قصة قصيرة بعنوان "هكذا أعيش" الجزء الثاني

قصة قصيرة بعنوان "هكذا أعيش" الجزء الثاني

0 reviews

تابع للجزء الأول من القصة القصيرة “هكذا أعيش”

 

ـ سأخبرك شيئا، لكن ثقي بي، أنت بأمان وكل شيء سيكون على خير ما يرام، ثقي بي لقد انجلى ولن يعود ثانية.

استرسلت دون أن تتنفس قائلة:

ـ أود أن أخبرك أن أفراد عائلتك قد سبقوك للجنة، نحتسبهم شهداء بإذن الله.

انطلقت دمعة من عيني تخترق مسامات وجنتي فتدميها، حتى الحنظل لم يجرؤ على منافسة ذلك الخبر في إحداث المرارة في حلقي.

ـ أنظري إلي، الخبر الجيد أنك قد عرفت شيئا عن مصيرهم، كثيرون هم من لم يجدوا ذويهم، أعلم أن الخبر صادم لكن ستتجاوزيه كما عهدتك دوما، قوية ولن تستسلمي.

كان هذا آخر ما سمعته، لكنه لم يكن آخر ما قالته، حاولت مواساتي لكن جرح القلب لا يمكن تضميده، استمرت الأيام وتوالت متشابهة، نسمع عن قصف هنا وهناك، قتل وتشريد وتعذيب، يتامى وأرامل ومشردون، دم وعنف وبكاء، كل صور الحزن والألم توجد في بلدي.

بعد خروجي من المستشفى، أخذتني رقية معها لبيتها، كان بناء جميلا، تعيش فيه رفقة والدها ووالدتها، استقبلوني أحسن استقبال واعتبروني واحدة منهم طيلة السنة التي قضيتها معهم، كنت أحاول ألا أظهر شيئا من الضجة بداخلي، كنت أبكي دون دموع، وأنزف دون دم، كنت أخفي عيني حتى لا ينفضح أمري، حاولو التخفيف عني بشتى الطرق، حتى اصطحبوني لطبيب نفسي.

لقد حاول استدراجي لحلقة المرضى النفسيين، لكن لن يفلح لأنني لست كذلك، لا يمكن الإنكار أن أسئلته كانت في غاية الذكاء، لقد تعمد طرح أسئلة ملغمة في كثير من الأحيان، لكنك كنت أذكى يا فتاة، وأتقنت دور سمكة التونة العنيدة التي ترفض الوقوع في الشبك، كنت عنيدة حتى تنازل عن معالجتي ورفض أخذ المال، ولم يكن الوحيد حتى فقدوا الأمل من معالجتي.

 كان والد رقية صاحب مصنع صغير لصناعة منتجات الحليب، أخذ بيدي ذات يوم في محاولة لانتشالي من واقعي المر، اصطحبني لمصنعه وعرفني على العمال هناك، وأخبرهم أنني العاملة الجديدة، تعمد وضعي في مكان يطغى عليه العنصر النسوي حتى أجد حديثا معهن ولا أملّ، أقدر جهوده وعائلته.

استمرت الأيام دون جديد، فتيات تحاولن اصطياد كلمة من فمي الذي ظننت أنه مخاط بخيط سميك، عمال هنا وهناك وضجيج الآلات يصم الآذان، وفي فترة الراحة أحمي رأسي بيدي وأكرر سيناريو القصف الأخير، أتناول بعض قطع الجبن لإسكات عصافير بطني وأعود مجددا للعمل تحت الآلة الضخمة، ينتهي اليوم فأعود مع والد رقية الذي شبهته بوالدي، لم يكن هناك شيء يستحق أن أسهر لأجله، فكنت أفعل كل ما بوسعي حتى أنام مبكرا. 

وحدث فجأة ذلك الشيء الذي اخترق هذا الروتين وحوله لروتين أسوأ منه، 

 

يتبع في الجزء الثالث من القصة

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

27

متابعين

5

متابعهم

3

مقالات مشابة