قصة الشقه المهجوره
في ليلة مظلمة وباردة في أحد الأحياء القديمة، كانت هناك شقة مهجورة تُحيط بها الأشجار الكثيفة، لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منها. الشائعات كانت تدور حولها لسنوات، تقول إن كل من يدخلها لا يعود.
في إحدى الليالي، قرر "سامي"، وهو شاب مغامر يعشق استكشاف الأماكن المهجورة، أن يكسر هذا الحظر ويكتشف حقيقة الشقة بنفسه. جمع معدات بسيطة كالضوء الكاشف وكاميرا، ودخل إلى المبنى المتروك.
عندما وصل سامي إلى الشقة المقصودة، وجد الباب مفتوحًا وكأن أحدًا كان بانتظاره. دخل بحذر، كان الجو داخل الشقة ثقيلًا بشكل لا يمكن تفسيره، وكأن الهواء نفسه يختنق. أضاء الكشاف ليكشف عن غرفة معيشة مليئة بالأثاث القديم، غطتها طبقة سميكة من الغبار.
لاحظ سامي شيئًا غير عادي؛ كل شيء في الشقة بدا وكأنه توقف فجأة في منتصف حركة. ساعة الحائط كانت متوقفة عند الثانية والنصف، ولم يكن هناك أي صوت سوى أنفاسه المتسارعة.
بدأ سامي بالتجول في الغرف، وفي كل غرفة كان الشعور بالخوف يتزايد. وصل أخيرًا إلى غرفة النوم، حيث كانت توجد مرآة كبيرة تغطي جدارًا كاملاً. اقترب منها وبدأ يشعر بقشعريرة غير مبررة.
عندما نظر إلى المرآة، رأى في البداية انعكاسه، ولكن بعد لحظات بدأت صورته تتلاشى، وظهرت بدلاً منها صورة رجل عجوز بملامح شاحبة وعيون غارقة في الظلام. هذا الرجل بدأ يقترب من سطح المرآة وكأنه يحاول الخروج منها. حاول سامي الابتعاد، ولكن قدميه تجمدتا في مكانهما.
فجأة، سمِع سامي صوتًا همسيًا يقول: "لقد تأخرت كثيرًا، لقد أخذتنا المرآة جميعًا". ارتجف جسده وعندما التفت ليرى مصدر الصوت، وجد أن باب الغرفة قد أغلق، ولم يعد هناك مفر.
حاول الهروب، ولكنه وجد أن كل الأبواب قد اختفت، ولم يعد هناك سوى جدران صلبة. تزايدت الهمسات حوله، وكأنها أصوات أشخاص كثيرين محبوسين في هذه الجدران. المرآة بدأت تتشقق، وظهرت منها أيدي هزيلة مشوهة، تحاول سحبه إلى الداخل.
في لحظة من الذعر الشديد، سقط سامي على الأرض، وبدأ يزحف نحو النافذة الوحيدة في الغرفة، ولكنها كانت بعيدة جدًا. وفي تلك اللحظة، شعر بيد باردة تلتف حول كاحله وتجره نحو المرآة. حاول الصراخ، لكن صوته كان يختفي مع كل محاولة.
وبينما كان يُسحب ببطء نحو المرآة، كان يشاهد انعكاسه مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان هو الذي يحاول الخروج منها بينما العالم خلفه يتلاشى. عندما وصل جسده إلى المرآة، شعر بألم شديد وكأن شيئًا يمزق روحه.
استيقظ سامي فجأة، وجد نفسه في سريره، يتصبب عرقًا. كان كل شيء يبدو وكأنه حلم مروع. ولكن عندما نظر إلى المرآة في غرفته، رأى نفس الرجل العجوز ينظر إليه من الجانب الآخر. حاول التحرك، لكنه كان عاجزًا.
بقي سامي محبوسًا في المرآة، تمامًا كما حدث لمن سبقوه، وكانت الشقة القديمة تستعد لابتلاع ضحيتها القادمة.