البيت المهجور على التل

البيت المهجور على التل

0 المراجعات

 

                                                                                (البيت المهجور على التل)

 

في بلدة صغيرة محاطة بالغابات الكثيفة، كان هناك بيت قديم مهجور يقع على قمة تل. لم يكن أحد يعرف من أين جاء هذا البيت أو لماذا اختار صاحبه العزلة التامة. كل ما كان يعرفه سكان البلدة هو أن البيت كان يثير الفضول والخوف في الوقت نفسه.

ذات مساء عاصف، قرر مجموعة من الأصدقاء، وهم ليلى وسامي ونادر وعلا، أن يختبروا شجاعتهم ويكتشفوا أسرار البيت. كان لديهم الكثير من القصص المرعبة عن البيت: عن أصوات غريبة، وأضواء غير مبررة، وأحياناً رؤى أشخاص غير مرئيين. لكنهم لم يتوانوا عن الذهاب في هذه المغامرة المثيرة.

عندما وصلوا إلى البيت، كانت السماء ملبدة بالغيوم والرياح تعصف بالأشجار، مما جعل الأجواء أكثر رهبة. فُتِح الباب الأمامي بصعوبة، وحدث صريرًا مزعجًا جعل الأعصاب مشدودة. دخلوا المنزل، وكانت المفاجأة الأولى أن المكان كان كما وصفه الناس، بل وأكثر قسوة. الغبار يملأ الأثاث، واللوحات القديمة تتدلى بشكل مائل على الجدران.

بدأوا بالتجول في الغرف، وكانت كل واحدة منها تبدو وكأنها تحتوي على قصة حزينة. في إحدى الغرف، وجدوا صورة قديمة لعائلة ترتدي ملابس عتيقة، ووجه الرجل في الصورة كان يحمل نظرة غامضة.

فجأة، سمعوا صوت صرير يأتي من الطابق العلوي. ترددوا للحظة، لكن الفضول دفعهم للصعود. على الدرج المتهالك، تخلل نور المصباح اليدوي الظلام وظهر أمامهم باب مغلق بإحكام. بعد محاولة فتح الباب، سمعوا صوتًا خافتًا يأتي من الداخل، كما لو كان شخصاً يهمس.

عندما فتحوا الباب، وجدوا غرفة صغيرة مليئة بالكتب القديمة وأغراض غريبة. في الزاوية، كان هناك صندوق خشبي مغطى بالغبار. قرر سامي فتح الصندوق، واكتشف بداخله مجموعة من الرسائل القديمة وصورة أخرى لعائلة، لكن هذه المرة العائلة تبدو حزينة ومهزومة.

بينما كانوا يقرؤون الرسائل، بدأت أصوات غريبة تأتي من جميع الاتجاهات. بدأت الغرفة تملأ بأضواء خافتة، وظهرت أشباح ضبابية تتحرك في الأرجاء. الصرخات التي أطلقوها كانت تملأ المكان، لكنهم حاولوا البقاء هادئين وعدم فقدان أعصابهم.

قررت ليلى وفريقها العودة بسرعة إلى الطابق السفلي، لكن الطريق أصبح مغلقًا بظلال متحركة. عرفت ليلى أن الطريقة الوحيدة للخروج من هذا الكابوس هي معرفة سر البيت. بالعودة إلى الرسائل، اكتشفوا أن العائلة التي ظهرت في الصور كانت تعيش في هذا المنزل قبل قرن من الزمان، وأنها تعرضت لحادث مروع أدى إلى وفاتهم جميعًا في ظروف غامضة.

مع مرور الوقت، عرفوا أن الروح التي كانت تعذبهم كانت روح رب الأسرة الذي كان يحاول إيجاد طريقة للانتقام من أولئك الذين تسببوا في مأساة عائلته. وبعد أن علموا بحقيقة هذا السر، قرروا القيام بطقوس قديمة لطرد الروح.

بينما كانوا يؤدون الطقوس، بدأت الأرواح في الغرفة تتلاشى، والضباب يتبدد. لكن لحظة الخروج من المنزل، شعروا بأن شيئًا ما قد تغير فيهم، وكأنهم أخذوا جزءًا من هذا البيت معهم.

