شنبوه فى المصيدة

أمر جاد و خطير ..

هو اللى خلى الرئيس عبد الناصر يستدعى رئيس الاذاعة وقتها فى مكتبه ..!

هل فيه نبأ عسكرى عن الحرب فى سيناء ؟..و لآ فيه قرار رئاسي هيغير شكل البلد ؟..و لآ مجرد تعديل فى قيادات الاعلام و الاذاعة هتطيح بيه هو شخصيا ؟.. اسئلة كثير دارت فى رأس رئيس الاذاعة  و هو فى الطريق لمكتب الرئيس ..فمنقدرش ننكر حالة التوتر اللى كان فيها ..و اللى تحولت لحالة من الاستغراب و الدهشة فى ثوانى قليلة جدا من اللى سمعه فى المقابلة ..قبل ما يستوعبه  و يفهمه ..و يقتنع  بيه !

بالتأكيد  اباءنا و اجدادنا حكوا لنا الدنيا كانت عاملة ازاى وقتها .. بعد نكسة 67 و اللى بتمر ذكراها ال56  ، كان المصريين بطبيعة الحال  بيمروا بحالة من الاكتئاب الشديد..احنا شوفنا فيديوهات قديمة و افلام و مسلسلات كثير نقلت الحالة دى فى المجتمع ..حلم كبير بيتحول فى يوم و ليلة لكابوس فظيع صعب انك تفوق منه ..الكابوس مكنش بس فى هزيمة حرب و ضياع جزء من ارض مصر ..و لكن فى هزيمة مشروع وطنى عاشوه على مدى 15 سنة ..

الحالة العامة دى مكنتش صعبة على اي رئيس انه يرصدها  ، اذا  هو نفسه كان عايشها ! ..عشان كده كان التفكير فى شئ يغير (مود) الناس ..فمكنش فيه احسن  من الاعلام عشان يقوم من الموضوع ده ..و مكنش فيه اسهل من الاذاعة المصرية من انها تقوم بالمهمة ..

هنا بنلاقى ان الظروف تلعب دور مهم جدا ..رمضان على الابواب ..موسم الناس بتتلم فيه و تسمع اى شئ هيطلعها من الحالة ، فبجانب فوازير آمال فهمى ..يقدروا يسمعوا برنامج مسلى او مسلسل لطيف..

و اذا كنا عايزين الناس تنبسط ..فمفيش غير المسلسل الكوميدى و اهم نجم كوميدى فى الفترة ..هل كان عبد الناصر قاصده  هو  شخصيا ؟..بكل تأكيد ، خصوصا ان الفنان الكبير اسماعيل ياسين نجمه افل عند الجمهوربشكل كبير  ..و مع  الظروف نلاقى  كمان ان الاستاذة الكبيرة  (صفية المهندس) هى نائبة رئيس الاذاعة  ..فمكنش صعب عليها انها تقنع اخوها ( فؤاد المهندس) انه يعمل مسلسل كوميدى فى رمضان ..

فى الوقت ده كان الكاتب الكبير ( احمد رجب) مشهور جدا بكتاباته الساخرة جدا زائد انه كان له مسلسل اذاعى اسمه (شئ من العذاب ) من بطولة موسيقار الاجيال  عبد الوهاب و نيللى .. فيروح له المهندس  مكتبه فى اخبار اليوم عشان يكتب قصة المسلسل ..و فى اقل من اسبوع يجى له الاخير فى بيته و معاه قصة المسلسل ..و يتفقوا هما الاتنين مع سيناريست اسمه (صبرى عزت) عشان تتحول لمسلسل اذاعى ..

و يتذاع مسلسل (شنبو فى المصيدة) اول يوم رمضان الموافق 2 ديسمبر 1967 و يحقق نجاح كبير جدا..فالناس تضحك  و تنسى مؤقتا مرارة الهزيمة بفضل تألق الثنائى الاشهر فى الكوميديا ( فؤاد المهندس و شويكار) يزيد معاهم عملاق المسرح ( يوسف وهبى) فى دور بروفيسور درويش ..ده بالاضافة لفنان جميل رحل عن عالمنا مؤخرا ( سمير صبرى )  ...و مع النجاح الاذاعى ، بتيجى فكرة السينما .. فيتحول المسلسل الى فيلم بنفس طاقم التمثيل و  من اخراج الراحل الكبير  حسام الدين مصطفى و يتعرض يوم 2 سبتمبر  1968..و يحقق اعلى ايرادات و يتخطى افلام مهمة زى شئ من الخوف ..قبل ما فيلم ( ابى فوق الشجرة ) ينزل السينما  و  ياخد مكانه فى السباق ..

فى الحقيقة ، ناس كثير قالوا ان المسلسل اخف بكثير من الفيلم .. لكن بكل  تأكيد المهندس و شويكار ليهم اعمال احسن كثير ..المهندس زمان كان له تصريح جميل جدا مع افتكر صفاء ابو السعود بيقول فيه ان مكنش بيحب السينما خالص بقدر عشقه الشديد بالمسرح ..

عشان كده هنلاقى ان مسرحياتهم احلى بكثير جدا .. بالنسبة للسينما فلهم هما الاتنين قبل النكسة  3 افلام جمال جدا : (اعترافات زوج ) و (انا و هو و هى) و (هارب من الزواج) ..اما بالنسبة لما بعد النكسة ،فاحنا ممكن نشوف افلامهم  تافهة جدا ..يكفى ان  النقاد زمان و النهاردة بيتهموهم بالاستخفاف و تخريب الذوق العام ..

شخصيا انا مسمعتش المسلسل ..لكنى شوفت الفيلم  من عشرين سنة تقريبا و الحق يتقال انى ضحكت جدا..ممكن يكون قصة و  موضوع الفيلم نفسه مثير للسخرية  ..ممكن تكون شخصياته و مواقفها الغير منطقية و افيهاتها العجيبة بالممثلين نفسهم سبب فى حالة الضحك اللى حاصلة ..

و سواء كان العمل تافه او لأ ..فهو نجح جدا فى تحقيق الهدف المنشود ..احيانا بننسى ان اى عمل كوميدى بيكون معمول عشان حاجة  واحدة ..و ده اللى كانت الدولة عايزاه فى الفترة دى و.اللى هتستمر لمدة ثلاث سنين..باضافة افلام من بطولة الثنائى و بنفس الشكل : ( انت اللى قتلت باباياه ) و ( العتبة جزاز ) و ( سفاح النساء ) و ( ربع دستة اشرار) و ( المليونير المزيف )..قبل ما يدخل فى السكة ( محمد رضا ) بفيلم قصته ( كبيرة شوية ) تتحكى بعدين ..

اخيرا ، احنا كنا قدام حالة خطيرة جدا   كفيلة انها تقضى على مجتمع كبير زى مصر . .فكان لازم يفوق عشان يعيش و يقدر على الاقل يفكر ..

فى اللى جاى ..!

آسف على الاطالة