رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٨ و الأخيرة

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٨ و الأخيرة

0 reviews

".... بماذا تفكرين؟ و كيف حالك الأن؟ أري أن هناك تحسن واضح ...."
قطع صوت ماري الهادئ حبل أفكاري، فأنتبهت إليها و أنا أجيب:
نعم .... أنا بخير و شكراً جزيلاً لكي ....
ثم صمتُّ بُرهة و تابعت:
و لكن متي تحول طارق إلي المسيحية؟ و ....
و أين هو الأن؟
صمتت ماري للحظات قبل أن تُجيب:
علمت بذلك الخبر منذ بضعة أيام، و أنه ترك الدير أيضاً بعد أن أنهي عمله به و لا أعلم أين ذهب، و لكن ....
ساد الصمت لبضع لحظات ثم ما لبثت أن تابعت دون أن تنظر إليّ:
لا يبدو أن ذلك هو السبب ....
هناك سبب آخر ....
ربما تعلمه هي ....
دون سواها ....
سبب يجعل الأم دميانة حزينة منذ أن ترك طارق الدير تقريباً ....
إنه لم يعد حتي إلي ذلك المكان الذي يجلس فيه علي الشاطئ ....
ثم نفضت كل أفكارها التي دارت في رأسها و تحولت بنظرها إليّ قائلة:
هيا عودي إلي قلايتك، و نلتقي صباحاً لأطمئن عليكي ....
و عدت بالفعل إلي قلايتي و تابعتني هي بنظرها من خارج قلايتها، حتي دخلت و أغلقت الباب خلفي و ....
و شهقت شهقة قوية ما لبثت أن كتمتها يد وُضعت علي فمي قبل أن تتحول إلي صرخة تتسبب في إيقاظ كل من بالدير، و عين تنظر مباشرة إلي عيني و ....
و آخر وجه كنت أتوقع وجوده الأن علي الإطلاق ....
و في قلايتي ....

_____________________________________________

      ﻭ ﻓﺠﺄة ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺳﺎﺑﻖ ﺇﻧﺬﺍﺭ إﻧﻘﻄﻌﺖ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ بقلايتي، بل و بالدير و المنطقة المحيطة كلها، حيث لم أعُد أري أية إضاءة تتخلل النافذة الصغيرة الموجودة بالحجرة، و من هول المفاجأة لم أعد أشعر بتلك اليد التي وُضعت علي فمي، فأخذت ألوح بيدي يميناً و يساراً في حركة لا إرادية، فلم يكن هناك غير الفراغ ألمسه في كل إتجاه، فصرخت بأعلي صوت و تراجعت للخلف و تحسست طريقي نحو الباب و قمت بفتحه و ....
و لكن مهلاً ....
الباب موصد ....
لا يفتح ....
حاولت ثانية و بعد عدة محاولات ....
فشلت ..
و لكن كيف؟
تعالت صرخاتي أكثر و أكثر و يدي تطرق الباب بشدة طالبة النجدة من كل من في الدير، و في قرارة نفسي تسائلت:
كيف لم يشعر بي أحد؟
إن صوت صراخي و طرقي علي باب الغرفة الذي يكاد ينكسر كفيل بأن يجذب إنتباه أي شخص علي بعد عشرات الكيلومترات خارج الدير فما بالكم بمن هم بالداخل، الراهبات بالقلايات المجاورة حتي كيف لا تشعرن بما يحدث ....
‌فجأة كتمت صرخاتي و تسمرت قدمي في مكانها، حيث تناهي إلي سمعي ﺻﻮﺕ ﺿﺤﻚ ﻭﺑﻜﺎﺀ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ، فأمسكت بالصليب المعلق علي صدري بشدة و أخذت أتلو بعض الصلوات في حين كانت كل أعضاء جسمي ترتجف رعباً، و لم تعد ساقي تقوي علي حملي من فرط ما أصابني من فزع و شعرت بحرارة الغرفة ترتفع و ترتفع و صار العرق يتصبب مني بغزارة فلم أعد أتحمل الثوب الذي أرتديه فتراجعت للخلف قليلاً و واصلت صراخي و بكائي الشديد أملاً في أن تنجدني إحداهن، و ناديت بأعلي صوت علي الأخت ماري و الأم دميانة أو أي من أسماء الأخوات لعل إحداهن تسمعني و تأتي، و قفزت من مكاني عندما شعرت بشئ ما يلمسني و وقعت أرضاً قبل أن أشعر بتلك اللمسات مرة أخري  تلمسني و ....
و شعرت برابطة الرأس التي أرتديها تنفك حتي إنخلعت تماماً عن رأسي، فجحظت عيني بشدة، و في الوقت الذي كانت حرارة الحجرة تزداد فيه، أبرقت السماء من الخارج فقد إقتحم نور البرق نافذة الحجرة ثم أرعدت رعدة قوية و سمعت صوت الأمطار تسقط و بشدة ....
كنت أرتجف رعباً و بشدة و بينما أنا علي الأرض، لم أعد أحتمل الثوب الذي أرتديه و كأنما أحدهم شعر بما أشعر به فتلك اللمسات التي شعرت بها تخلع رابطة رأسي في لمح البصر قامت هي أيضاً بخلع ردائي عن جسمي و ....
و كما بدأ كل شئ فجأة انتهي أيضاً كل شئ فجأة ....
توقفت الأمطار ....
و عادت الكهرباء مرة أخري إلي الغرفة ....
و تناهي إلي سمعي وقع أقدام سريعة تقترب من باب الحجرة ....
و إنفتح الباب ....
و كنت أفتح عيني بصعوبة شديدة ....
لكني ميزت ملامح الأم دميانة و الأخت ماري و معهن عدداً من الأخوات يكسوا الذهول و الفزع ملامحهن، و وضعن جميعهن أيديهن علي وجوهن مُحدقين بشدة في، الأمر الذي جعل عيني تتحول عنهن و ظلت تتحرك حتي إستقرت علي قدمي ....
ثم جسمي كله ....
و كأن روحي قد إنسابت من جسدي و إنخفضت نبضات قلبي بشدة عندما رأيت جسدي ....
عارياً ..
تماماً.

انتهي الجزء الأول

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

460

متابعين

610

متابعهم

115

مقالات مشابة