سحر. الورد الابيض
**سحر الورد الأبيض**
في أحد الأحياء القديمة بمدينة القاهرة، كان هناك مقهى صغير يدعى "المذاق القديم". كان هذا المقهى يتمتع بسحر خاص، حيث كان يرتاده الكثير من الناس لتبادل الأحاديث وتناول القهوة. هناك، في زاوية مريحة، التقى يوسف وليندا.
كان يوسف شابًا في أواخر العشرينات، يعمل ككاتب في إحدى الصحف المحلية. كانت طموحاته كبيرة، ولكن حلمه الأكبر كان العثور على الحب الحقيقي. أما ليندا، فقد كانت طالبة في السنة الأخيرة بكلية الفنون الجميلة، تتمتع بشغف كبير بالرسم والتصميم.
في صباح أحد الأيام الجميلة، دخلت ليندا المقهى بعد أن سئمت من الدراسة في المكتبة. جلست على الطاولة المجاورة لشباك المقهى، حيث كان الضوء يتسلل برفق، مضيفًا لمسة من الدفء إلى المكان. يوسف كان هناك أيضًا، مشغولًا بكتابة مقال جديد. فجأة، شعر بشيء مختلف في الجو. رفع عينيه ليرى ليندا، التي كانت مشغولة بدفتر الرسم الخاص بها.
بمرور الوقت، بدأ يوسف يلاحظ ليندا أكثر. كانت تجلس دائمًا في نفس المكان، تملأ دفترها بالألوان والرسوم. قرر ذات يوم أن يقدم لها قهوة كعربون للتعرف عليها. اقترب منها بهدوء وقال: “أهلاً، أعتقد أنك بحاجة إلى استراحة قصيرة. هل تودين شرب قهوة معي؟”
رفعت ليندا عينيها، مدهوشة من هذه المبادرة غير المتوقعة. ابتسمت وقالت: “شكراً، لكنني لا أشرب القهوة عادةً. ربما تود مشاركتي في فنجان من الشاي؟”
ومن هنا بدأت قصتهما. أصبح المقهى مكانًا مفضلًا لكليهما، حيث قضيا ساعات يتبادلان الحديث عن الأحلام، والفن، والحياة. كان يوسف مذهولاً بجمال رسومات ليندا وعمق أفكارها. وفي المقابل، أعجبت ليندا بكلمات يوسف المؤثرة وحبّه للكتابة.
مع مرور الأسابيع، نمت مشاعرهما تجاه بعضهما البعض. كان يوسف يكتشف أن حبه للكتابة كان يستمد قوته من وجود ليندا، بينما كانت ليندا ترى في يوسف مصدر إلهام لعملها الفني. كلاهما كان يشعر بأن الحياة أصبحت أكثر إشراقًا وسحرًا بفضل الحب الذي جمع بينهما.
ثم جاء يوم خاص، حين قرر يوسف أن يفاجئ ليندا برسالة مكتوبة بخط يده، يعبّر فيها عن مشاعره العميقة. في تلك الرسالة، كتب: “منذ أن عرفتك، شعرت أن حياتي قد اكتملت. أنتِ الرسم الذي لم أتمكن من رسمه، والألوان التي لم أستطع أن أضفيها على حياتي. هل توافقين أن تقضي معي باقي أيام حياتك؟”
أخذت ليندا الرسالة بيدين مرتجفتين، وقرأت الكلمات التي أثرت في قلبها. نظرت إلى يوسف، ورأت في عينيه صادقاً وكبيراً كالبحر. ابتسمت وقالت: “نعم، أوافق. لأنني أيضاً أشعر أن الحياة دونك ستكون ناقصة.”
كان هذا هو بداية قصة جديدة لهما، حيث تعهدوا بأن يواصلوا بناء حياتهم سوياً، يدعمان بعضهما البعض ويشاركان أفراحهما وأتراحهما. وبفضل الحب الذي جمع بينهما، أصبحا مثالاً للجمال الحقيقي والصدق في العلاقات الإنسانية.
وفي نهاية المطاف، عادت الحياة إلى المقهى، حيث أصبح المكان رمزاً للحب الذي يزهر في كل زاوية من زواياه، ليبقى ذكرى خالدة لحب لا ينسى.