البيت المهجور فى قرية صغيره
العنوان: *البيت المهجور*
في قرية صغيرة، تقع بين جبال شاهقة وغابات كثيفة، كان هناك بيت مهجور يثير رعب كل من يمر به. لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه، حيث ترددت القصص عن الأرواح الشريرة والأحداث المرعبة التي حدثت داخله.
في إحدى الليالي الباردة والمظلمة، قرر أربعة أصدقاء مغامرة استكشاف البيت المهجور. كانوا قد سمعوا الكثير من الحكايات المخيفة، ولكن رغبتهم في اكتشاف الحقيقة كانت أقوى من خوفهم. اتفقوا على اللقاء عند بوابة البيت عند منتصف الليل.
عندما اقتربوا من البوابة، شعروا بريح باردة تهب عليهم، وكأنها تحذرهم من الدخول. ترددوا قليلاً، لكن أحدهم، ويدعى أحمد، قرر فتح البوابة ودخول الحديقة. تبعه الآخرون بحذر، وكانت أصوات خطواتهم على الأرضيات الخشبية المهترئة تملأ المكان.
كانت الحديقة مهملة، والأعشاب تنمو في كل مكان. كانت هناك تماثيل حجرية متآكلة وكأنها تراقبهم بعيون فارغة. توقفوا أمام باب البيت الكبير، وكان مفتوحًا قليلاً، مما زاد من إحساسهم بالخوف. دفع أحمد الباب ودخلوا جميعًا إلى الداخل.
كان البيت مظلماً، باستثناء ضوء القمر الخافت الذي يتسلل من النوافذ المحطمة. تردد صدى خطواتهم في الممرات الواسعة، وشعروا ببرودة غير طبيعية تغمرهم. كانت الجدران مغطاة بغبار السنين، وأثاث البيت متناثر ومهمل.
بينما كانوا يسيرون في الممرات، سمعوا صوتًا غريبًا يأتي من الطابق العلوي. تجمدوا في أماكنهم، ونظروا إلى بعضهم البعض بعيون متسعة من الرعب. قال خالد، وهو الأكثر شجاعة بينهم، "يجب أن نتحقق من الأمر." صعدوا الدرج بحذر، وكانت كل خطوة تصدر صريرًا مخيفًا.
عندما وصلوا إلى الطابق العلوي، وجدوا أنفسهم في ممر طويل مليء بالأبواب. فتحوا أحد الأبواب ووجدوا غرفة نوم مهجورة. كانت هناك سرير قديم ومكتبة مليئة بالكتب المغبرة. وبينما كانوا يتفحصون الغرفة، شعروا ببرودة مفاجئة وانطفأت الأضواء التي كانت معهم.
صرخت ليلى، "ماذا يحدث هنا؟" وأمسكت بيد أحمد بشدة. حاولوا إعادة تشغيل الأضواء، لكنهم فشلوا. فجأة، سمعوا صوت ضحكة شريرة قادمة من الزاوية المظلمة للغرفة. التفتوا جميعًا باتجاه الصوت، ورأوا ظلًا يتحرك ببطء نحوهم.
أصابهم الرعب وشعروا بأنهم لا يستطيعون التحرك. اقترب الظل أكثر، واتضح لهم أنه شبح لامرأة ترتدي ثوبًا أبيض ممزقًا. كانت عيونها مليئة بالحقد والغضب. بدأت المرأة تتحدث بصوت مخيف، "لماذا أتيتم إلى هنا؟ هذا البيت ملعون، وكل من يدخله يلقى مصيره."
بدأ الأصدقاء بالركض هربًا، لكن الأبواب كانت تغلق أمامهم بقوة. كانوا محبوسين داخل البيت المرعب. تذكر أحمد قصة قديمة عن هذا البيت، كان يقال إن امرأة ماتت فيه بطريقة غامضة، وروحها لا تزال تسكن هنا تنتقم من كل من يدخل.
حاول الأصدقاء البحث عن مخرج، لكنهم كانوا يضيعون في متاهة الممرات والغرف. كلما حاولوا فتح باب، كان ينغلق بقوة أمامهم. كانت أصوات الضحك والهمسات تتبعهم في كل مكان. شعرت ليلى بأنها لم تعد تحتمل، وبدأت بالبكاء.
