ذكرى السلطان المملوكي برسباي
من طفل يتيم فقير ينفخ الكور عند الحداد إلى سلطان عظيم لمصر والشام يفتح قبرص ويهابه ملوك الأرض ويعلق خوذهم على بابه، ذكرى السلطان المملوكي برسباي
وهذه 13 نقطة تلخص سيرة هذا السلطان العظيم:
1) ولد في بلاد القوقاز في عام 1377 م، وكان والده حداداً فقيراً توفي عندما كان برسباي طفلا، فعمل برسباي في طفولته بالحدادة، فكان ينفخ عند الحداد بالكور ليجد ما يتقوت به، ومع اشتداد خناق الفقر، اضطرت أمه إلى إرساله مع قوافل المماليك إلى القاهرة عاصمة الدولة المملوكية ومقر الخلافة العباسية، وبهذا تضمن له حياة كريمة يتوفر فيها الغذاء والمسكن والتعليم الديني والعسكري والأدب العربي، وبعد وصول برسباي إلى القاهرة رآه الأمير دقماق المحمدي فتعاطف معه وتبناه، وعندما أصبح دقماق المحمدي حاكما على ملطية في الأناضول قام بأخذ برسباي معه، وأصبح يُعرف بإسم برسباي الدقماقي.
2) في عام 1395 م عاد برسباي إلى القاهرة حيث أصدر السلطان المملوكي برقوق أمرا لحكام المدن بإرسال المماليك من ذوي الأصول الشركسية إليه، وذلك بسبب سعي برقوق للعمل جيش خاص به متميز عن الأصول الأخرى، فعاد برسباي إلى القاهرة بعد سنوات نجح فيها في تطوير مهاراته خلال تواجده في ملطية، ومع ذلك بقي برسباي لسنوات ذو رتبة وضيعة، حيث أُسكن مع عدد كبير من المماليك في قلعة الجبل، وكان برسباي من ضمن المماليك الذين يركبون الخيول السائرة في مواكب السلطان برقوق وبعد وفاة برقوق عام 1399م أصبح برسباي أحد سُقاة السلطان المملوكي فرج بن برقوق.
3) في عهد السلطان المملوكي فرج وقعت فتن كبيرة بين المماليك، فكان برسباي من ضمن المماليك الكثر الذين هربوا إلى بلاد الشام، ثم انضم برسباي لقوات الأمير المملوكي نوروز الذي تمرد مع الأمير شيخ على السلطان فرج، وبعد مقتل السلطان فرج عام 1411م، أصبح الخليفة العباسي عباس المستعين سلطاناً على المماليك، وأصبح الأمير شيخ قائد قوات مصر والأمير نوروز قائد قوات بلاد الشام، وفي عام 1412م وقعت الفتنة بين الأمير نوروز والأمير شيخ والذي أصبح سلطاناً على المماليك.
4) خلال فترة تواجد برسباي في بلاد الشام تقرب من الأمير ططر وتزوج ابنته وهو أمير مملوكي طموح ويسعى لمنصب السلطنة، وخلال فترة الفتنة بين الأمير نوروز والسلطان شيخ، كان ططر وبرسباي من ضمن قوات نوروز، فتواصل الأمير ططر مع السلطان شيخ، ونجح ططر في الإنقلاب على الأمير نوروز لصالح السلطان شيخ، وبهذا عاد ططر وبرسباي إلى مصر وأصبحوا من المقربين للسلطان شيخ، وتم تعيين برسباي مسؤولا عن فحص الجسور في أرجاء مصر والشام فكانت هذه أول وظيفة مهمة يتولاها برسباي والتي منها استطاع أن يجمع معلومات شاملة عن مناطق الدولة واستطاع أن يبني علاقات مع الأمراء المماليك وكبار القوم.
