المرآة الشيطانية: عيون في الظلام
كان الوقت في منتصف الليل عندما عثرت ليلى على تلك المرآة في متجر التحف القديم، المخبأ في أحد الأزقة الخلفية التي نادرًا ما يمر بها أحد. كانت المرآة متربة، لكنها جذبت انتباهها بطريقة غريبة، وكأن شيئًا ما بداخلها يناديها. إطارها الذهبي المنقوش بأشكال غريبة لم تراه من قبل، بدا وكأنه ينبض بالحياة.
"هذه ستكون رائعة في غرفة المعيشة"، فكرت ليلى، دون أن تدرك أنها قد فتحت بوابة إلى عالم آخر، عالم لا يمكن للإنسان تحمله.
في الليلة الأولى بعد أن وضعت المرآة في منزلها، لم يحدث شيء. لكنها استيقظت في اليوم التالي على صوت خافت، همسات بالكاد تسمعها. نهضت من السرير، وتوجهت إلى غرفة المعيشة، حيث كانت المرآة معلقة على الحائط. اقتربت منها بحذر، ونظرت إلى انعكاسها. كان كل شيء طبيعيًا، حتى اللحظة التي تراجعت فيها خطوة للخلف.
كان هناك شيء غريب في انعكاسها، شيء لم تستطع تحديده. كانت عينيها في المرآة أعمق، أكثر سوادًا، وكأنها كانت تنظر إلى حفرة لا قاع لها. بدأت الهلاوس بعد ذلك؛ بدأت ترى في المرآة وجوهًا أخرى خلفها، وجوه غريبة مشوهة تبتسم بابتسامات شيطانية.
مع مرور الأيام، بدأت ليلى تفقد النوم، وأصبحت حياتها عبارة عن دوامة من الخوف والقلق. المرآة بدأت تظهر لها مشاهد مرعبة؛ كانت ترى في انعكاسها أشخاصًا يصرخون، يتعذبون، وكأنهم محبوسون داخل الزجاج. ولم يكن هذا كل شيء.
في إحدى الليالي، بينما كانت تجلس في الظلام تحاول استعادة هدوئها، سمعت صوت خطوات قادمة من المرآة. التفتت ببطء، وقلبها ينبض بسرعة. هناك، في الزجاج، كان انعكاسها يخرج من المرآة، واقفًا خلفها تمامًا. انعكاسها بدأ يتحرك ببطء نحوها، لكنها لم تتحرك، مشلولة من الرعب.
في محاولة للتخلص من المرآة، قررت ليلى التخلص منها في النهر القريب. حملتها خارج المنزل، وقادتها إلى الماء المظلم، حيث رمت المرآة بقوة. ولكن، عندما عادت إلى منزلها، وجدتها معلقة مرة أخرى في نفس المكان، وكأنها لم تتحرك من مكانها أبدًا.
اللعنة كانت واضحة؛ المرآة ملتصقة بها، ولن تتركها حتى تحقق هدفها. بدأت ليلى بالبحث في تاريخ المرآة، واكتشفت أنها تعود لزمن بعيد، وأنها كانت تستخدم في طقوس شيطانية لاحتجاز الأرواح الشريرة. تلك الأرواح كانت تسعى للهرب، وتحتاج إلى جسد بشري لتتمكن من العودة إلى العالم.
في الليلة الأخيرة، عندما أدركت ليلى أن النهاية قريبة، جلست أمام المرآة ونظرت إلى انعكاسها مرة أخرى. هذه المرة، كان هناك شيء مختلف. انعكاسها لم يكن يتحرك على الإطلاق. كان ينظر إليها بثبات، ثم فجأة، امتدت يد من الزجاج وأمسكت بها، وجذبتها إلى داخل المرآة.
استيقظت ليلى لتجد نفسها في عالم مظلم، محاطة بالأرواح المحبوسة التي كانت تراها في المرآة. أدركت أنها الآن واحدة منهم، محبوسة إلى الأبد.
وفي صباح اليوم التالي، دخلت امرأة أخرى إلى نفس المتجر، حيث كانت المرآة معروضة. جذبتها بنفس الطريقة الغامضة التي جذبت ليلى. أخذت المرآة إلى منزلها، وبدأت اللعنة مرة أخرى.
المرآة الشيطانية ليست مجرد قطعة زجاج وإطار ذهبي. إنها فخ لأرواح البشر، فخ لا يمكن النجاة منه. وكل من يملكها سيواجه نفس المصير. إذا صادفت مرآة كهذه يومًا ما، تذكر قصة ليلى، وتجنب النظر إلى ما قد يختبئ في أعماق الزجاج.