رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٧

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٧

0 المراجعات

توقفت ماري عن الصلاة و تغيرت ملامحها فجأة و بدا عليها الدهشة و الإستفهام و هي تجيب:
طارق؟ من طارق؟
رغم الألم الذي أشعر به غلفت الدهشة كل حرف نطقت به و أنا أجيبها؟
طارق! .. ذلك الشاب الذي رسم اللوحات الخاصة بالمكتبة ..
صمتت ماري للحظات و تبدلت نظرتها فشابتها قليل من السخرية ثم انفجرت في الضحك طوال دقيقة كاملة، مما أثار شيئاً من الغضب بداخلي جراء رد فعلها العجيب، فلم أجد حقاً سبباً لضحكها أو سخريتها مما قلت، ثم توقفت فجأة عن الضحك و نظرت إلي عيني مباشرة و هي تسألني:
أتقصدين فادي؟

لم تكد ماري تنطق هذا الاسم حتي سرت في جسدي قشعريرة باردة كالثلج أزالت كل أثر الحرارة التي كنت أشعر بها، و أنا أتساءل بصوت مرتجف:
من فادي؟ إنه طارق ....
نظرت إليّ ماري بخبث و قالت:
نعم إنه طارق و لكن ....
و توقفت ماري عن الكلام عدة لحظات بينما عيناها لا تزال متعلقة بعيني قبل أن تتابع:
و لكن ذلك قبل أن يتحول إلي المسيحية، إنما الأن فهو ....
فادي ........
        لا أدري لحظتها أي شعور تحديداً قد أصابني و لكن في الحقيقة ما قالته ماري قد هوي علي أذني كالصاعقة، فهي مفاجأة بكل المقاييس، و لكن كيف؟
كيف حدث ذلك؟ و ....
و تحول الفكر إلي تساؤل بالفعل و أنا أنظر إليها بمزيج عجيب من الخوف و القلق و الدهشة و الفضول:
كيف حدث ذلك يا ماري؟
و متي؟
لمست في لهجتها شئ من التباهي و التفاخُر و هي تُجيب:
إنها إحدي مُعجزات أمنا دميانة ....
و صمتت قليلاً ثم إستطردت قائلة:
منذ سنواتٍ كان طارق يأتي إلي تلك المنطقة بصفة يومية، و دون إنقطاع، و يجلس وحيداً علي شاطئ البحر القريب من الدير، و حينما كان الراهبات يخرجن من الدير للتنزه و اللهو قليلاً علي شاطئ البحر، كان عين طارق لا تتحول عنهم أبداً من أول لحظة تطئ أقدامهن الشاطئ و حتي لحظة مغادرتهن، و لقد لاحظت أمنا دميانة ذلك، و بعد مراتٍ عديدة ذهبت إليه، و تحدثت معه ....
و مرة بعد مرة ....
ربطت بينهما صداقة ....
قوية ....
لا تندهشي هكذا، أوافقك الرأي أن هذا يعد خرقاً لما تحكمنا من قوانين، و لكننا بعد كل خطأ نعترف، و نسأل يسوع الشفاعة و نطلب التوبة من الرب، و حتي أمنا نفسها ربما تُخطئ فهي بالطبع بشر و معرضة لإرتكاب الخطايا ....
صمتت برهة ثم تابعت:
حينما سألتها ذات يوم عنه و لم انتظر حقاً أن تُجيبني ظناً مني أنه ربما كانت هناك أسرار تجمعهما معاً من خلال المرات العديدة التي تتركنا فيها أمنا علي الشاطئ و تذهب لتجلس معه، إلا إنها فاجأتني و صارحتني قائلة:
إنه شاب ثلاثيني يدعي طارق .. مسلم .. رسّام .. عاشق لمنظر البحر و أن لذلك المكان طابعاً خاصاً بالنسبة له فهو المميز و المفضل لديه في منطقة الساحل و لا يبعد كثيراً عن مسكنه، فهو يسكن بالقرب من هنا، هذا بالإضافة إلي أمر مهم للغاية هو أكثر ما جذب إنتباهي بل و جذبني شخصياً له ........
و صمتت ماري و قد شردت بذهنها قليلاً و كأنها تسترجع كل حرف من حديث الأم دميانة لها، ثم تابعت قائلة:
إنه مُتيَّم بنا ....
نحن الراهبات ....
قالتها و إحمر وجهها خجلاً ....
بينما شرد عقلي كثيراً ....
و كثيراً ....
و أنا أحاول إستيعاب كل حرف نطقت به ماري ....

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

610

followings

115

مقالات مشابة