الجزء الثاني: المكتبة الغامضة
بعد ما رجعوا للمدينة، محمود وحسين ما قدرواش يناموا طول الليل. الكوابيس كانت بتطاردهم، وكل ما يقفلوا عينيهم، كانوا بيشوفوا الطفل اللي ظهر لهم في العزبة. محمود كان أكتر واحد متأثر، لأنه كان عارف إن اللي حصل مش مجرد صدفة، وإن فيه سر مخفي ورا المكان ده.
في اليوم اللي بعده، قرروا يرجعوا لشغلهم ويحاولوا ينسوا اللي حصل، لكن محمود ما كانش قادر يخرج من دماغه فكرة إنه لازم يعرف أكتر عن العزبة. فقرر يزور مكتبة في المدينة معروفة بإنها بتحتوي على كتب ومخطوطات نادرة. كان فاكر إن يمكن يلاقي فيها حاجة تشرحله تاريخ المكان الغامض ده.
المكتبة كانت قديمة، ريحة الكتب القديمة كانت مالية المكان، والهدوء كان مسيطر. دخل محمود المكتبة وسأل صاحبتها، ست عجوزة اسمها "أم عبدو"، عن أي كتب تتكلم عن العزبة أو أي حكايات قديمة عنها.
أم عبدو بصت لمحمود بتمعن، وسألته: "ليه مهتم بالمكان ده؟ المكان ده له تاريخ مظلم، وكل اللي حاول يعرف عنه حاجة اختفى."
محمود قال لها: "أنا مش بصدق في الأساطير، لكن اللي حصل معايا في العزبة خلاني أعتقد إن فيه حاجة ورا المكان ده، ومحتاج أعرفها."
أم عبدو أشارت له على رف معين في المكتبة، وقالت: "الكتب دي بتتكلم عن الأماكن اللي بيقولوا إنها مسكونة في مصر. فيه كتاب معين اسمه 'أساطير النسايم'، هيكون مفيد ليك."
محمود شكرها واتجه للرف، وبدأ يدور بين الكتب. أخيراً لقى الكتاب اللي كانت أم عبدو بتتكلم عنه. كان كتاب قديم، الغلاف بتاعه مغبر، ومليان صفحات صفراء من السنين. فتح الكتاب وبدأ يقلب في الصفحات، لغاية ما وصل لجزء بيتكلم عن عزبة النسايم.
الكتاب حكى عن تاريخ العزبة، وازاي كانت في الأصل عزبة مزدهرة، لكن حصلت فيها كوارث غريبة، بدأت باختفاء طفل صغير من العزبة من أكتر من مئة سنة. الطفل ده كان اسمه "علي"، وكان بيحب يلعب دايمًا قدام بيت أهله اللي كان في نهاية الشارع.
في يوم من الأيام، الطفل اختفى فجأة، وفضلوا يدوروا عليه لأسابيع من غير أي نتيجة. أهل العزبة بدأوا يصدقوا إن المكان مسكون، وبدأوا يلاحظوا حاجات غريبة بتحصل، زي سماع صوت خطوات بالليل، أو ظهور ظلال غامضة في الشوارع الفاضية. بعد اختفاء الطفل، الناس بدأوا يهربوا من العزبة، لحد ما بقت مهجورة بالكامل.
لكن الغريب في القصة إن أهل العزبة كانوا بيقولوا إنهم بيشوفوا الطفل بعد اختفائه، لكنه كان دايمًا بيظهر بملامح مشوهة، وعينيه سودا زي الحبر. واللي بيشوفه بيقول إنه بيسمعه بيطلب المساعدة، لكن بمجرد ما حد يقرب منه، الطفل بيختفي تاني.
محمود حس بالرهبة وهو بيقرا القصة. كان عارف إن الطفل اللي شافه في البيت هو نفس الطفل اللي الكتاب بيتكلم عنه. حاول يقنع نفسه إنه مجرد خيال، لكن كل الأدلة كانت بتقول إن في حاجة حقيقية ومرعبة ورا الحكاية دي.
