رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٣

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٣

0 reviews

  حاولت إستيعاب ما يقوله كما حاولت إيجاد إجابة لسؤاله في عقلي المشوش و لكنني فشلت في ذلك، و يبدو أنه أدرك ذلك أيضاً إذا فلم ينتظر إحابتي كثيراً فتابع قائلاً:
المزمور 151 هو مزمور لا نجده في جميع نسخ الكتاب المقدس في العالم لمختلف الطوائف المسيحية إلا في بعض نسخ الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وعلى رأسها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فالكاثوليك والبروتستانت لا يؤمنون بقانونيته ويعتبرونه ضمن أسفار الأبوكريفا، والغريب أن هذا المزمور 151 الذي تضيفه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هو مزمور شيطاني منتشر بكثرة في مواقع السحر والشعوذة وعبدة الشيطان على الإنترنت - أعاذنا الله وإياكم منها - ومعروف بين أوساط السحرة والمشعوذين والدجالين بأنه أقوى المزامير لعمل السحر، و يبدو ....
صمت قليلاً و هو ينظر إلي عيني مباشرة ثم تابع:
يبدو أنكِ قد أُصِبتي بسحرٍ ما أو لعنة جراء قراءة بعض الترانيم التي جاءت بهذا المزمور و تلك الورقة قد عثرنا عليها في مذكراتك اليومية التي إعتدتي علي تدوينها و ....
و خفق قلبي بشدة إثر سماعي لما قال ....
ما قاله خطير للغاية ....
هل هذا حدث بالفعل؟
متي؟
كيف؟
أدرك إنني هنا منذ فترة ليست بالقصيرة، عقلي مشوش بتفكير متناقض، لا أدري من أنا فقط أخبروني بأن إسمي مريم، فتاة فاقدة للذاكرة و مريضة نفسياً ....
أخبروني في ذلك المكان بأنني أحياناً أكون في حالة من الهياج العصبي الشديد بحيث تشكل حالتي وقتها تهديداً لحياة أي شخص يتواجد أمامي وقت حدوث ذلك، و لذلك فأنا مقيدة بتلك السلاسل المعدنية بصفة دائمة تحسباً لحدوث أي تصرف مفاجئ مني، و الغريب أنني لا أشعر بمرضٍ ما أو بأي حالة غريبة تحدث لي أو بأي شئ مما أخبروني به ....
لكنني أشعر بتلك الجلسات الكهربية التي أتعرض لها بصفة يومية ....
إحساس مؤلم حرفياً ....
كإحساس من صُلب من أجل أن نحيا نحن ....
هل أنا سأكون في النهاية ضحية للعنة ما أصابتني؟
هل حدث ذلك فعلاً؟

___________________________________________

هل إقتربنا من النهاية؟!
أعلم أن كل من قرأ سطور روايتي حتي تلك اللحظة قد تيقن من أن ما أرويه مجهول النهاية، و لكن ....
هل بدأنا أصلاً؟! ....
هل يستطيع أحدكم أن يجزم بمعرفة متي و كيف بدأ ذلك؟
بالطبع لا ....
هذا ببساطة لأنني أنا نفسي لم أكن أعلم متي و كيف حدث هذا ....
لكن هو يعلم ....
وحده استطاع تشخيص حالتي بعد سنوات طوال كُنت فيها حبيسة تلك الغرفة التابعة لإحدى المصحات النفسية، و ذلك بعدما علمت أنني قد تعرضت لحادث أليم، و كُنت الوحيدة التي نجت منه و ....
و فقدت علي إثره الذاكرة إلي جانب دخولي في تلك الحالة التي إحتار فيها كل الأطباء الذين تمت الإستعانة بهم لرؤيتي و تشخيص حالتي، و لم يبقي سواه ....
سنة تلو الأخري عكف علي دراسة كل تفصيلة و جمع كل معلومة تُفيد أو لا تُفيد يمكن أن تؤدي إلي معرفة ما أصابني ....
ماذا تُسمي هذا الشعور عندما تنطفئ رغبتك من كل شيء .. لا تنجذب إلى شيء .. و ليس هنالك ما يلفت انتباهك .. عندما تشعر بفراغ قاتل داخلك؟!!
كل هذا و أكثر أصابني ....
كل هذا و أكثر شعرت به حينما أفقت من غيبوبة دامت لشهور لأجد نفسي علي ذلك الوضع لا أعلم حتي من أنا ..
كدت أقدم علي الإنتحار أكثر من مرة لولاه ....
لولا تدخله ....
لولا وجوده ....
لولا سعيه لإعادتي إلي الحياة مرة أخري ....
حاول بشتي الطرق إنعاش ذاكرتي و إنتزاع الماضي الذي قد انمحي بعد الحادث، و أستطيع القول أنه شيئاً فشيئاً قد نجح في ذلك بنسبة ضئيلة و ....
و كانت المفاجأة أن تلك النسبة الضئيلة قد أشعلت نقطة صغيرة وسط ذلك الظلام الذي غلفني كُلياً و أضاءت نقطة صغيرة جداً من ذاكرتي المفقودة، و هي التي أدت إلي كل ما تم روايته من أحداث ....
منطقية كانت أم لا فذلك هو حصيلة ما قام بإخراجه من عقلي و جعلني لا إرادياً بشكل أو بآخر أرويه ....
هذا ما خرج إلي النور من وسط عتمة ذاكرتي ....
كلام و أحداث لا يستطيع من يسمعها الجزم بمعرفة من أنا؟
و لا لأي ملّة أنتمي؟
و لا زمان و لا مكان ....
يبدو أنه رسول من الله أُرسل إليّ عوضاً عن أُناس تركوني في تلك الحياة و ذهبوا ....
أتمنى يوماً أن أستعيد ذاكرتي و ....
أجدهم ....

تابع

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

460

متابعين

610

متابعهم

115

مقالات مشابة