في النهاية، وصلوا إلى غرفة معيشة كبيرة، حيث وجدوا نافذة مفتوحة تطل على الحديقة الخلفية. قفزوا واحدًا تلو الآخر، وأخيرًا خرجوا من البيت المرعب. عندما وصلوا إلى الشارع، شعروا بارتياح شديد، لكنهم لم ينسوا أبدًا تلك الليلة المخيفة.
عادوا إلى القرية، وأقسموا أن لا يعودوا إلى ذلك البيت أبدًا. كانت التجربة قد علمتهم درسًا قاسيًا، وهو أن بعض الأماكن مليئة بالأسرار المظلمة التي يجب أن تُترك وشأنها.
بينما كانوا يلتقطون أنفاسهم بعد الهروب من البيت، نظروا إلى بعضهم البعض وأدركوا أنهم كانوا محظوظين بالبقاء على قيد الحياة. قال خالد بصوت مرتجف: "لقد كنا حمقى لنخاطر بحياتنا من أجل مغامرة."
لم ينسوا تلك الليلة بسهولة، حيث كانت الرؤى المخيفة تراودهم في أحلامهم. كانت الضحكات الشريرة والهمسات تلاحقهم في كل مكان. بدأ الأصدقاء يتجنبون الحديث عن ما حدث، لكن أثر تلك الليلة ظل محفورًا في أذهانهم.
مرّت الأيام والأسابيع، وعادوا إلى حياتهم اليومية، لكن شيئًا ما كان مختلفًا. شعروا بأن هناك شيئًا غريبًا يحدث حولهم. كان أحمد يسمع خطوات غامضة في الليل، وليلى كانت ترى ظلالاً تتحرك في أرجاء بيتها. حاولوا إقناع أنفسهم بأنها مجرد أوهام ناتجة عن الصدمة، لكن الشعور بالخوف كان يزداد.
ذات ليلة، بينما كان أحمد جالسًا في غرفته يدرس، سمع صوت طرق خفيف على نافذته. نهض ليفتح النافذة، ولم يجد شيئًا سوى الرياح تهب برفق. عندما عاد إلى مكتبه، وجد رسالة مكتوبة بخط يد قديم على ورقة صفراء. كانت الرسالة تقول: "لم تنتهِ القصة بعد."
أصابه الرعب وأخبر أصدقاءه بما حدث. قرروا أن يجتمعوا مرة أخرى لمناقشة الأمر. اتفقوا على أن يزوروا شيخ القرية، رجل مسن حكيم يعرف الكثير عن تاريخ القرية والبيت المهجور. عندما أخبروه بما حدث، نظر إليهم بجدية وقال: "البيت المهجور ليس مكانًا عاديًا. إنه مسكون بروح امرأة قتلت ظلماً. روحها لا تزال تبحث عن الانتقام."
اقترح الشيخ عليهم القيام بطقوس معينة لإرضاء الروح وتحريرها من عذابها. وافقوا على الفور، فقام الشيخ بتجهيز الأدوات اللازمة وأخذهم إلى البيت المهجور مرة أخرى. دخلوا البيت مع الشيخ الذي بدأ يتلو تعاويذ ويدهن الجدران بزيوت مقدسة.
كانت الأجواء مشحونة بالرعب، لكنهم كانوا مصممين على إنهاء الكابوس. فجأة، ظهرت الروح مرة أخرى، لكنها كانت هادئة هذه المرة. نظرت إليهم بعينيها الحزينة، وقالت بصوت مخنوق: "أشكر لكم مساعدتكم. كنت أحتاج إلى من يفهم معاناتي."
ثم اختفت الروح ببطء، وشعروا بأن البيت قد عاد إلى هدوئه. كانت الليلة مرهقة، لكنهم شعروا بالراحة لأنهم ساعدوا في تحرير الروح المعذبة. عادوا إلى القرية، وعاشوا حياتهم بسلام، لكنهم لم ينسوا الدرس الذي تعلموه: أن بعض الأماكن تحتفظ بأسرار يجب التعامل معها بحذر واحترام.