لم تخبرني أنه العناق الأخيـــــر
منذ مدة ليست بالبعيدة كنت قد خططت كعادتي لأشياء كثيرة رحلة صيفية و مشاركة مع إحدى الجمعيات
و حضور بعض الدورات التدريبية ,و كتابة مقالات و خواطر و …و……و…….
و في ذلك المساء الذي أتممت فيه للتو الحسابات و الترتيبات و طويت دفتري طرق باب غرفتي طارق،
إنه أخي كان على سفر و رجع قريبا اشتقت إليه ،سلمت عليه و إذا به يطرق رأسه و يصم أذاني بذلك الخبر الذي طالما تمنيت ألا أسمعه ،
طالما تجاهلت ذلك الصوت بداخلي و الذي كان يقول لي عانقي أباك جيدا ،اشبعي من النظر إليه فقد لا تتاح لك فرصة أخرى،
و هو كان ينظر إلي نظرة الوداع كنت أحس و أشعر بها لكن أقول لا لا سيعيش أبي طويلا ،
لطالما كان رجلا قويا شجاعا سيستمر في معركته مع المرض ،لكن هيهات ،كان القدر أسبق مني و منه ،الأجل قد انتهى ،
و روحه فاضت لبارئها، و دموعي منذ ذلك اليوم لا تتوقف ،
أخفيتها عن والدتي فقط حتى لا أزيدها ألما و هي التي كانت تعول علي في كثير من الأمور،
شعرت أني قشة في مهب الريح ،ذهب سندي و عوني و حبيبي ، لن أراه ثانية،
لن أحضى بتلك اللمسة الدافئة ،و الدعوة الصادقة و البسمة الحانية،
كان نعم الوالد و الصديق و المعلم و المشجع و القدوة،
كان نعم الوالد لأولاده لا مثيل لطيبته و حنانه ،
كان نعم الزوج لزوجته ينفق و يحاور و يتجاوز و و يواسي و يمرح،
كان نعم الأخ لإخوته لا يقومون بشيء دون مشورته،
كان نعم الجار لجيرانه كلهم يشيدون بسيرته،
كان نعم الرجل حلو المعشر خفيف الظل يحبه الصغير و الكبير،
كان قارئا للقرآن ،قلبه معلق بالمسجد،
رحمك الله يا والدي و إني لازلت أتذكر كلماتك لي في الأزمات ،
ياابنتي كل شيء يسير بمقادير الله و لا أحد يهرب من قدره،
و اللهم اجعل في قضائك اللطف،
رحمك الله يا قرة عيني ،
جعل الله الجنة مثواك و ألحقك بعباده الصالحين،
و ألهمنا بعدك الصبر و الرضا و اليقين و التسليم لقدر الله.