inhabited pit :الحفرة المسكونة

اَلْحُفْرَةُ اَلْمَسْكُونَةُ 

 

 

كَانَتْ جِينِيفَرْ شَابَّةٌ جَمِيلَةٌ فِي اَلْعِشْرِينِيَّاتِ مِنْ عُمْرِهَا ، وَكَانَتْ تَحْظَى بِحَيَاةٍ جَيِّدَةٍ وَمُرِيحَةٍ فِي مَنْزِلِهَا اَلْفَسِيحِ بِالْقُرْبِ مِنْ اَلشَّاطِئِ . وَلَكِنَّهَا بَدَأَتْ تَشْعُرُ بِالْمَلَلِ وَالرَّتَابَةِ ، وَكَانَتْ تَبْحَثُ عَنْ تَجْرِبَةٍ جَدِيدَةٍ وَمُثِيرَةٍ . 

وَفِي يَوْمِ مِنْ اَلْأَيَّامِ ، قَرَّرَتْ جِينِيفَرْ اَلْقِيَامِ بِرِحْلَةٍ إِلَى جَزِيرَةٍ نَائِيَةٍ فِي وَسَطِ اَلْمُحِيطِ اَلْهَادِئِ ، وَاَلَّتِي كَانَتْ تَعْرِفُ عَنْهَا بِأَنَّهَا مَوْطِنٌ لِأَنْوَاعٍ نَادِرَةٍ مِنْ اَلْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ . وَقَرَّرَتْ جِينِيفَرْ اَلْقِيَامِ بِالرِّحْلَةِ بِمُفْرَدِهَا ، لِأَنَّهَا كَانَتْ تُرِيدُ اَلِاسْتِمْتَاعَ بِالْهُدُوءِ وَالسَّكِينَةِ . 

وَعِنْدَ وُصُولِهَا إِلَى اَلْجَزِيرَةِ ، كَانَتْ جِينِيفَرْ تَشْعُرُ بِالرِّضَا وَالسَّعَادَةِ ، وَبَدَأَتْ تَتَجَوَّلُ فِي اَلْغَابَةِ وَتَسْتَكْشِفُ اَلْجَزِيرَةُ . وَفِي يَوْمِ مِنْ اَلْأَيَّامِ ، وَجَدَتْ جِينِيفَرْ نَوْعًا نَادِرًا مِنْ اَلزُّهُورِ ، وَقَرَّرَتْ أَنْ تَقْطِفَ بَعْضًا مِنْهَا كَهَدِيَّةٍ لِأُمِّهَا . 

لَكِنَّ حِينَمَا اِقْتَرَبَتْ مِنْ اَلزَّهْرَةِ ، اِنْتَبَهَتْ إِلَى وُجُودِ حَيَوَانٍ غَرِيبٍ اَلشَّكْلِ وَالْحَجْمِ ، وَكَانَ يُشْبِهُ اَلْقِرْدُ ، لَكِنَّهُ كَانَ أَكْبَرَ بِكَثِيرٍ وَأَكْثَر شَرَاسَةً . وَبِمُجَرَّدِ أَنْ لَاحَظَتْهَا اَلْحَيَوَانَ ، بَدَأَتْ تَرْكُضُ نَحْوهَا بِسُرْعَةِ فَائِقَةٍ . 

حَاوَلَتْ جِينِيفَرْ اَلْهَرَبِ ، وَلَكِنَّ اَلْحَيَوَانَ كَانَ يُطَارِدُهَا بِلَا هَوَادَةٍ ، وَبَعْدٌ مُطَارَدَةٍ طَوِيلَةٍ ، تَمَكَّنَ اَلْحَيَوَانُ مِنْ اَلْإِمْسَاكِ بِهَا وَالْقَبْضِ عَلَيْهَا بِأَسْنَانِهِ اَلْحَادَّةِ . وَعِنْدَمَا اِسْتَيْقَظَتْ جِينِيفَرْ ، وَجَدَتْ نَفْسُهَا فِي غُرْفَةٍ مُظْلِمَةٍ ، وَكَانَتْ مُحَاطَةً بِجُدْرَانٍ مِنْ اَلصَّخْرِ اَلصُّلْبُ . وَلَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ كَيْفَ وَصَلَتْ إِلَى هَذَا اَلْمَكَانِ .