قرر إنه لازم يرجع للعزبة مع حسين، لكن المرة دي، يكونوا جاهزين. قرروا إنهم ياخدوا معاهم كاميرات لتسجيل أي حاجة غريبة تحصل، وكشافات قوية عشان يقدروا يشوفوا كويس في الظلام.
في الليلة التالية، محمود وحسين اتفقوا إنهم يروحوا تاني للعزبة، لكن المرة دي كانوا عارفين إنهم ممكن يواجهوا حاجة مرعبة أكتر من اللي شافوه في المرة الأولى.
ركبوا العربية وتوجهوا للعزبة في نفس الطريق المظلم اللي مشيوا فيه قبل كده. لكن المرة دي كانوا حذرين أكتر. لما وصلوا للعزبة، الدنيا كانت لسه هادية زي المرة اللي فاتت، لكن الجو كان أبرد بكتير.
بدأوا يمشوا في الشوارع اللي كانوا حافظينها من المرة اللي فاتت، لحد ما وصلوا لنفس البيت اللي دخلوا فيه قبل كده. الباب كان لسه مفتوح زي ما تركوه، وكأن المكان مستنيهم.
دخلوا البيت، وكانوا مستعدين بأي حاجة ممكن تحصل. محمود بدأ يشغل الكاميرا ووجهها على كل زاوية في البيت، في حين إن حسين كان ماسك الكشاف وبيسلط النور على الأماكن اللي كان الظلام فيها كثيف.
وفجأة، سمعوا نفس صوت الخطوات اللي سمعوها في المرة اللي فاتت، بس المرة دي كان الصوت أوضح وأقرب. محمود بص لحسين وقال له: "خليك مستعد، ممكن نشوفه تاني."
طلعوا السلم بحذر، وكل خطوة كانوا بياخدوها كانت تقربهم من الخطر اللي مستنيهم. لما وصلوا للطابق التاني، لقوا نفس الباب اللي كانوا فتحوه قبل كده، بس المرة دي الباب كان مفتوح على الآخر.
دخلوا الغرفة بحذر، ولما بصوا حواليهم، حسين صرخ وقال: "بص، هو هناك!" محمود لف بسرعة، وشاف الطفل واقف في نفس المكان اللي شافوه فيه المرة اللي فاتت. لكن المرة دي، الطفل كان بيبكي، ودموعه كانت سودا زي عينيه.
محمود حاول يقرب من الطفل، وقال له بصوت هادي: "إحنا هنا عشان نساعدك. إنت محتاج إيه؟"
الطفل بص لمحمود، وبعدين أشار بإيده للسرير اللي في الغرفة. محمود قرب من السرير، ورفع اللحاف تاني، ولقي نفس الصندوق الخشبي اللي كان موجود قبل كده. فتح الصندوق، لكن المرة دي، لقى جواه رسالة قديمة مكتوبة بخط إيد، الورقة كانت مجعدة ومغبرة.
محمود بدأ يقرا الرسالة بصوت عالي، وكانت مكتوبة بالعامية المصرية: "اللي يقرا الرسالة دي، اعرف إن المكان ده محكوم عليه باللعنة. عليّ كان ابني، وكان دايمًا بيلعب هنا، لكن في يوم، لقينا الصندوق ده في البيت، ومن يومها بدأنا نسمع صوته في الليل. حاولنا نحرق الصندوق ونخلص منه، لكن الطفل اختفى، وفضلنا نشوفه في كل مكان. إنت اللي جاي هنا، لازم تدفن الصندوق ده في مكان مقدس، وإلا اللعنة هتفضل تطاردك للأبد."
محمود استوعب إنهم لسه قدامهم تحدي كبير، وإن الحل الوحيد هو تنفيذ اللي مكتوب في الرسالة. كان لازم يدفنوا الصندوق في مكان مقدس عشان يتخلصوا من اللعنة اللي محوطة العزبة.
لكن قبل ما يتحركوا، الطفل اللي كان واقف قدامهم اختفى فجأة، والبيت اتملأ بأصوات مرعبة وزي ما يكون كل الحيطان كانت بتصرخ. محمود وحسين عرفوا إنهم لازم يتحركوا بسرعة قبل ما يحصل لهم حاجة.