الجزء التاني من رواية ألحان قلبين: قصة حب بين بلكونتين
الجزء الثاني: بداية الصداقة العميقة
بعد ذلك اللقاء في الحديقة، أصبحت لقاءات يوسف وسارة متكررة وأكثر حميمية. كانت الصداقة بينهما تنمو بسرعة، وكأنها شجرة تتغذى على ضوء الشمس ومياه المطر. أصبحا يلتقيان يومياً تقريباً، سواء في الحديقة المجاورة أو على شرفة المنزلين المتجاورين. كانا يتبادلان الكتب، يقرآن الشعر بصوت مرتفع، ويتحدثان عن كل شيء تقريباً: من الطفولة إلى الأحلام والطموحات.ذات مساء، قرر يوسف أن يدعو سارة إلى حفل موسيقي صغير كان سيحضره في مقهى محلي. كان المقهى مكاناً شهيراً يجتمع فيه عشاق الموسيقى والشعراء المحليون. كان يوسف يعرف بعض الموسيقيين الذين سيؤدون في ذلك المساء، وأراد أن يشارك تلك اللحظة الخاصة مع سارة. عندما دعاه، شعرت سارة بسعادة غامرة، فقد كانت فرصة لرؤية الجانب الآخر من شخصية يوسف، جانب الموسيقي الذي لطالما أحبته.في تلك الليلة، ارتدت سارة فستانًا بسيطًا وأنيقًا، وزينت شعرها ببعض الزهور الصغيرة. كانت تبدو كالنجمة التي تتألق في سماء الليل. عندما رآها يوسف، شعر بأن قلبه ينبض بقوة لم يعهدها من قبل. كانت سارة تبدو جميلة بشكل لا يصدق، ورغم أنه حاول أن يظهر هدوءه، إلا أن عيناه كانتا تعكسان دهشة وإعجاباً لا يمكن إخفاؤهما.في المقهى، جلسا بجانب بعضهما، واستمعا للموسيقى التي كانت تعزف، وكان كل نوتة تمر بينهما كأنها رسالة خاصة تحمل مشاعر لم يعبروا عنها بعد. كانت الأجواء مليئة بالدفء، وكان صوت الموسيقى يملأ المكان بلمسات من السحر.بينما كانت سارة تستمع إلى الألحان، شعرت بأن قلبها يذوب في هذه اللحظات. كل نغمة كانت تجعلها تقترب أكثر من يوسف، وكأنهما يتحدثان بلغة الموسيقى التي لا تحتاج إلى كلمات. لاحظ يوسف ذلك، فابتسم وسألها: "ما رأيك في هذه الموسيقى؟"أجابت سارة بابتسامة: "إنها جميلة جداً… تشعرني بأنني أعيش في حلم."ضحك يوسف وقال: "أنا سعيد لأنكِ أتيتِ معي. كنت أريدك أن تري هذا المكان وأن تستمعي إلى هذه الموسيقى."ثم، بعد لحظات من الصمت، تابع قائلاً: "سارة، هل تعلمين؟ أشعر بأن هناك شيئاً خاصاً يربطنا. ليس مجرد صداقة، بل شيء أعمق… شيء يجعلني أريد أن أكون معكِ دائماً."تنهدت سارة بعمق وقالت: "وأنا أيضاً، يوسف. لم أشعر بهذا القرب من شخص من قبل."بعد تلك الليلة، أصبحت لقاءاتهما أكثر تكراراً. كانا يقضيان الوقت معاً في استكشاف الأماكن الجديدة، ويذهبان معاً إلى المعارض الفنية، ويشاركان في الورشات الأدبية. كانا يتحدثان لساعات طويلة، لا يشعران بمرور الوقت. في كل مرة كان يوسف يتحدث فيها، كانت سارة تشعر وكأنها تغوص في عالم من الكلمات والأفكار التي تأسر قلبها.وفي أحد الأيام، بينما كانا يجلسان في الحديقة ويتحدثان عن أحلامهما، قال يوسف: "سارة، لقد كنت أفكر في شيء…"نظرت إليه سارة بتساؤل وسألته: "ما الذي كنت تفكر فيه، يوسف؟"ابتسم وقال: "كنت أفكر أنني أرغب في أن أبدأ مشروعاً خاصاً بي. أريد أن أصمم مباني تعكس الجمال الحقيقي، ليس فقط من الخارج، ولكن من الداخل أيضاً. أريد أن تكون المباني كالأشخاص، لكل منها روح وشخصية."ابتسمت سارة وقالت: "هذا حلم رائع يا يوسف. وأنا متأكدة أنك ستنجح فيه. لديك الموهبة والشغف."نظر إليها يوسف بعينين مليئتين بالامتنان وقال: "أنتِ دائماً تشجعينني، سارة. أشعر بأنني أستطيع أن أحقق أي شيء طالما أنك بجانبي."ردت سارة بخجل: "أنا فقط أقول الحقيقة، يوسف. لديك إمكانيات كبيرة وأنا أؤمن بك."بدأ يوسف يشعر بأن حبه لسارة يزداد يوماً بعد يوم، وأصبح يشعر بأن الوقت قد حان ليعبر لها عن مشاعره بصراحة. لكنه كان يخشى أن يفقد صداقتها إذا لم تكن تشعر بنفس الشعور. قرر أن ينتظر الفرصة المناسبة ليعبر لها عن ما في قلبه.