اَلْحَيَوَان اَلشَّرِسِ اَلَّذِي كَانَ يُطَارِدُهَا فِي اَلْغَابَةِ كَانَ فِي اَلْحَقِيقَةِ وَحْشًا نَادِرًا يُعْرَفُ بِاسْمِ " اَلْكِيتْسُونْ " ، وَهُوَ يَعِيشُ فَقَطْ فِي تِلْكَ اَلْجَزِيرَةِ اَلنَّائِيَةِ وَيَتَغَذَّى عَلَى اَلْحَيَوَانَاتِ اَلْأُخْرَى . 

لَمْ تَكُنْ جِينِيفَرْ تَعَلُّمِ بِوُجُودِ هَذَا اَلْحَيَوَانِ اَلشَّرِسِ ، وَلَا تَعْرِفُ كَيْفَ تَمَّ اَلْإِمْسَاكُ بِهَا وَنَقْلِهَا إِلَى هَذَا اَلْمَكَانِ اَلْمُظْلِمِ . بَدَأَتْ تَشْعُرُ بِالْخَوْفِ وَالْفَزَعِ ، وَتُحَاوِلَ بِشَتَّى اَلطُّرُقِ اَلْخُرُوجِ مِنْ هَذَا اَلْمَكَانِ اَلْمُظْلِمِ وَالْمُرْعِبِ .

 وَبَعْدٌ عِدَّةِ سَاعَاتٍ مِنْ اَلصُّرَاخِ وَالْبُكَاءِ ، ظُهْرَ شَخْصِ مَا أَمَامَ اَلْبَابِ اَلْمُغْلَقِ لِلْغُرْفَةِ ، وَكَانَ يَحْمِلُ سَلَّةً صَغِيرَةً فِي يَدِهِ . وَبَدَأَ اَلشَّخْصُ بِالتَّحَدُّثِ مَعَ جِينِيفَرْ ، وَقَالَ لَهَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ لِإِطْعَامِ " اَلْكِيتْسُونْ " ، وَلَكِنَّهُ تَفَاجَأَ بِوُجُودِهَا هُنَاكَ . 

وَبَدَأَ اَلشَّخْصُ بِإِطْعَامِ " اَلْكِيتْسُونْ " ، وَكَانَ يَتَحَدَّثُ مَعَ جِينِيفَرْ فِي نَفْسِ اَلْوَقْتِ ، وَيُحَاوِلَ أَنَّ يُهَدِّئَهَا وَيُوَضِّح لَهَا أَنَّهَا فِي مَأْمَنٍ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدِ اَلْوُصُولِ إِلَى هَذَا اَلْمَكَانِ اَلْمُنْعَزِلِ . 

وَبَعْدٌ عِدَّةِ أَيَّامِ مِنْ اَلْإِقَامَةِ فِي هَذَا اَلْمَكَانِ ، بَدَأَتْ جِينِيفَرْ فِي اَلتَّأَقْلُمِ مَعَ اَلْحَيَاةِ فِي اَلْغُرْفَةِ اَلْمُظْلِمَةِ ، وَبَدَأَتْ تَفَهُّمَ طَرِيقَةِ عَمَلِ اَلشَّخْصِ اَلَّذِي يَأْتِي لِإِطْعَامِ " اَلْكِيتْسُونْ " . وَعِنْدَمَا شَعَرَتْ جِينِيفَرْ أَنَّهَا بَدَأَتْ تَفَهُّمَ طَرِيقَةِ عَمَلِ اَلشَّخْصِ ، قَرَّرَتْ اَلِاسْتِفَادَةُ مِنْ هَذِهِ اَلْفُرْصَةِ لِلْهَرَبِ .

