الضوء الذي لا ينطفئ
(الضوء الذي لا ينطفئ)
في إحدى القرى النائية، كانت هناك كوخ قديم مهجور على حافة الغابة. منذ سنوات، كان أهل القرية يتجنبون الاقتراب منه، لأنهم كانوا يسمعون دائمًا عن الضوء الخافت الذي لا ينطفئ في الليل. هذا الضوء كان يظهر من نوافذ الكوخ، حتى عندما تكون الكهرباء مقطوعة في المنطقة.
ذات ليلة عاصفة، قرر شاب مغامر يُدعى سامي استكشاف الكوخ. لم يكن يؤمن بالخرافات، وكان يعتقد أن كل ما يُقال عن الكوخ ما هو إلا خرافات. عندما وصل إلى الكوخ، وجد الباب مخلوعًا عن مفصلاته. دخل ببطء، وتسللت الرطوبة من كل زاوية. في وسط الغرفة، كان هناك مصباح زيتي مغطى بالغبار، لكن الضوء كان ينبعث منه بشكل غريب.
بفضول، قرر سامي أن يقترب من المصباح. لكن مع كل خطوة يخطوها، شعر ببرودة غريبة تتسرب إلى جسده. بمجرد أن لمس المصباح، انطفأ الضوء فجأة، وغطت الظلمة الغرفة بشكل كامل.
بدأت أصوات خافتة تنبعث من كل زاوية، وأصبح سامي يشعر بلمسات خفيفة على جلده، وكأن شيئًا غير مرئي يتلاعب به. حاول الهروب، لكن الباب الذي دخل منه كان مغلقًا بإحكام، مهما حاول دفعه.
وفي لحظة من الرعب الممزوج باليأس، ظهر ضوء من جديد، لكنه لم يكن الضوء الذي رأه في البداية. كان الضوء الآن يتلألأ بألوان مرعبة ويأخذ شكل الوجوه المشوهة التي تطفو في الهواء. كل وجه كان يظهر معاناته وكأنه يطلب المساعدة.
سامي أدرك أن هذا الكوخ كان مكانًا محاصرًا للأرواح التي لم تجد السلام، وأن الضوء الذي لا ينطفئ كان تحذيرًا لأولئك الذين يجرؤون على دخوله. مع كل لحظة تمر، أصبحت الوجوه أكثر وضوحًا، وصرخات الأرواح تعلو في الأفق. في النهاية، انهار سامي من الرعب، وتركه الكوخ دون أي أثر له.
في صباح اليوم التالي، وجدت القرية الكوخ مغلقًا تمامًا كما كان من قبل، والمصباح الزئتي كان مضاءً بشدة، يبعث نورًا يخفي وراءه أسرارًا لا يمكن تفسيرها.
---
**الضوء الذي لا ينطفئ - الجزء الثاني**
بعد اختفاء سامي، أصبح الكوخ موضوعًا لأحاديث القرويين، ولكنهم لم يجرؤوا على الاقتراب منه. بعد مرور عام، قرر ثلاثة أصدقاء، ليلى وعلي وسعيد، أن يستكشفوا الكوخ بدافع الفضول والتحدي. كانوا يسمعون عن اختفاء سامي، لكنهم اعتقدوا أنه مجرد حكايات.
في أحد ليالي الشتاء القارس، وصل الأصدقاء إلى الكوخ مع معداتهم وأجهزة الإضاءة الخاصة بهم. حين دخلوا، كان الجو في الداخل باردًا وعفنًا، تمامًا كما وصفته القصص. لكنهم لم يجدوا المصباح الزئتي، بل وجدوا مكانه صندوقًا قديمًا.
فتحوا الصندوق بحذر، ووجدوا بداخله مجموعة من الصور القديمة وأوراق مكتوبة بخط يد غير معروف. كان هناك اسم سامي مكتوب على أحد الأوراق، وبتفحص الصور، اكتشفوا أن بعض الوجوه في الصور كانت مشوهة بشكل مخيف وتبدو مألوفة. كانت تبدو وكأنها صور لأشخاص اختفوا من القرية.
بينما كانوا يدرسون الصور، بدأوا يسمعون أصواتًا غامضة تنبعث من جميع أنحاء الكوخ. الصوت كان مثل همسات خافتة، تزداد قوة بمرور الوقت. حاول الأصدقاء استخدام أجهزة الإضاءة الخاصة بهم، ولكن كلما أضاءوا الغرفة، كانت الأنوار تتلاشى بسرعة.
ثم بدأت الأصدقاء يشعرون بتغيرات غير مريحة في البيئة المحيطة. بدأت جدران الكوخ تتغير بشكل غير طبيعي، وكأنها تنزلق وتتبدل الأشكال. في إحدى اللحظات، وجدوا أنفسهم في غرفة غير معروفة، وكان هناك باب خشبي عتيق يضيء بنور خافت.
فتحوا الباب بحذر، ليجدوا أنفسهم في حديقة غامضة مليئة بالأشجار المتشابكة والضباب الكثيف. في وسط الحديقة كان هناك تمثال مغطى بالنباتات، وعندما اقتربوا منه، رأوا أنه يحمل وجوهًا مرعبة تشبه تلك الموجودة في الصور التي وجدوها.
بينما كانوا يحاولون فهم ما يحدث، بدأ التمثال ينبض بحركة حية، وعندما تحركوا بعيدًا عنه، بدأ الضباب يزداد كثافة، وكان كلما اقتربوا من حافة الحديقة، يظهر لهم مشهد جديد من ماضي القرية، مع أصوات صرخات مختلطة.
