رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٤

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٤

0 reviews

هذا ما خرج إلي النور من وسط عتمة ذاكرتي ....
كلام و أحداث لا يستطيع من يسمعها الجزم بمعرفة من أنا؟
و لا لأي ملّة أنتمي؟
و لا زمان و لا مكان ....
يبدو أنه رسول من الله أُرسل إليّ عوضاً عن أُناس تركوني في تلك الحياة و ذهبوا ....
أتمنى يوماً أن أستعيد ذاكرتي و ....
أجدهم ....

_________________________________________

 "و الأن و بعد كل هذا الجهد و تلك المعاناة في الكشف عن الأسباب التي أدت إلي ما أنتي عليه، سوف نسلك طريقاً جديداً للعلاج، بعيداً عن مسألة فقدانك للذاكرة، ......."
قالها ثم نهض من مكانه و أقترب مني متابعاً:
لقد آن الآوان أن نطبق الجانب الديني كآخر الحلول التي سنلجأ إليها للعلاج، وتلك الوسيلة ستكون الوحيدة بعكس أي وسيلة أخري قد تم إستخدامها من قبل التي إن لم تكن مفيدة فهي لن تضر إطلاقاً و ....
قاطعت كلامه ....
في الحقيقة لم أتذكر أبداً أنني قاطعته من قبل أثناء حديثه أم لا، و لكن حالة الخوف و القلق الممزوجين بالدهشة و التي كست كل ملامحي و تلك الرعشة التي أصابتني و سرت في كل جسدي من قمة رأسي و حتي أطرافي كلها، هي ما جعلتني أقاطعه دون وعي أو تفكير قائلة:
أي دين؟
ابتسم لمقاطعتي له ثم إتسعت إبتسامته لتملأ كل بقعه في وجه الذي زاد وسامة علي وسامته و هو يجيب:
الدين دين والديكي ....
عائلتك كلها ....
نعم ....
أقدر جداً سوء حالتك التي أنتي عليها ....
ما بين ليلة و ضحاها يحدث أنك تتعرضي لحادث يفقدك الذاكرة و تدخلين في حالة كتلك التي أمامي، حتي يصل الأمر لنسيانك ديانتك أو بالأحرى قد إمتزجت الأمور لديكي نتيجة لذكريات ما في ماضيكي، أنه أمر يستحيل تصديقه حرفياً ....
لولا إثنان في الحقيقة كان لهما الفضل في مساعدتي في ذلك الأمر ....
أولهما سيدة حينما أتت إلي هنا للمرة الأولي و رأيتيها زادت حالتك سوءاً علي سوء ....
أما الثاني فهو حقاً من له الفضل بعد الله سبحانه و تعالي في إنقاذ حياتك من موت محقق ....
و هما معاً من أخبراني عن كل ما أحتاجه من معلومات عنك، و لم يدخر أي منهما جهداً في سبيل ذلك ....
لذا فمسألة ديانتك محسومة أمامي ....
فلا تقلقي بشأنها ....
فقط سنخوض التجربة و ....
و ننتظر النتيجة ....

___________________________________________

شردت بذهني لعدة دقائق أحاول إستيعاب ما سمعت، حتي أرهقني التفكير و وجدتني عاجزة عن تذكر أي شئ، فنظرت إليه متسائلة:
عن أي إثنين تتحدث؟
معذرة .. كثرة التفكير لأحاول تذكر أي شئ من الماضي أمر يرهقني بشدة ..
تراجع هو و جلس علي مقعده ثم أخرج من جيبه صورتان، أخذ يقلبهما بين يديه ثم ما لبث أن نهض من مكانه مرة أخري مقترباً مني و هو يمسك إحدي الصورتان بيمناه و الأخري بيسراه مشهراً كلتاهما أمام عيني قائلاً:
لن تضيفي جديد، فكعادة كل المرات السابقة ترين كلتاهما و لم تتذكري أيضاً ....
رغم أنه قد تم ذكرهما في روايتك لي .... 
و أما في الحقيقة فهما لا يزالا يتابعان حالتك طوال الفترة السابقة منتظرين تقرير مني يفيد بإمكانية السماح لكلاهما بالمجئ إلي هنا و ....
و رؤيتك ....
تأملت ملامح أصحاب الصورتين اللتان يمسك بهما ثم تحولت بنظري عنهما ....
هل حقاً لا أتذكر؟ ....
أم حجم المأساة التي أعانيها أفقدتني القدرة علي المحاولة ....
حتي كل ما سردته لذلك الطبيب سردته دون وعي مني ....
هل كم العلاج الذي اتناوله و جلسات الكهرباء التي خضعت لها جعلتني أنسج كل ذلك من وحي خيالي؟
لا شك أن هناك ذكريات نسردها و أخري نضعها في أبعد دهليز داخل ذاكرتنا خوفا من أن يراها أحد، و لكن من أين خرج ذلك الذي سردته و رويته؟!
و يا تري أين ذلك الدهليز الذي أخفي فيه حقيقتي؟ و أين مفتاحه؟
قطع حبل أفكاري بصوته الهادئ و هو يقول:
مريم ....
عليكي بذل جهد أكبر في تلك المرحلة ....
سنلجأ إلي العلاج بالقرآن ....
بداية من الغد ....
و عليكي أن تبذلي كل ما بوسعك من أجل إستعادة ذاكرتك ....
و أنا معك ....
لن اتركك ....
ثقي بي ....

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

460

متابعين

610

متابعهم

115

مقالات مشابة