
المنزل المسكون بالأشباح
اَلْمَنْزِل اَلْمَسْكُونِ
كَانَتْ جِينِيفَرْ تَخَافُ مِنْ اَلْمَكَانِ اَلَّذِي تَعِيشُ فِيهِ ، فَلَطَالَمَا سَمِعَتْ أَصْوَاتًا غَرِيبَةً فِي مَنْزِلِهَا اَلْقَدِيمِ اَلَّذِي يَعُودُ لِلْقَرْنِ اَلتَّاسِعِ عَشَر . وَعَلَى اَلرَّغْمِ مِنْ أَنَّهَا قَدْ تَحَدَّثَتْ مَعَ اَلْجِيرَانِ وَسَأَلَتْهُمْ عَنْ هَذِهِ اَلْأَصْوَاتِ ، إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهَا مُجَرَّدُ أَصْوَاتٍ عَادِيَّةٍ فِي اَلْمَنْزِلِ اَلْقَدِيمِ .
وَمَعَ ذَلِكَ ، كَانَتْ اَلْأَصْوَاتُ أَقْوَى مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ عَادِيَّةً . كَانَتْ تَسْمَعُ صَرَخَاتٍ وَأَصْوَات تَأْتِي مِنْ اَلطَّابَقِ اَلْعُلْوِيِّ وَاَلَّتِي لَا يُوجَدُ فِيهِ أَحَدُ آخَر . كَانَتْ تَشْعُرُ بِأَنَّ هُنَاكَ شَخْصًا مَا فِي اَلْمَنْزِلِ ، وَهَذَا اَلْأَمْرُ كَانَ يُزْعِجُهَا كَثِيرًا .
فِي يَوْمِ مِنْ اَلْأَيَّامِ ، قَرَّرَتْ جِينِيفَرْ اَلْبَحْثِ فِي تَارِيخِ اَلْمَنْزِلِ ، فَذَهَبَتْ إِلَى اَلْمَكْتَبَةِ اَلْمَحَلِّيَّةِ لِلتَّحَقُّقِ مِنْ اَلسِّجِلَّاتِ . وَجَدَتْ أَنَّ اَلْمَنْزِلَ كَانَ يَنْتَمِي إِلَى عَائِلَةٍ ثَرِيَّةٍ فِي اَلْقَرْنِ اَلتَّاسِعِ عَشَر ، وَكَانَ اَلْأَبُ مَشْغُولاً جِدًّا فِي عَمَلِهِ وَلَمْ يُعِيرَ اِهْتِمَامًا كَبِيرًا لِأَوْلَادِهِ .
تَمَكَّنَتْ جِينِيفَرْ مِنْ اَلْعُثُورِ عَلَى بَعْضِ اَلصُّوَرِ لِأَوْلَادِ اَلْعَائِلَةِ ، وَلَاحَظَتْ شَبَهًا كَبِيرًا بَيْنَ أَحَدِهِمْ وَبَيَّنَ اَلشَّخْصُ اَلَّذِي كَانَ يُظْهِرُ لَهَا فِي اَلْمَنْزِلِ . وَقَرَّرَتْ جِينِيفَرْ أَنْ تُحَاوِلَ اَلتَّوَاصُلَ مَعَ اَلرُّوحِ اَلَّتِي تَعْتَقِدُ أَنَّهَا تَعِيشُ فِي اَلْمَنْزِلِ .
بَدَأَتْ جِينِيفَرْ فِي إِجْرَاءِ بَعْضِ اَلطُّقُوسِ اَلرُّوحَانِيَّةِ وَالصَّلَوَاتِ ، وَكَانَتْ تَتَحَدَّثُ مَعَ اَلرُّوحِ بِلُغَةٍ وِدِّيَّةٍ ، وَتَطْلُبَ مِنْهَا أَنْ تَتْرُكَهَا وَتَتَوَجَّهُ إِلَى اَلنُّورِ . وَفِي اَلْمُدَّةِ اَلْقَصِيرَةِ اَلَّتِي تَبِعَتْ ذَلِكَ ، لَمْ تَشْعُرْ جِينِيفَرْ بِأَيَّ شَيْءٍ غَرِيبٍ فِي اَلْمَنْزِلِ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أَيَّ أَصْوَاتٍ غَيْرِ طَبِيعِيَّةٍ .
وَمُنْذُ ذَلِكَ اَلْحِينِ ، عَاشَتْ جِينِيفَرْ بِسَلَامِ فِي اَلْمَنْزِلِ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أَيَّ أَصْوَاتٍ غَرِيبَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ . وَكَانَتْ سَعِيدَةً بِأَنَّهَا تَمَكَّنَتْ مِنْ اَلِاتِّصَالِ بِالرُّوحِ اَلَّتِي كَانَتْ تَعِيشُ فِي اَلْمَنْزِلِ ، وَتَحْرِيرُهَا مِنْ اَلِارْتِبَاطِ بِالْعَالَمِ اَلْآخَرِ .
وَلَكِنْ بَعْدَ بِضْعَةِ أَسَابِيعَ ، بَدَأَتْ تَسْمَعُ أَصْوَاتًا غَرِيبَةً مَرَّةً أُخْرَى ، وَلَكِنْ هَذِهِ اَلْمَرَّةِ كَانَتْ اَلْأَصْوَاتُ مُخْتَلِفَةً عَنْ تِلْكَ اَلَّتِي سُمْعَتُهَا مِنْ قِبَلٍ . كَانَتْ صَوْتًا لِرَسَائِلَ صَوْتِيَّةٍ تَتْرُكُهَا شَخْصٌ مَجْهُولٌ عَلَى هَاتِفِهَا اَلثَّابِتِ فِي وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنْ اَللَّيْلِ ، وَقَدْ كَانَتْ تَشْعُرُ بِالرُّعْبِ .
