رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٥

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٥

0 المراجعات

لعل فقدان الذاكرة الذي أصابني، إلي جانب ما يبدو أنني قد أُصبت به من سحر معين، قد صعَّب مسألة إستعادتي للذاكرة بشكل أصبح شبه مستحيل، و كان العلاج بالقرآن هو آخر أمل لدينا، ليس في إستعادة الذاكرة، بل في شفائي من تلك اللعنة التي أصابتني، و تلك الهلاوس التي أسردها دون وعي تام مني، و التي تشير إلي أن الماضي الخاص بي كانت مليئاً بالغموض بعض الشئ ....
و لكن هل فعلاً ما رويته يحمل شئ من الحقيقة؟
أو ربما كل الحقيقة؟
تري هل من جسدوا الأدوار فيما رويته للطبيب لهم فعلاً وجود في الحقيقة؟
مرة أخري قطع صوته الهادئ حبل أفكاري و هو يقول:
أول ما يجب فعله الأن هو فك تلك القيود ....
قالها ثم ابتسم قليلاً قبل أن يستطرد:
فلم نعد بحاجة بحاجة إليها بعد الأن و ....
و بينما كان يكمل حديثه سمعنا صوت طرقات متقطعة علي باب الغرفة، فقام هو بفتح الباب و لم أستطع رؤية من الطارق من مكاني، كما لم أميز صوته و لا الحديث الذي دار بينهما فقد كان يتحدثان بصوت خافت يشبه الهمس.
ثم إنصرف ذلك الطارق و أغلق الطبيب الباب و لكن يبدو و أن ملامح وجهه قد تبدلت من الهدوء إلي شئ من التوتر، و جلس علي مقعده و يبدو أنه غاص في تفكير عميق لبضع دقائق ينظر إلي الأرض واضعاً وجهه بين كفيه، بينما كنت أراقبه في صمت و إنتظار ما ستسفر عنه اللحظات القادمة، ثم فجأة أزاح يديه و رفع وجه ناظراً إلي قائلاً بمنتهي الهدوء:
لا أعلم حقاً ماذا يمكن أن أقول، أو ماذا سيكون رد فعلك تجاه ما ستسمعينه، و لكن علي أي حال لابد أن تعلمي هذا، أياً ما كان الخبر مؤثراً أو غير مؤثر بالنسبة إليكي فحقاً لا أدري ....
ثم صمت قليلاً، بينما كنت أتأهب لسماع ما سيقول و لقد إنتقل توتره إليّ أيضاً، ثم ما لبث أن تابع قائلاً:
والدتك بين الحياة و الموت و تريد أن تراكي و المسألة مسألة وقت و نحن لا نمتلك متسعاً منه ....
و بتلقائية و دون وعي أو إرادة وجدتني أسأله:
أين هي؟

______________________________________________

تعلقت عيناه بعيني في نظرة طويلة للغاية إستغرقت بضع دقائق، حتي يخيَّل لكل من يرانا أننا تمثالين من حجر، بينما لم تحمل ملامحه أي تعبير، حتي قطع هو تلك الفترة من الصمت قائلاً:
معني ذلك أنك تذكرتي والدتك أو علي الأقل تذكرتي شيئاً طفيفاً حتي عنها؟
لم أحرك ساكناً، حتي بدوت و كأنني لم أسمع سؤاله، و لكنه كان علي يقين من أنني سمعته، بل و أستوعبت كل حرف نطقت به، و لكنني تحولت بنظري عنه، و لم أجيب، و شردت بذهني طويلاً حتي أصبحت لا أدري بوجودي و وجودي حتي، و لكن فجأة انتبهت مرة أخري و نظرت نحوه، بينما كان هو يقف في منتصف الحجرة، أمام سريري مباشرةً و عيناه لا تزال تنظر إليّ، حتي قام بإخراج مفتاح صغير من جيبه و قام بفك السلسلة المعدنية التي تقيد قدميَّا، ثم تقدم نحوي و أمسك بيديَّا و فك القيود التي تحيط بهما ثم ابتسم ابتسامة بسيطة و قال:
تلك المرة لن تكون من أجل دخول الحمام فقط، بل ستكون آخر مرة يتم تقييدك هنا يا مريم، فلم تعودي بحاجة إليها بعد اليوم ....

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

610

followings

115

مقالات مشابة