ضوء يسطع من الظلمة : الجزء الثاني

ضوء يسطع من الظلمة : الجزء الثاني

0 reviews

مازالت الفتاة الصغيرة تتعثر بأفكارها المتشتتة ناسية الخطر المحدق حولها ،اربعة شبان ملثمين يقتادونها بعيدا لوجهة لا تعرفها ، يبدو وجها الطفولي متسخا من مزيج الغبار المتصاعد من ثقل الارجل على الارض مع دمعها المتساقط من عينيها الخضراوين ، لا خوفا ولا هلعاً ، بل تقودها ذكرياتها الى بئر عميق من الأحزان ، لم تستطع ولن تستطع الخروج منه.

بعدت المسافة ، وتعبت قدماها الصغيرتين وعجزت عن حمل وزنها فسقطت أرضاً من منهكة تعبة ، عندها انتبه لها أحد الشباب وأخذ يصرخ عليه ويحثها على النهوض والا قتلها، حاولت النهوض ولكن جسدها لم يستجب لها ،فأدركت أن النهاية قريبة ،فأغمضت عينيها  أثناء محاولة أحد الشبان ضربها لحثها على النهوض ، ولكن ماذا حدث لم تشعر أيلا بأي ألم ، حتى لم تشعر بأن احد لمسها ، لتفتح عيناها لتجد أن الشبان قد بدؤوا يركضون خوفاً تاركين امتعتهم ورائهم ، نسيت ألامها وحاولت النهوض لترى ماذا يحدث ، وبقدمين مرتجفتين استطاعت الوقوف قليلاً ، وإذا بها تسقط لتقع بين يدين قويتين حملاها وضعاها على أحد الأحصنة المتواجدة في المكان.

كانت شبه غائبة عن الوعي أنهكها التعب والجوع ، وأفقدها حزنها وتمنيها الموت الرغبة بالاستيقاظ ، ولكن هذا لم يمنعها من رؤية بعض الأحصنة والرجال الذين يبدون مرتبين ومريحين ، فأحست للحظة بالراحة وبأنها بأمان ،فاستسلمت لنوم عميق لم تنم مثله منذ حادثة والديها ، تاركة عالمها المحزن والمخيف ورائها ، "ترى ماذا ينتظرها عندما تستيقظ"

كان هذا آخر سؤال خطر على بالها قبل استسلامها للنوم. 

  • جاء صباح اليوم التالي مسرعاً ، فتحت ايلا عيناها التي بدأت تتجول في أرجاء المكان ، متفحصة الغرفة التي تنام فيها ، بدأت الأفكار تتلاعب بها ، " يا الهي كم هي غرفة جميلة " ، كانت الغرفة مزينة ، ومزخرفة بالأشكال والألوان ، مملوءة بالأثاث الفاخر ، وهذا السرير الذي تنام عليه كم هو مريح لدرجة انها أرادت الاستسلام مرة اخرى . 
  • مرت عدة أيام وهي في السرير لا ترى أحداً سوى امرأة سمينة تبدو في الأربعين من عمرها تعتني بها ، وتحضر لها الطعام الذي بالكاد تأكل منه القليل ، 

كانت هذا المرأة تدعى شادية " اسمي شادية وأنا هنا للاهتمام بك حتى تستعيدي قوتك" 

كان هذا كل ما قالته لأيلا حتى أنها لم تسأل ايلا عن اسمها وبدلاً من ذلك كانت دائماً تناديها" هل الأميرة بخير ، هل الاميرة جائعة" 

  • ذات صباح استيقظت أيلا نشطة على غير عادتها، بحثت عن ثيابها القديمة التي كانت ترتديها  فلم تجدها ،فقررت البقاء مرتدية ثوبها الجديد والذي بدا مناسباً لها ،فلبست حذائها واتجهت نحو باب الغرفة مصممة على الرحيل ، ولما همت بفتح الباب ، خافت وتراجعت وإذا بالباب يفتح ويدخل شاب وسيم ذو شعر أشقر وعينان زرقاوان ، طويل القامة يلبس لباس اشبه بلباس الأمراء ،اتجه نحو أيلا التي وقفت جامدة لا تعرف ما تفعل ولا ما تقول : ماذا من انت واين أنا

-الشاب : اسمي بيتر وأنا الذي أنقذت حياتك وأحضرتك الى هنا

كانت أيلا تستمع لكلمات الشاب وقد بدأ قلبها يخفق بسرعة : " هل هو الخوف أو شيء آخر لا أعرف" هكذا بدأت تفكر وهي تتراجع بخطوتها الى الخلف بعيداَ عنه

  • الشاب : لا تخافي لن أؤذيك ، أنا هنا لمساعدتك

لكن قلب أيلا استمر بالخفقان ، وهي تنظر اليه جامدة ، ساكتة ، تتلاعب بها الأفكار لا تعرف ماذا تفعل

  • الشاب : قلت لك لا تخافي ، ما اسمك 
  • ايلا : اسمي ايلا ، 
  • بيتر : اسم جميل ، ما قصتك ايلا
  • ايلا: أريد الرحيل والعودة لمنزلي ، أرجوك
  • بيتر : لا تقلقي سوف تعودين ولكن ليس قبل أن تتحسني جيداً

حاولت ايلا ان ترفض وتصر على قرارها، لكن خانتها الكلمات ، فأومأت برأسها موافقة، ليستدير بعدها الشاب خارجاً من الغرفة مودعاً اياها ، بعد أن دعاها لتتناول الغداء معه .

راقبت ايلا بيتر وهو يخرج من الغرفة ، حتى اختفى وأغلق الباب وراؤه، لم تدرك ايلا ما حدث لها الا بعد ان خرجت من صدمتها ، عاتبت نفسها لأنها كانت ضعيفة ولم تستطع أن تقول له ماذا كانت تريد قوله ، لم تستطع حتى أن تخبره بأنها شاكرة له انقاذ حياتها ، " كم أنا غبية لم أستطع ان اقول له شكرا على انقاذ حياتي ، لقد تجمدت كالبلهاء "

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

6

followers

2

followings

4

similar articles