ليجد طفلته واقفة عند الباب، عيناها فارغتان وصوتها غريب: "لقد وجدتنا أخيراً يا أبي. حان وقت العودة."
انطفأ المصباح فجأة، وشعر سامر بأيدٍ باردة تمسك به من كل اتجاه. صرخ بأعلى صوته، لكن لا أحد سمعه.
في الصباح، استيقظت زوجة سامر لتجد السرير فارغاً بجانبها. بحثت في كل مكان، لكنه اختفى بلا أثر. الغرفة في الطابق العلوي لم تكن موجودة، والباب اختفى كما لو لم يكن هناك أبداً.
مرت السنوات، وبقي اختفاء سامر لغزاً غامضاً. لكن في بعض الليالي، يمكن سماع طرقات خافتة تأتي من الطابق العلوي، حيث لا يوجد سوى جدار صلب.
مرت خمس سنوات على اختفاء سامر. زوجته، سارة، لم تستطع تحمل ذكريات المنزل، فقررت بيعه والانتقال مع ابنتها ليلى إلى مدينة أخرى.
العائلة الجديدة التي اشترت المنزل كانت سعيدة به في البداية. لكن سرعان ما بدأت أحداث غريبة تحدث. أصوات غامضة في الليل، أشياء تتحرك من تلقاء نفسها، وشعور دائم بأن هناك من يراقبهم.
ذات ليلة، استيقظ الأب الجديد على صوت بكاء طفلة. ظن أنها ابنته، فذهب لتفقدها. وجدها نائمة بسلام، لكن البكاء استمر. تتبع الصوت حتى وصل إلى الطابق العلوي.
هناك، في نهاية الممر، ظهر باب لم يكن موجوداً من قبل. فتحه ببطء، ليجد نفسه في غرفة مظلمة. في الزاوية، رأى طفلة تجلس القرفصاء، ووجهها مخفي بين يديها.
"هل أنت بخير؟" سألها بحذر. رفعت الطفلة رأسها ببطء، كاشفة عن وجه شاحب وعينين فارغتين. "أبي؟" همست بصوت بارد، "هل جئت لتنضم إلينا أخيراً؟"
فجأة، ظهرت أشباح من كل زاوية في الغرفة. أشباح عائلات كاملة، كلهم بنفس النظرة الفارغة. من بينهم، رأى الرجل سامر وعائلته، يبتسمون ابتسامة باردة.
صرخ الرجل وحاول الهرب، لكن الباب اختفى. شعر بأيدٍ باردة تمسك به، تسحبه نحو الظلام. صرخاته اختلطت مع ضحكات الأشباح الباردة.
في الصباح التالي، اختفى الأب دون أثر. عائلته غادرت المنزل مذعورة، تاركة كل شيء وراءهم.
المنزل الآن مهجور، يقف صامتاً في نهاية الشارع. لكن السكان المحليين يقولون إنهم في بعض الليالي يرون أضواء تتحرك في نوافذه، ويسمعون أصوات ضحكات وبكاء تأتي من داخله.
والسؤال يبقى: من ستكون العائلة التالية التي ستقع في فخ "الغرفة المنسية"؟