حين عادوا إلى البلدة، لم يجرؤوا على الحديث عن ما حدث لهم، لكنهم جميعًا كانوا يعلمون أن تلك الليلة قد غيرت حياتهم إلى الأبد. وعاد البيت المهجور إلى صمته، بينما ظلت الأشباح داخله تنظر إلى الخارج، في انتظار القادم التالي الذي قد يجرؤ على دخول تلك الأسرار المظلمة.

 

…………..

 

بعد مغامرتهم في المنزل، عاد الأصدقاء إلى حياتهم اليومية، ولكنهم لم يستطيعوا نسيان تلك الليلة الرهيبة. تخللت كوابيسهم بأحداث مرعبة، وبدأوا يشعرون بنظرات غير مرئية تلاحقهم.

مرت الأسابيع، وبدأت ليلى تشعر بأن هناك شيئاً غير طبيعي يحدث حولها. في كل مرة كانت تغلق باب منزلها، تجد في اليوم التالي أن الباب قد فتح قليلاً، وكأن أحداً كان يحاول الدخول. بدأت تعثر على أشياء في أماكن غير التي وضعتها فيها، وكأن هناك من يعبث بممتلكاتها.

في أحد الأيام، تلقت ليلى رسالة غامضة عبر البريد. كانت الرسالة مكتوبة بخط قديم، وتحتوي على كلمات غامضة تحذرها من العودة إلى المنزل المهجور. لكنها لم تكن متأكدة من مصدر الرسالة أو هدفها، ومع ذلك، بدأت تشعر بقلق أكبر.

أدرك الأصدقاء أنهم لا يستطيعون تجاهل الأمر أكثر. قرروا العودة إلى المنزل المهجور للبحث عن حل نهائي لتلك اللعنة التي بدت أنها تتبعهم. عندما وصلوا إلى هناك، وجدوا أن الباب الأمامي قد جُدد وطلاءه أصبح جديداً، وكأن المنزل حاول أن يظهر بمظهر مختلف.

دخلوا المنزل مرة أخرى، وأصبحوا يتنقلون بسرعة بين الغرف بحثاً عن أي دلائل جديدة. في غرفة أخرى كانت مغلقة بشكل غريب، اكتشفوا صندوقاً آخر، لكن هذه المرة كان الصندوق يحتوي على مجموعة من الكتب القديمة التي تحتوي على طقوس سحرية وعقوبات. بدا أن هذه الكتب كانت تحتوي على وصف تفصيلي لكيفية إلقاء اللعنة على المنزل، وكيفية إبطالها.

بينما كانوا يدرسون الكتب، ظهرت ضبابية كثيفة في الغرفة، وبدأت الأضواء تتراقص. استشعروا وجوداً مكثفاً، وكأن الروح كانت تراقبهم من الظلال. استخدموا الطقوس التي تعلموها في محاولة لطرد الروح إلى الأبد.

مع مرور الوقت، أصبحت الأجواء أكثر هدوءاً، وبدأت الأصوات المزعجة تهدأ. استمرت الطقوس لساعات، حتى بدأت الإشارات على الجدران تتلاشى وتعود الأمور إلى طبيعتها. شعروا بالإرهاق ولكنهم كانوا متفائلين.

أخيراً، قرر الأصدقاء أنهم لا يمكنهم البقاء في المنزل المهجور أكثر من ذلك. أثناء مغادرتهم، لم يشعروا بأي من تلك المشاعر المرعبة التي لاحقتهم سابقاً. وصلوا إلى البلدة وتأكدوا من أن كل واحد منهم يشعر بالراحة بعد أن عادت الأمور إلى طبيعتها.

ورغم أنهم لم يعودوا إلى المنزل المهجور، كانت تلك التجربة قد غيرت حياتهم بشكل دائم. تعلموا أن هناك أسراراً لا يجب العبث بها، وأن هناك قوة مظلمة يمكن أن تلاحقهم إلى الأبد إذا لم يحترموا حدودها.

وتبقى القصة في الأذهان تحذيرًا لمن يفكر في التسلل إلى الأماكن المهجورة واختبار المجهول، لأن بعض الأسرار قد تكون أفضل إذا لم تُكشف أبداً.

---

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

3

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة