رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ١

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ١

0 المراجعات

يبدو أنني قد فقدت وعيي لفترة قصيرة ....
ها أنا أفتح عيني بصعوبة شديدة بعد تلك الحادثة ....
و لكن مهلاً ....
لقد وجدت نفسي داخل غرفة، و لكنها كانت غرفة غريبة هذه المرة، كانت صغيرة لا تحوي سوي شاشة تلفاز و منضدة صغيرة توجد بجانب السرير الذي أرقد عليه، يوجد فوقها كوباً و بجانبه زجاجة مياة ....
كُنت خائفة جداً و أنا أتذكر ما حدث لي ....
كُنت كنملة تصرخ وسط زفاف لم يشعر بي أحد إطلاقاً ....
و في تلك اللحظة فُتح باب الغرفة، و دخل شخص يبدو في الثلاثينات من عمره، طويل القامة، ممشوق الجسد، ذو بشرة قمحية اللون و لحية خفيفة ذات لون بني داكن، يرتدي مريولاً أبيض، ويضع على رقبته سماعة طبيب ....
إنه علي ما يبدو طبيب ....
كان يحمل في يده حقيبة، و أقترب مني، و قام بوضع الحقيبة علي المنضدة و أمسك معصمي برفق لبضع لحظات ثم قام بفتح الحقيبة و أخرج منها جهاز لاب توب و شيء غريب قام بوضعه على رأسي ثم قام بتوصيله  بجهاز اللاب توب ....
و كان آخر ما رأيته هو إصبعه و هو يضغط على إحدى الأزرار على لوحة المفاتيح لأشعر و كأن صاعقة ما قد ضربت جسدي فلم أحتمل الألم فأخذت أصرخ في تلك الغرفة بينما كررها هو ثلاثة مرات و ....
و في تلك اللحظة فقط لاحظت أنني مقيدة بسلاسل فولاذية تشل حركتي تماماً، ثم قام هو بالضغط علي بضعة أزار فقامت الشاشة بعرض بعض البيانات، و لدقائق ساد صمت رهيب داخل الغرفة، ثم ما لبث أن قام بإنهاء عمله و وضع الجهاز و اللاب توب في حقيبته و ....
و أخذ يمرر يده على شعري كي يهدئني و رغم صعوبة حركتي بسبب تلك القيود انكمشت في مكاني بحركة تلقائية من فرط شعوري الشديد بالخوف، بينما ظل هو صامتاً و عيناه تراقبني بنظراتٍ لمست فيهما شئ من العطف و الحزن ....
ثم قام بإخراج مجموعة من الأوراق البيضاء و قلماً من حقيبته، ثم إستدار إلي الخلف حيث كان هناك كرسي صغير في ركن الحجرة فأقترب به قليلاً بحيث أصبح لا يفصله عن سريري سوي متر واحد فجلس عليه، و بصوتٍ هادئ للغاية قال:
مريم، كيف حالك الأن؟
ها أنا بجوارك ....
أخبريني حينما تُصبحين جاهزة لإستكمال روايتك ....
روايتي!
أي رواية؟!
أتري أنه من الممكن أن تكتمل رواية إحداهن؟
نظر إليَّ للحظات ثم أشاح بوجه عني و أخذ يتابع ما يكتبه، و ما لبث أن سألني دون أن يرفع رأسه إليّ:
ماذا حدث بعد أن وجدوكي هكذا؟
سادت فترة من الصمت بعد سؤاله، و كأنما كنت أفكر ألف مرة قبل أن أُجيبه، في حين كان هو يبدو و كأنه لا يُبالي بصمتي، مُوقِناً بأن مهما طالت فترة صمتي فلابد من رد في النهاية، فلا داعي للعجلة، و كنت أتابعه و هو منهمك فيما يكتبه الذي لم أكن أدري ما هو بالضبط، و لم يطل صمتي كثيراً، فأجبت بصوت خافت كأنما كنت أخشي أن لا يسمعني أحد غيره، رغم عدم وجود آخرين سوانا في تلك الحجرة الصغيرة:
فجأة أختفوا ....
و ظهر هو ...
عيون متوهجة جميلة تلمع وسط كل هذا النور الشديد  ..
شعراً مجعداً يغطي جبهته ..
كما صوروه ..
ألقي عليّ رداءاً و حملني إلي مكان لم أراه من قبل قط ....
لم أشعر بعدها بخوف أو حزن أو أي شعور دنيوي سئ ....
كأنما تبدلت الأرض بالسماء ....
مكان رأيت به كل من اشتقت لرؤيته و لو للحظة ....
لحظة واحدة ....
فقط ....

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

متابعين

610

متابعهم

115

مقالات مشابة