في ظلال الظلام
في ظلال الغابة
في أحد الأيام المظلمة والممطرة، كان يوسف يقود سيارته عبر طريقٍ نائي في أعماق الغابة. كان قد تلقى دعوة من صديقه سامي، الذي انتقل مؤخرًا إلى منزل قديم بعيد في الطرف الآخر من المدينة. "تعال، سنقضي ليلة رائعة"، قال له سامي في آخر مكالمة هاتفية، لكن يوسف شعر بشيء غريب في كلامه. كان الطريق مظلماً أكثر من المعتاد، والأمطار تتساقط بغزارة.
بينما كان يوسف يواصل القيادة، بدأت الأشجار المظلمة التي تحيط بالطريق تبدو وكأنها تراقب كل تحركاته. كما لو كانت تتنفس ببطء، تنحني فروعها الثقيلة وتكاد تلامس الزجاج الأمامي. في ذلك الوقت، تذكر يوسف أنه سمع شائعات عن هذا المكان. كانت الغابة مشهورة بمواقف غريبة تحدث فيها، لكن يوسف حاول تجاهل تلك الأفكار المشوشة.
وصل يوسف أخيرًا إلى منزل سامي. كان بناءً قديمًا، مع نافذتين مهدمتين وسقف مائل. رغم حالته المتداعية، إلا أن هناك شيئًا غريبًا في المكان. شعور ثقيل بالكآبة كان يحيط بالمكان، وكأن الزمان قد توقف فيه. عند دخوله، استقبله سامي بابتسامة واسعة على وجهه، لكن عينيه كانتا غارقتين في ظلٍ غريب، وكأنهما لا تريان العالم من حولهما.
"مرحبًا يوسف، كنت في انتظارك!" قال سامي بصوت هادئ، لكن يوسف شعر بشيء غير مريح في نبرته.
بينما كان يوسف ينظر حوله، لاحظ أن الغرف كانت مظلمة للغاية، رغم وجود مصابيح كهربائية متوهجة بشكل غريب. كانت هناك أشياء قديمة مغطاة بالأتربة، وأثاث مهدم يغطيه الطلاء المتقشر. كان الجو ثقيلًا، وكأن الهواء نفسه لا يتنفس هنا.
جلس يوسف في إحدى الغرف، وسامي قدم له كوبًا من الشاي. بدأ الحديث بينهما عن أيام الطفولة والذكريات القديمة، لكن الجو كان مشحونًا بشيء غريب. فجأة، انقطعت الكهرباء بشكل مفاجئ، فحل الظلام الكامل في المكان.
"لا تقلق، هذا يحدث أحيانًا"، قال سامي، لكنه كان يبدو أكثر توترًا من المعتاد. بدأت الأضواء الخافتة من الشموع تعكس الظلال على الجدران، ورآى يوسف شيئًا غريبًا في الزاوية. كان هناك ظل يتحرك ببطء، كأن هناك شخصًا ما يقف في الظلام، لكن عندما نظر بعناية، لم يرَ أحدًا.
ومع مرور الوقت، بدأت الأصوات تتعالى في المنزل. كانت أصوات خافتة، همسات غير مفهومة، كما لو أن هناك من يتنقل داخل الجدران. بدأ يوسف يشعر بالقلق، وعينيه تتجول في أنحاء المنزل بحثًا عن مصدر تلك الأصوات. كان قلبه ينبض بسرعة، وعقله مشوشًا.
أخذ سامي نفسًا عميقًا، وقال بصوت منخفض، "هل تصدق أن هذا المنزل مسكون؟" صمت يوسف للحظة، لكن الجواب كان واضحًا في عينيه.
فجأة، سمعا صوتًا قويًا يأتي من الطابق العلوي. كان صوتًا يشبه وقع خطوات ثقيلة. "مَن هناك؟" صرخ يوسف، لكن سامي لم يجيب. بل، ابتسم ابتسامة غريبة وقال، "أعتقد أن الوقت قد حان."
بينما كان يوسف يحاول الوقوف والهرب، شعر بشيء ثقيل يضغط على صدره. لقد أصبح الجو أكثر برودة، والهواء مشبعًا برائحة العفن. فتح الباب بسرعة وهبط الدرجات بسرعة، لكنه شعر بشيء ثقيل يلاحقه في الظلام. كانت تلك الأصوات تقترب منه أكثر فأكثر.
وفي اللحظة التي وصل فيها إلى المدخل، اكتشف يوسف الحقيقة المروعة: لم يكن سامي في الغرفة معه منذ فترة. كان الشخص الذي يلاحقه في الظلام هو سامي، لكن عينيه كانتا فارغتين تمامًا، وكأن روحه قد رحلت منذ وقت طويل.
بينما كان يوسف يحاول الهروب من المنزل، شعر بشيء قاسي يلتصق على قدمه. نظرت إلى الأسفل، ورأى يدي سامي تظهر من تحت الأرض، كأنها كانت تنتظر لحظة التقاء.
وقف يوسف، عاجزًا عن الهروب. كان هناك شيء غريب في المكان، كأن المنزل نفسه يرفض السماح له بالخروج. في اللحظة التي كانت فيها يده تكاد تلمس الباب، شعرت روحه بالزحف البارد الذي بدأ يغلف جسده. لقد تأخر الوقت...