همسات بين الرفوف 3

همسات بين الرفوف 3

0 المراجعات

**همسات بين الرفوف -

 الفصل الثالث

: بزوغ المشاعر**

بعد أن عاد الرجل العجوز من حيث أتى، واستمر يوسف وسارة في البحث بين رفوف المكتبة، شعر كلاهما بوجود رابط غامض يجمع بينهما وبين هذا الكتاب الذي كان يبحث عنه الرجل. كانت سارة تفكر بعمق في تلك اللحظة، تشعر وكأن هناك شيئًا أكبر من مجرد كتاب مخبأ بين تلك الرفوف.

جلست سارة مرة أخرى على كرسيها المعتاد بجانب النافذة، تتأمل المشهد الخارجي حيث كان المطر لا يزال يهطل، فتتراقص قطراته على الزجاج بخفة. بدا وكأن الأمطار تعكس ما بداخلها من مشاعر، مشاعر بدأت تنبثق تدريجيًا مع كل كلمة يتبادلها يوسف معها.

أخذ يوسف ينظر إليها، متأملًا تلك اللمعة الخافتة في عينيها. شعر بشيء مختلف، شيء بدأ ينمو بداخله منذ لقائهما الأول. لم يكن يعرف كيف يصفه، لكنه كان يعرف أنه أقوى من أي شعور آخر مر به. ربما هو نفس الشعور الذي تحدَّثت عنه سارة سابقًا، ذلك الحب الذي يحتاج لوقت لينضج.

لم يستطع يوسف كتمان ما بداخله أكثر، فاقترب منها بخطوات واثقة، وقلبه يخفق بسرعة. سألها بصوت هادئ ولكنه يحمل الكثير من التساؤلات: "سارة، هل تشعرين أن هناك شيئًا ما يجمع بيننا؟ ليس مجرد الكتب أو الأحاديث، بل شيء أعمق."

ترددت سارة للحظة، ثم رفعت عينيها لتلتقي بعينيه. شعرت بدفء في قلبها، وشعرت بأن يوسف قد لمس جزءًا من روحها لم يكن يعلم بوجوده أحد. قالت بصوت خافت ولكنه محمل بالصدق: "يوسف، أعتقد أنني بدأت أشعر بما تشعر به. ولكنني لا أعرف ما هو بالضبط... إنه شيء غريب ولكنه جميل."

اقترب يوسف أكثر، حتى لم يعد بينهما سوى بضع بوصات. كان يريد أن يعبر لها عما يدور في خلده، ولكن الكلمات لم تكن كافية. اختار الصمت، وترك مشاعره تتحدث نيابة عنه. كانت تلك اللحظة مشحونة بالتوتر الجميل، حيث كانت كل حركة وكل نظرة تحمل معها وعدًا بمستقبل مختلف.

image about همسات بين الرفوف 3

رفعت سارة يدها ببطء، وتلامست أصابعها مع أصابع يوسف. كان ذلك اللمس البسيط كافيًا ليشعر كلاهما بتلك الكهرباء الخفية التي تربط بينهما. قالت سارة، وقد ازداد صوتها خفوتًا: "ربما هو الحب، يوسف... ربما نحن نبدأ في اكتشافه."

نظر يوسف إلى عينيها مباشرة وقال: "إذا كان هذا هو الحب، فأنا أريد أن أكتشفه معك، خطوة بخطوة."

في تلك اللحظة، لم يكن المطر المتساقط بالخارج ولا العالم بأسره يهم. كان كل ما يهمهما هو تلك اللحظة التي جمعت بينهما، حيث بدأت المشاعر تنبثق كزهرة في بداية الربيع، تنتظر أن تتفتح وتكشف عن جمالها الكامل.

ظل يوسف وسارة جالسين بجانب بعضهما البعض، يتشاركان الصمت الذي كان في حقيقته أكثر من مجرد صمت. كان صمتًا مليئًا بالوعود، بالآمال، وبالأحاسيس التي لم تكتمل بعد. وكأنهما يعرفان أن ما بينهما هو بداية شيءٍ عظيم، شيءٍ سيتطور مع مرور الوقت.

وفي تلك الأثناء، كان الرجل العجوز يغادر المكتبة بهدوء، حاملاً معه كتابًا قديمًا وجده أخيرًا بين الرفوف. نظر إلى الكتاب بحزن وابتسامة في آنٍ واحد، وكأنه كان يعلم أنه قد ساهم في إيقاظ تلك المشاعر بين سارة ويوسف، تاركًا لهما مهمة إكمال القصة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

37

متابعين

10

متابعهم

16

مقالات مشابة