الفتاة ذات الثوب الابيض
في إحدى القرى الجبلية النائية عاش شاب يُدعى “أدهم” كان أدهم شابًا بسيطًا هادئ الطباع، يحب العزلة والتأمل في الطبيعة اعتاد كل مساء بعد غروب الشمس أن يتجه إلى أحد التلال المجاورة لقريته حيث يقضي ساعات يجلس تحت شجرة كبيرة تطل على وادٍ مليء بالأشجار كان يجد في هذا المكان هدوءًا وسكينة بعيدًا عن ضجيج الحياة
في إحدى تلك الأمسيات الهادئة وبينما كان أدهم جالسًا مستمتعًا بمنظر الغروب رأى فتاة تجلس على صخرة قريبة ترتدي ثوبًا أبيض طويلًا وشعرها الأسود الطويل يتطاير مع نسيم المساء كانت جميلة بشكل لا يُصدق وجمالها لا يشبه جمال الفتيات اللواتي عرفهن من قبل كانت ملامحها ناعمة وعيناها تلمعان بنور غامض
شعر أدهم بالدهشة والفضول لم يكن معتادًا على رؤية أحد في هذا المكان النائي فاقترب منها بحذر عندما اقترب بما يكفي التفتت الفتاة نحوه وابتسمت ابتسامة ساحرة شعر أدهم بشيء غريب في تلك اللحظة وكأن الزمن توقف للحظة لم يتمكن من الكلام في البداية لكنه جمع شجاعته وقال: "مساء الخير لم أرَكِ هنا من قبل هل تعيشين في القرية؟"
ابتسمت الفتاة مجددًا وقالت بصوت ناعم: "أنا لا أعيش في القرية، بل أزور هذا المكان من حين لآخر إنه مكان جميل أليس كذلك؟"
وافقها أدهم قائلاً: "نعم، إنه هادئ وساحر ما اسمك؟"
ترددت الفتاة قليلاً قبل أن تجيب: "اسمي ليلى"
بدأ أدهم يشعر بجاذبية غريبة تجاه ليلى لم يكن مجرد إعجاب عادي كانت شيئًا أقرب للسحر فقد شعر وكأنه لا يستطيع النظر بعيدًا عنها. قضيا وقتًا طويلاً في الحديث ومع مرور الوقت شعر أدهم بأنه يعرفها منذ زمن طويل رغم أنه التقاها لتوه كانت ليلى لطيفة وذكية، وحديثها يملأه الغموض والجاذبية
مع حلول الليل شعرت ليلى باضطراب قليل وقالت لأدهم: "عليّ أن أذهب الآن، لا يمكنني البقاء طويلاً"
حاول أدهم أن يبقيها قليلاً لكنه شعر بشيء غامض في نبرة صوتها وكأن هناك سرًا تخفيه وقفت ليلى بهدوء وقالت: "سنلتقي هنا غدًا إذا أردت" ثم ابتسمت واختفت بسرعة في الظلام قبل أن يتمكن من سؤالها المزيد
في اليوم التالي لم يتمكن أدهم من التوقف عن التفكير في ليلى من تكون؟ ولماذا اختفت بهذه السرعة؟ كان ينتظر بفارغ الصبر حلول المساء ليعود إلى نفس المكان على التل وبالفعل عندما عاد عند الغروب وجد ليلى تنتظره بنفس الابتسامة الساحرة
تكررت لقاءاتهما يومًا بعد يوم وبدأ أدهم يشعر بشيء غريب يتسرب إلى قلبه كان قد وقع في حبها لكنه شعر في نفس الوقت بأن هناك شيئًا ليس على ما يرام كانت ليلى تظهر وتختفي بشكل غامض ولم تقدم له أي معلومات عن حياتها أو عائلتها
بدأ الفضول يسيطر على أدهم فقرر أن يسأل صديقه العجوز “الشيخ حامد”الذي كان معروفًا في القرية بمعرفته بالخفايا والأساطير عندما أخبر أدهم الشيخ حامد عن ليلى لاحظ الشيخ تغيرًا في تعابير وجهه
قال الشيخ بحذر: "يا أدهم، يجب أن تكون حذرًا هناك قصص قديمة في هذه القرية عن الجن الذين يعيشون في التلال والوديان بعضهم يتخذون هيئة البشر ويظهرون للناس بشكل مغري لكنهم ليسوا من عالمنا"
أصيب أدهم بالدهشة والخوف في آن واحد لم يكن يريد أن يصدق أن الفتاة التي أحبها قد تكون من الجن لكن الشيخ حامد أضاف: "أحيانًا، الجن لا يؤذون البشر لكن إذا تعلقت بأحدهم، فقد تصبح حياتك في خطر الجن ليسوا مثلنا، ولا يمكن التنبؤ بما سيفعلونه"
في الليلة التالية عاد أدهم إلى التل ليواجه ليلى. عندما ظهرت كان قلبه مليئًا بالأسئلة والخوف نظر إليها وسألها مباشرة: "ليلى، من أنتِ حقًا؟ هل أنتِ من البشر؟"
تغيرت تعابير وجه ليلى ولم تعد تلك الابتسامة الساحرة كما كانت تراجعت قليلاً وقالت بصوت هادئ: "أدهم، لقد حذرتك من البداية أنا لست بشرية، أنا من الجن"
شعر أدهم بصدمة لكنه لم يستطع الابتعاد عنها كان حبها قد تملك قلبه تمامًا رغم علمه بالخطر الذي قد يواجهه قالت ليلى: "أعلم أنك تحبني وأنا أحبك أيضًا، لكننا من عالمين مختلفين. إذا بقيت قريبًا مني، ستتعرض للأذى"
رغم كلماتها لم يتمكن أدهم من تركها لكنه أدرك أن علاقتهما مستحيلة في تلك الليلة، اختفت ليلى كما ظهرت تاركة أدهم وحيدًا على التل ومعه قلب مليء بالحب والأسى مدركًا أن بعض القصص الجميلة لا يمكن أن تنتهي كما نتمنى.