وَعَلَى اَلرَّغْمِ مِنْ أَنَّ جِينِيفَرْ لَمْ تَعْرِفْ مَصْدَرَ هَذِهِ اَلرَّسَائِلِ اَلصَّوْتِيَّةِ ، إِلَّا أَنَّهَا بَدَأَتْ فِي اَلشُّعُورِ بِأَنَّ هُنَاكَ شَخْصًا مَا يُرَاقِبُهَا مِنْ دَاخِلِ اَلْمَنْزِلِ . فَبَعْدَ كُلِّ مُكَالَمَةٍ صَوْتِيَّةٍ تَصِلُهَا ، تَجِدَ بَعْضَ اَلْأَشْيَاءِ فِي اَلْمَنْزِلِ قَدْ تَمَّ تَحْرِيكُهَا وَوَضْعُهَا فِي أَمَاكِنِ غَيْرِ مَأْلُوفَةٍ .
وَفِي لَيْلَةٍ مِنْ اَللَّيَالِي ، اِنْتَهَتْ جِينِيفَرْ مِنْ اَلْعَمَلِ فِي مَكْتَبِهَا وَعَادَتْ إِلَى اَلْمَنْزِلِ . عِنْدَمَا دَخَلَتْ اَلْمَنْزِلَ ، شَعَرَتْ بِشَيْءٍ غَرِيبٍ وَكَأَنَّ شَخْصًا مَا يُرَاقِبُهَا . وَعِنْدَمَا اِتَّجَهَتْ إِلَى اَلطَّابَقِ اَلْعُلْوِيِّ ، رَأَتْ شَخْصًا يَجْلِسُ عَلَى اَلدَّرَجِ اَلْمُؤَدِّي إِلَى اَلطَّابَقِ اَلثَّانِي .
لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَيُّ طَرِيقٍ لِلْخُرُوجِ ، لِذَا قَرَّرَتْ جِينِيفَرْ اَلْهُرُوبِ عَبْرَ اَلنَّافِذَةِ . وَلَكِنْ عِنْدَمَا بَدَأَتْ فِي تَسَلُّقِ اَلنَّافِذَةِ ، اِنْزَلَقَتْ وَسَقَطَتْ عَلَى اَلْأَرْضِ ، وَفَقَدَتْ اَلْوَعْيَ . عِنْدَمَا اِسْتَيْقَظَتْ ، وَجَدَتْ نَفْسُهَا فِي اَلْمُسْتَشْفَى ، وَكَانَتْ اَلشُّرْطَةُ تُحَقِّقُ فِي اَلْحَادِثَةِ . وَبَعْدُ أَيَّامِ مِنْ اَلتَّحْقِيقِ ، تَمَّ اَلْعُثُورُ عَلَى جُثَّةِ شَخْصٍ مَجْهُولٍ دَاخِلَ اَلْمَنْزِلِ ، وَقَدْ تَمَّ اِكْتِشَافُ أَنَّهُ كَانَ يَعِيشُ فِي اَلْمَنْزِلِ دُونَ عِلْمِ جِينِيفَرْ ، وَكَانَ يُرَاقِبُهَا وَيَتَلَصَّصُ عَلَيْهَا مُنْذُ وُصُولِهَا إِلَى اَلْمَنْزِلِ .
وَكَانَ اَلشَّخْصُ اَلْمَجْهُولُ قَدْ وَجَدَ اَلدُّمْيَةَ اَلْمَسْكُونَةَ اَلَّتِي كَانَتْ فِي اَلْمَنْزِلِ وَقَرَّرَ اِسْتِخْدَامُهَا لِتَرْوِيعِ جِينِيفَرْ ، وَكَانَ يَقُومُ بِتَحْرِيكِ اَلْأَشْيَاءِ وَتَرْكِ اَلرَّسَائِلِ اَلصَّوْتِيَّةِ اَلْغَامِضَةِ عَلَى هَاتِفِهَا .
وَبَعْدٌ اِنْتِهَاءِ اَلتَّحْقِيقَاتِ ، أَصْبَحَتْ جِينِيفَرْ مُتَأَكِّدَةً بِأَنَّ اَلدُّمْيَةَ اَلْمَسْكُونَةَ هِيَ سَبَبُ كُلِّ مَا حَدَثَ فِي اَلْمَنْزِلِ ، وَقَرَّرَتْ اَلتَّخَلُّصَ مِنْهَا بِأَيَّ طَرِيقَةٍ . فَأَخَذَتْ اَلدُّمْيَةُ إِلَى مَنْزِلٍ مَهْجُورٍ بَعِيدًا عَنْ اَلْمَدِينَةِ وَأَحْرَقَتْهَا هُنَاكَ .
وَمُنْذُ ذَلِكَ اَلْحِينِ ، لَمْ تُعَانِيَ جِينِيفَرْ مِنْ أَيِّ أَحْدَاثٍ غَرِيبَةٍ فِي مَنْزِلِهَا ، وَاسْتَعَادَتْ حَيَاتُهَا اَلطَّبِيعِيَّةُ وَالسَّلِيمَةُ . وَلَكِنَّهَا لَمْ تَنْسَ تَجْرِبَتَهَا اَلْمُرْعِبَةَ ، وَلَا تَزَالُ تَتَذَكَّرُهَا كُلَّمَا تَمُرُّ بِجَانِبِ مَتْجَرٍ لِلدُّمَى أَوْ تُشَاهِدُ فِيلْمًا رُعْبًا عَنْ اَلدُّمَى اَلْمَسْكُونَةِ .