رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ١

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ١

0 المراجعات

القصة و الأشخاص و الأحداث من وحي خيالي و لا تمت للواقع بصلة، و كالعادة غموض شديد هياخد عقلك و يمتلك حواسك لحد آخر سطر.

      اسمي مريم و أبلغ من العمر ٤٥ عام، و تلك هي قصتي التي أرويها لكم فأرجو عدم الإفراط في الدهشة من البعض أو السخط من البعض الأخر و أعلموا بما أن تلك السطور قد وقعت بين أيديكم الأن لتقرأوها فهذا معناه أنني الأن في الأمجاد السماوية بين يدي الرب، فالبعض سيصلي و يقرأ تراتيلاً أنجيلية من أجلي بينما البعض الأخر سيقرأ الفاتحة لي.
                                      *********
        لعل العديد من الصفات الحميدة مثل النظام و الاحترام و الإنضباط و تحمل المسؤولية و الصبر و مهارات الاتصال و التعامل مع الآخرين و روح البذل و العطاء التي نمت بداخلي لهي من أهم ما اكتسبته من خلال رحلات مدارس الراهبات الفرانسيسكان التي قضيت بها كل مراحلي التعليمية من الحضانة و حتي الثانوية.
        كان مشهوداً لهم في تلك المدارس إلتزامهم بالتعليم و أمور الدين و لم أكن أدرك منذ صغري مفهوم مسلم و مسيحي و التعمق في الأمور الدينية و ما يمكن أن تسفر عنه مناقشة تلك الأمور من حساسية في العلاقات بين البعض.
        ثلاثة دقائق أشاهد فيها الصلاة للرب بشكل يومي من مرحلة الحضانة إلي آخر أيام المرحلة الثانوية في الطابور الصباحي من أجل طلب الرزق و المباركة في العيش و لم أكن حقاً أعي في سني المبكرة ماذا تعني الصلاة للرب، لكني أتذكر في إحدي المرات أذكر أنها كانت في المرحلة الابتدائية أخبرت أبي بذلك و عن الطقوس التي أراهم يمارسونها و التي هي بالفعل غريبة عني، فأخبرته أنني أشعر بحب شديد تجاه أصدقائي المسيحيين و أستشعر إرتياحاً غريباً تجاه ممارستهم لشعائرهم الدينية و حينما أخبرت معلمي بذلك غضب مني للحظات قبل أن يخبرني بأن هذا طبيعي، و إننا حقاً أخوة و لا فرق بيننا .... و لكني رأيته كمن مسه الشيطان مساً حينما طرحت عليه سؤالاً آخر قائلة:
إذاً لماذا لن ندخل الجنة سوياً؟
           اندهش أبي لطريقة تفكيري و أسلوبي اللبق في الحديث رغم صغر سني إلا أنه تابع قائلاً:
و ماذا كان رده عليكي؟
           لم أجد سوى الصمت لبضع لحظات إحمرت فيها عيني ثم لمعت فيها الدموع و وجدتني و قد ارتميت في أحضان أبي و إنفجرت باكية بين ذراعيه و بالكاد خرج صوتي متحشرجاً قائلة له بمنتهي المرارة:
لقد لطمني بكفه علي وجهي يا أبي و قال: أخرسي .....
لم أكن أتصور أن يقوم بتلك الفعلة شخص غيرك، حتي أنت لم تقم بها معي و لا أمي أيضاً .. لقد إنكسرت ظلماً اليوم وسط كل زملائي ..
أشاح أبي تلك الطرحة التي غطت نصف وجهي لتداري أثر لطمة ذلك المتطرف المختل، و ظهرت علامات الغضب علي وجه أبي و قال بمنتهي الحزم:
إطمئني يا ابنتي، إن غداً لناظره قريب ....

_____________________________________________

من ذا الذي ظلمك بهذا المقدار؟
من قسا عليك كل هذه القساوة؟
من سبب لك كل هذا الألم الذي لا يُطاق؟
حقاً إني أنا الذي أنزلت بك كل هذه الإساءات بكثرة آثامي و ذنوبي و ........
مريم! ما هذا الذي ترددينه؟!
قاطعني صوت أبي فقد دخل إلي غرفتي ليطمئن عليّ كعادته ظناً منه أنني نائمة و لكنني لم أكن كذلك، فقد كنت أقرأ إحدي الترانيم في كتابٍ قد استعرته من صديقتي چانيت، و قد كنت أبكي بكاءً صعباً و أزعُم أن ذلك أصابه بالذهول لما بدا علي وجهه من ملامح غريبة و نظرته التي رمقني بها فقد لمست فيها حزن شديد و لكنها لم تخلو أيضاً من الدهشة التي ظهرت جليّٙة و هو يسألني عما أردده، و سرعان ما ألتفت إليه و صمت للحظات قبل أن أجيب و الدموع تغرق عيني ووجهي:
ترنيمة.

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

610

followings

115

مقالات مشابة