الجزء الأول: العزبة المنسية
في أطراف محافظة المنوفية، كانت فيه عزبة صغيرة اسمها "عزبة النسايم". العزبة دي كانت مشهورة بين الناس بقصص غريبة بتدور حوالينها. على مدار السنين، الناس كانوا بيقولوا إن المكان ده مسكون، وإن اللي يدخل العزبة في الليل مش بيرجع تاني.
محمود، شاب في العشرينات من عمره، كان من سكان المدينة القريبة من العزبة. هو وصاحبه حسين كانوا من النوع اللي بيعشق المغامرة. وفي يوم من الأيام، سمعوا عن العزبة والقصص اللي بتتحكى عنها. حسين كان متردد، لكن محمود أصر على إنهم يروحوا ويشوفوا بنفسهم.
في ليلة مظلمة، قرروا إنهم ياخدوا العربية ويتجهوا للعزبة. الطريق كان طويل ووحيد، والعربية كانت بتقطع المسافة بين الحقول الخضرا والصحرا القاحلة. كل ما يقربوا من العزبة، كانت الدنيا بتبقى أهدى، والجو بيبقى أغمق بطريقة غريبة.
وصلوا للعزبة حوالي الساعة 11 بالليل. العزبة كانت هادية جداً، والشوارع كانت فاضية. البيوت كانت قديمة ومعظمها مهجور، ومفيش أي حركة حوالينهم. لما نزلوا من العربية، حسوا ببرودة غريبة في الجو، حتى مع إن الوقت كان صيف.
محمود قال لحسين: "إيه رأيك نتمشى شوية ونتفرج على المكان؟" حسين كان متردد، بس في النهاية وافق. بدأوا يتمشوا في شوارع العزبة الضيقة، والظلام كان بيحاوطهم من كل ناحية.
أثناء ما كانوا بيمشوا، لاحظوا إن فيه بيت في نهاية الشارع كان بابه مفتوح شوية، ونور خافت بيطلع من جواه. محمود قرر يقرب من البيت ويشوف إيه اللي جواه، لكن حسين حاول يمنعه: "بلاش يا محمود، المكان ده مش مريح."
لكن محمود ما سمعش كلامه ودخل البيت. جوه البيت كان فيه أثاث قديم ومغبر، كأنه محدش دخله بقاله سنين. النور كان طالع من شمعة محطوطة على ترابيزة في نص الصالة. حسين لحق محمود ودخل وراه، وهو مرعوب.
فجأة، الباب اللي وراهم تقفل بقوة، والصوت كان زي الرعد في المكان الهادئ. حسين اتوتر وقال: "لازم نخرج من هنا حالاً!" لكن محمود كان لسه عنده فضول، وقال له: "طب استنى شوية، يمكن نلاقي حاجة تشرح لنا سر المكان ده."
أثناء ما كانوا بيتحركوا في البيت، سمعوا صوت خطوات فوق السلم الخشبي. كانوا متأكدين إنهم لوحدهم في البيت، بس الصوت كان حقيقي وواضح. محمود مسك حسين وقال له: "لازم نطلع فوق ونشوف مين اللي بيتحرك."
طلعوا السلم بحذر، وكل خطوة كانوا بياخدوها كانت بتصدر صوت صرير مرعب. لما وصلوا للطابق التاني، لقوا باب غرفة مقفول، والصوت كان جاي من جوا الغرفة. محمود قرب من الباب وحاول يفتحه، بس الباب ما كانش بيفتح.
فجأة، الصوت وقف، والدنيا بقت هادية تماماً. حسين كان بيحاول يقنع محمود يمشوا، لكن محمود كان مصرّ على إنه يفتح الباب. استخدم كل قوته وفتح الباب بعنف.
لكن الغرفة كانت فاضية. مفيش حاجة غير سرير قديم في نص الغرفة، عليه لحاف مغبر. محمود قرب من السرير، وحسين كان واقف على الباب مرعوب. لما محمود رفع اللحاف، لقى صندوق خشب صغير، كان مغلق بإحكام.
فتح الصندوق بحذر، ولقى جواه صورة قديمة لطفل صغير واقف قدام البيت اللي هما فيه. الطفل كان واقف لوحده، لكن في الخلفية كان فيه ظل أسود كبير بيغطى نص الصورة. محمود اتجمد مكانه وهو بيشوف الصورة، وحس بحاجة باردة بتلمسه من وراه.
لما لف عشان يشوف إيه اللي وراه، ملاقاش حاجة. لكن حسين اللي كان واقف على الباب، شاف شيء مرعب. شاف نفس الطفل اللي في الصورة، واقف في نص الغرفة، بس ملامحه كانت مشوهة وعينيه سودا، وبيبص لمحمود بنظرة مخيفة.
حسين صرخ وقال: "محمود، نمشي دلوقتي!" لكن محمود كان متجمد مكانه، مش قادر يتحرك. الطفل بدأ يقرب من محمود ببطء، وكل ما يقرب كان الهواء حواليهم بيبقى أبرد.
في اللحظة دي، محمود استعاد وعيه وجرى ناحية الباب مع حسين. نزلوا السلم بسرعة، لكن أول ما وصلوا للباب اللي في الصالة، لقيوا الطفل واقف قدامهم، مبتسم ابتسامة مريبة.
الباب اتفتح فجأة، وقوة غريبة دفعتهم برة البيت. جريوا ناحية العربية، وركبوا بسرعة من غير ما يبصوا وراهم. لكن أول ما العربية بدأت تتحرك، حسوا بحاجة تقيلة في العربية معاهم.
حسين لف راسه ببطيء، ولقي الطفل قاعد في الكرسي الخلفي، بيبص لهم بعينين سودا. محمود ما فكرش لحظة، ضغط على دواسة البنزين بأقصى سرعة، والعربية انطلقت في الطريق المظلم.
الطريق كان بيطول، وكأنهم مش قادرين يخرجوا من العزبة. لكن فجأة، الطفل اختفى، والطريق قدامهم بدأ يظهر فيه النور. أخيراً خرجوا من العزبة، بس كانوا متأكدين إن اللي شافوه ده كان حقيقي، وإن الكابوس لسه مخلصش.
في طريقهم للمدينة، قرروا ما يتكلموش عن اللي حصل، لكن في قلبهم كانوا عارفين إنهم لازم يعرفوا سر العزبة دي، وإيه اللي بيخليها مسكونة بالشكل ده.