 وَفِي يَوْمِ مِنْ اَلْأَيَّامِ ، تَمَكَّنَتْ جِينِيفَرْ مِنْ اَلْهَرَبِ مِنْ اَلْغُرْفَةِ اَلْمُظْلِمَةِ ، وَقَرَّرَتْ اَلْبَحْثَ عَنْ مَخْرَجِ مِنْ هَذِهِ اَلْجَزِيرَةِ اَلنَّائِيَةِ . وَبَعْدُ اَلْبَحْثِ لِبِضْعَةِ أَيَّامٍ ، تَمَكَّنَتْ جِينِيفَرْ مِنْ اَلْعُثُورِ عَلَى طَرِيقٍ لِلْخُرُوجِ .

لَكِنَّ سَعَادَتَهَا لَمْ تَدُمْ طَوِيلاً ، حَيْثُ وَجَدَتْ نَفْسُهَا مُحَاصَرَةً بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ اَلْقُرُودِ اَلْعَنِيفَةِ . حَاوَلَتْ جِينِيفَرْ اَلْهَرَبِ ، لَكِنَّهَا فَشِلَتْ فِي اَلْوُصُولِ إِلَى أَيِّ مَخْرَجٍ ، وَاضْطُرَّتْ لِلتَّخَبُّطِ بَيْنَ اَلْأَشْجَارِ وَالْحِجَارَةِ ، فِي مُحَاوَلَةٍ لِلدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِهَا .

 وَفِي لَحْظَةٍ مِنْ اَللَّحَظَاتِ ، سُمِعَتْ جِينِيفَرْ صَوْتًا يَدَوِيًّا يَقْتَرِبُ مِنْهَا ، وَكَانَتْ اَلشُّرْطَةُ قَدْ وَصَلَتْ إِلَى هَذِهِ اَلْجَزِيرَةِ لِلْبَحْثِ عَنْ اَلْعَمِيلِ اَلسِّرِّيِّ اَلْمَفْقُودِ . وَبَعْدٌ سَاعَاتٍ مِنْ اَلْبَحْثِ ، تَمَّ اَلْعُثُورُ عَلَى جِينِيفَرْ ، وَتَمَّ إِنْقَاذُهَا مِنْ مَأْزِقِهَا . 

عَادَتْ جِينِيفَرْ إِلَى اَلْوَطَنِ ، وَعِنْدَمَا سَأَلَتْ عَنْ مَا حَدَثَ مَعَهَا فِي اَلْجَزِيرَةِ ، لَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ تَفْسِيرِ كُلِّ شَيْءِ اَلَّذِي حَدَثَ . وَمُنْذُ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ ، بَدَأَتْ تُعَانِي مِنْ نَوْبَاتِ اَلْهَلَعِ وَالْخَوْفِ ، وَبَدَأَتْ تَعِيشُ فِي حَالَةٍ مِنْ اَلْخَوْفِ اَلْمُسْتَمِرِّ ، وَتَذَكَّرَ دَائِمًا تِلْكَ اَلْأَيَّامِ اَلرَّهِيبَةِ اَلَّتِي قَضَتْهَا فِي اَلْجَزِيرَةِ اَلْمُظْلِمَةِ . 

وَبَدَأَتْ جِينِيفَرْ بِالتَّحَدُّثِ مَعَ أَطِبَّائِهَا وَمُسْتَشَارِيهَا اَلنَّفْسِيِّينَ ، وَعَمِلَتْ بِجِدِّ لِلتَّغَلُّبِ عَلَى مَشَاعِرِهَا اَلسَّلْبِيَّةِ وَالتَّعَافِي مِنْ تَجْرِبَتِهَا اَلرَّهِيبَةِ . وَلَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَبَدًا نِسْيَانَ تِلْكَ اَلْأَيَّامِ اَلدَّامِيَةِ اَلَّتِي قَضَتْهَا فِي اَلْجَزِيرَةِ اَلْمُظْلِمَةِ .