قصة قصيرة بعنوان "هكذا أعيش" الجزء الأول

قصة قصيرة بعنوان "هكذا أعيش" الجزء الأول

0 المراجعات

أحداث هذه القصة مستوحاة من الخيال 

 

تقدمت بخطى متثاقلة وأنا أحاول أن أتخطى الجثث المكومة فوق بعضها، كان القصف الرابع على التوالي في ظرف أربع وعشرين ساعة، ها قد نشب الحريق في جوفي دخانه تأوهات يطلقها فمي دون أن ينفتح، أحاول جاهدة تبين ملامح الأشخاص حولي، أبحث عن عائلتي واحدا واحدا، طال بحثي ولم أجد أحدهم، لم أكن الباحثة الوحيدة في المكان، كلهم يبحثون دون جدوى، لقد غير القصف ملامح الكثيرين حتى أن بعضهم تحول لأشلاء يستحيل جمعها. 

ـ ياسمين؟

انطلق ذلك الصوت المرهق من خلفي فاستدرت لأبحث عن مصدره.

كانت رقية إحدى الصحفيات، صديقة طفولتي، كانت تسكن في حينا ثم رحلت مع عائلتها الثرية بعد أن أخذوا نصيبهم من تركة جدها، واصلت تعليمها وأصبحت صحفية شاطرة يشهد الجميع بكفاءتها.

ـ كيف حالك يا ياسمين؟ كنت أخشى أن تكوني من الضحايا. 

قالتها وطوقتني كأنما تحاول إذابتي بين ذراعيها لتحميني من بطش العدو. لم أنبس ببنت شفة واكتفيت بتقليدها لأن عقلي كان متوقفا تماما وعاجزا عن التفكير.

حاولت كثيرا أن تستنطقني لكن دون جدوى، فقد كنت شاردة باكية القلب قبل العين، أخذت بذراعي لتبعدني عن تلك الفوضى، لم أرغب في الابتعاد وقاومتها بشدة حتى أهلكت ما تبقى من طاقتي ورحت أهوي مغمى علي، استيقظت فجأة على صوت ناعم لطبيبة جميلة، سارعت لأخذ بعض القياسات وراحت تدونها في سجل تحمله على ذراعها، تبسمت لي وانصرفت دون أن تقول شيئا، دخلت بعدها رقية لاهثة ووجهها مشرق.

ـ حقا خشيت أن يصيبك مكروه، حمدا لله أنك بخير.

تبسمت ولم أنطق بكلمة واحدة حتى ظنت أنني أصبحت بكماء إثر الصدمة.

طمأنتها الطبيبة عن حالتي فاستبشرت وصلت ركعتين، كنت أراقبها بعيني وعقلي يراقب ما يدور حول ركام العمارات المخضب بالدماء، قطع ذلك صوتها الذي تمنيت أنه لو لم يفعل.

ـ سأخبرك شيئا، لكن ثقي بي، أنت بأمان وكل شيء سيكون على خير ما يرام، ثقي بي لقد انجلى ولن يعود ثانية.

استرسلت دون أن تتنفس قائلة:

 

يتبع في الجزء الثاني من القصة…

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

27

followers

5

followings

3

مقالات مشابة