أخيرًا، تمكن الأصدقاء من العودة إلى الكوخ، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين داخل دائرة من الضوء التي تحيط بالمكان. الضوء كان يتغير باستمرار، مع ظهور ألوان وأشكال غريبة. مع كل محاولة للهروب، كان الضوء يزداد قوة، حتى أدركوا أنهم قد أصبحوا جزءًا من اللغز الذي طالما حاولوا فهمه.
عندما بدأ الفجر يشرق، وجد القرويون الكوخ مغلقًا تمامًا، ولم يظهر الأصدقاء في أي مكان. لكنهم سمعوا من بعض الذين اقتربوا من الكوخ في الأيام التالية أنهم رأوا ضوءًا خافتًا يتلألأ في النوافذ، مع همسات غامضة تملأ الأجواء. وظل الكوخ، مرة أخرى، مكانًا غامضًا، يخفي أسرارًا لا يمكن كشفها.
—
---
**الضوء الذي لا ينطفئ - الجزء الثالث**
مع مرور الوقت، أصبحت أحداث اختفاء الأصدقاء الثلاثة موضوعًا للحديث بين القرويين، لكن لا أحد كان يجرؤ على الاقتراب من الكوخ. ومع ذلك، ظهر جيل جديد من الشباب الذين كانوا مغرومين بالأسرار والخرافات، وأحدهم كان شابًا يُدعى فهد، عازمًا على كشف الحقيقة وراء الكوخ المخيف.
في إحدى الأمسيات الباردة، قرر فهد أن يذهب إلى الكوخ بمفرده، مدججًا بالكاميرات والمعدات الحديثة لتوثيق كل شيء. كما عزم على عدم الاستسلام مهما حدث، وبدأ رحلته إلى الكوخ الملعون.
عند وصوله، وجد الكوخ كما هو، مغلق ومهجور. لكنه لم يتردد، وكسر قفل الباب ودخل. أضاء المصباح الكهربائي الخاص به، وأخذ يجول في أرجاء الكوخ، محاولاً إيجاد أي أدلة على الأحداث الغامضة التي جرت.
بينما كان يستعرض الغرف، وجد نفسه في تلك الغرفة التي اختفى فيها سامي والأصدقاء، لكنه لم يكن هناك أي أثر للصندوق أو الصور القديمة. فجأة، شعر بشيء غريب تحت قدميه، وعندما نظر إلى الأسفل، اكتشف مدخلًا سريًا مخفيًا تحت الأرضية.
فتح فهد المدخل بعناية، ليجد درجًا يؤدي إلى قبو مظلم. نزل الدرج ببطء، ووجد نفسه في غرفة تحت الأرض مليئة بالرموز الغامضة والكتابات القديمة على الجدران. كان هناك مذبح حجري في وسط الغرفة، وعليه بعض الأواني القديمة والأدوات الطقسية.
بينما كان يستعرض المذبح، لاحظ فهد كتابًا قديمًا مغطى بالغبار. فتح الكتاب بحذر، ووجد صفحات مليئة بالكلمات الغامضة والرموز التي لا يفهمها. مع ذلك، كان هناك فصل واحد مكتوب باللغة القديمة يروي قصة طقوس قديمة تهدف إلى "إبقاء الأرواح في عالمهم".
بينما كان يحاول فهم الكتاب، بدأ يشعر بتغيرات في الجو. بدأت النيران في الشموع القديمة التي كانت حول المذبح تشتعل فجأة، وارتفعت الأصوات الغامضة مرة أخرى، وكانت هذه المرة أعلى وأوضح. بدأ الضوء يتلاشى ويتقلب، وظهر من بين الظلال أشباح تتجسد في أشكال مروعة.
فهد شعر بشيء يقترب منه، ورأى تلك الوجوه المشوهة التي كان قد رآها في الصور. كانت تتحرك نحوه، وأيديها تحاول لمسه. استخدم فهد كاميراته وأضواءه لإبعادهم، لكنه أدرك بسرعة أن الأساليب الحديثة لم تفيد في مواجهة هذه الأرواح.
في لحظة من الرعب الشديد، شعر فهد بتجاذب غير مرئي يسحبه نحو المذبح. كانت قوة سحب هائلة، وكأن المذبح كان يستدعيه. وعندما اقترب منه، شعر ببرودة شديدة تجتاح جسده، وحل الظلام من حوله بشكل مفاجئ.
عندما جاء الصباح، لم يجد القرويون أي أثر لفهد في الكوخ. كان المكان هادئًا كما كان، لكنهم لاحظوا أن الضوء الخافت في النوافذ أصبح أكثر إشراقًا. كانت هناك أصوات خافتة تتنقل في الهواء، وأصبح الكوخ أكثر غموضًا من أي وقت مضى.
وبعد فترة، توالت القصص عن أولئك الذين اقتربوا من الكوخ، حيث قالوا إنهم شعروا بشيء يتبعهم، وأنهم كانوا يرون أضواء خافتة في الأفق، ربما هي نذير لأولئك الذين يجازفون بدخول الكوخ.
وأصبح الكوخ أسطورة أخرى، مليئًا بالأسرار التي لم تُكتشف، وتبقى الروايات عنه تتناقل بين الأجيال، كتحذير للأرواح الفضولية التي قد تحاول فك رموز ذلك المكان الملعون.
—