أحببت امرأة واهٍ من لوعة الحب.

أحببت امرأة واهٍ من لوعة الحب.

0 reviews

"أحببتُ اِمرأةً تهتمُ بالتفاصِيل مِثلِي، مُصابة بإحساسٍ مُفرِط يُؤلمها أي شيء مِثلي أيضًا، لكِن الحُبّ وحده لم يكُن كافيًا لنُكمِل طريقنا معًا.

أحببتُ اِمرأةً كلما بَدر مِني شيء مَا صمتت واختارت الهرب، وتركتني أقطَع خُطواتِي التي رسمناها معًا وحدِي، لم يشَفع لنا كُل الحُبَّ الذِي بيننا ولو لمرَّةٍ واحدة، لم يستطِع أن يُليَّن من قسوةِ قلب أحدنا على الآخر وقت الغضب.

أحببتُ اِمرأةً كثيرًا ما تُخبرني بأنني قليل الكلام، كُلمَّا حاولت الحديث وقُولت لها أُحِبك لا تَفهمها سوىٰ وداعًا، وتركتني لنفسي ولأسئلتي التي لم تنتهي بَعد.

أحببتُ اِمرأةً أشتري لها الأزَهار التِي تُحِب، ونذهب سويًا للأماكِن التي تُحِب، وأُحارِب كثيرًا لأحظىٰ باِبتسامةٍ منها، وفي نهايةِ كُل يومٍ نتشاجر على أتفهِ الأسباب فلا تجد أمامها طريقًا سوىٰ الفراق.

أحببتُ اِمرأةً أُغدقها اهتمامًا ودلالاً وحُبًّا، أجعلها تشعُر بخفةِ الفراشات لتُحلَق حَولي، ومَا جَعلتني سِوىٰ عُصفور بُترت أجنحته ولن يستطيع التحليق مرة أُخرىٰ.

أحببتُ اِمرأةً لا تهتم بقراءةِ نُصوصي التي أكتُبها من أجلها، لكنني لم أتوقف يومًا عن الكتابةِ لها، فقد كانت مصدرًا للإلهَام، حتى عندما افترقنا لا زلت أكتُب لها.

أحببتُ اِمرأةً لم يُجدي معها نفعًا أي اهتمامٍ، كانت دائمًا تراني مُقصِر ولن تستطيع العيش مَعي أبدًا، وعلى الفورِ تحزِم حقائب الوداع الخاصة بها.

في الأيامِ الأخيرة وقبل أن ينتهي الحُبّ بيننا، توقفت عن فعلِ أي شيء اعتادت فعله في يومي، فقد كُنت أُدرِب نفسِي على التخلي، فليس من السهلِ أن يبتُر أحدنا جُزءًا منه وبيدِهِ، لكنني فعلت.

لم تعُد يداي تكتُب لها؛ 
فقَد تحوَّل كُل هذا الحُبَّ الَّذِي بيننا إلىٰ تعبٍ هائل لا يُحتمَل، فكيف لقلبٍ اعتاد الهَرب خوفًا من اللاشيءِ أن يبقىٰ في مكانٍ لا يتشبّع سوىٰ بالخوفِ؟

وفي نِهاية الأمرِ، فإنَّ إحساسي بفقدِها لن يغيب مَهما مَر الوقت، سيظَل قلبي في غيابها فارغًا، كُل شيءٍ يبدو حينما أتذكرها ثقيلًا على صدري، حتى النظر في وجوهِ العابرين أصبح يُكلفني الكثير مِن رُوحِي.
لكِن؛
هذهِ الغصَّة في قلبِي أكبر مِن أن تُبتَلع، لا أعرف أين يُمكنني أن أجد جوابًا شافيًا لصدرِي، جوابًا يُطفئ لهيب الحسرة والألم القابع في جسدي كُله.

لِماذا علينا أن نظَهر أمام بَعضَنا إن كان أمر لقائنا أشبه بمُعجزةٍ أو كارثة؟

لماذا تُبث المحبة في قُلوبنا بهذا الشكل الجارِف رغمًا عن مَعرفتنا للمُستحيل؟

أعلمُ يا اللّٰه أنك حكيمٌ لا تضع إنسان بطريقِ إنسانٍ آخر دون أن تبُث من خلالهِ رسالة، وأعلمُ أيضًا أن كُل هذه الأوجاع، والإشارات، والرسائل ما هي إلا جُزء من الرحلةِ، لكِنني أتألم يا اللّٰه، كيف لإنسانٍ ما أن يموت حسرةً على أعتابِ إنسانٍ آخر يُحبه ويُحبك؟

لماذا علينا أن نقع دائمًا في حُبِ الأشياء التي لن ننالها حتى بشقِ الأنفُس، فيتملك العجز مِنَّا ونجلس برِفقتهِ على طاولةٍ واحدة؟

لماذا علينا دائمًا الركض والسعي وراء الأشياء التي ترفُضنا تمامًا؟

ألن تندمِل جِراح الحُبّ بداخلنا أبدًا ونتوقف عن النظر للخلفِ ولو لمرة؟"

ـ عبد الرحمٰن السفطِي.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

0

متابعهم

2

مقالات مشابة