5) في عام 1417م قام السلطان المملوكي شيخ بتعيين برسباي حاكما على طرابلس الشام، وفي عام 1418م وقعت معركة بين برسباي والتركمان فانهزم برسباي، فغضب عليه السلطان شيخ وأقاله من منصبه وسجنه في قلعة المرقب مدة، فتوسط له حماه الأمير ططر فخرج برسباي من السجن، وتم تعيينه مقدماً على ألف جندي في دمشق واستمر في هذا المنصب إلى أن توفي السلطان شيخ عام 1421م وتولى الحكم السلطان أحمد بن شيخ، وفي نفس العام نجح الأمير ططر في السيطرة على الحكم، فتمرد الأمير جقمق في دمشق وبقي برسباي وفياً للسلطان ططر، فقام جقمق بسجن برسباي في قلعة دمشق، ولكن الأمير ألطنبغا قضى على تمرد جقمق وأخرج برسباي من السجن.
6) في عام 1421م قام السلطان المملوكي ططر بتعيين برسباي بمنصب الداويدار الكبير، وهو منصب مهم أنذاك، وهو في زماننا قريب من منصب رئيس الديوان الملكي، ولكن سريعاً بدأ ططر يشعر بدنو أجله فعين برسباي وصياً على ولده محمد بن ططر، وتوفي السلطان ططر عام 1421م وتولى السلطان محمد بن ططر، وكان برسباي مدبر دولته، ولم يستعجل في خلعه وأخذ الحكم منه، حيث قضى أولاً على الأميرين المنافسين له الأمير جاني والأمير طرباي.
7) في عام 1422م أصبح برسباي سلطاناً على المماليك، بعد خلعه للسلطان محمد بن ططر، وقام الخليفة العباسي الثامن والأربعون داود المعتضد بتنصيبه، ولم يسجن محمد بن ططر بل رتب أموره ليعيش معززا ًمكرماً، وسمح له بالخروج فقط يوم الجمعة لزيارة قبر والده، ولاحقا جعل السلطان محمد بن ططر رفيقا دائما له ولولده، وأصدر برسباي قراراً بمنع تقبيل الأرض عند تحية الحاكم، ورفض توزيع الهبات على المماليك بمناسبة توليه للعرش على عادة من أتى قبله، ونجح في القضاء على تمرد حاكم صفد وبهسنا، واستفاد برسباي من تنقله سابقا بين البلاد فجلب رجالاً أكفاء من مختلف الأرجاء وعينهم في مختلف المناصب فاستقرت دولته.
8) في عام 1425م أرسل جيشا لتحرير جزيرة قبرص، وكانت جزيرة قبرص قد فتحت زمن الخليفة الراشدي عثمان بن عفان (ر) عام 648م، ولكنها ضاعت عام 965م بعد قيام العبيديين بتسليمها للفرنجة، وفي عهد برسباي كثرة غارات القراصنة القادمين من قبرص على الإسكندرية ودمياط، وهذا ما جعل برسباي يرسل لها جيشا كان فيه حاكم دمشق وحلب وصفد وطرابلس، وعندما وصلوا الجزيرة وقع قتالاً شديداً، حيث كان القبارصة مستعدين لهم، وقتل شقيق ملك قبرص وأسر الملك يانوس، وتم إرساله مقيداً إلى السلطان برسباي، وقام بتعليق خوذة ملك قبرص على باب المدرسة الأشرفية.
9) في عام 1432م قام السلطان برسباي بقيادة حملة غزا فيها دولة الخراف السود، وقام بتوسعة حدود دولة المماليك شرقا، وكاد يسيطر على مدينة دياربكر لولا إنشغاله بأخبار مؤامرة يقوم بها عدد من قادته، ومع ذلك انتصر على ملك الخراف السود قره اسكندر الذي حلف للسلطان برسباي وقدم له الأموال، وأخذ برسباي خوذته وعلقها في دهليز المدرسة الأشرفية.
10) كان برسباي حاكما يهابه ملوك الأرض فقد انتصر على ملك قبرص وملك الخراف السود، وأذل رسل إمبراطور الدولة التيمورية شاه رخ بسبب أنهم في رسالتهم طلبوا من برسباي أن يدخل في طاعة شاه رخ بن تيمورلنك كما فعل باقي ملوك غرب آسيا، وكذلك رفض رجاء الإمبراطور البيزنطي بأن لا يغزو قبرص، وأمن حقوق