فيلا يعقوب: غموض و إثارة - حلقة ١٥

فيلا يعقوب: غموض و إثارة - حلقة ١٥

0 reviews

قطع الدكتور مصطفي حبل أفكاره قائلاً:
و انتا كمان يا هشام باشا ظابط شاطر بجد و مفيش منك كتير، و بحييك حقيقي لإنك أبهرتني و أنا مش معتاد إن أي حد يبهرني، أنا شرحت جثث كتير علي مدار حياتي و شغلي  في المجال ده، و عشت معاها قصص كتير و حكايات غريبة، و عرفت أسرار بعدد شعر راسي ....
مش هطول عليك ....
في تفصيلة صغيرة ناقصة و بيها يكمل تفسيرنا المشترك ....
اومأ إليه هشام برأسه علامة الفهم و هو يقول:
إزاي نثبت إن اللي حصل ده محصلش برضه بشكل طبيعي؟ و إن العسكري إتعرض لخطر كبير قبل موته علي الأقل بثواني ....
أشار إليه الدكتور بسبابته قائلاً:
بالظبط كدة ....

أنا بصيت في عينه و بالكشف عليها لقيت إن في ضمور كبير جداً حصل في أوعية العين، و ده ممكن يكون سبب له عمي مفاجئ و ده قبل الوفاة بدقايق قليلة، و ده مش هيحصل إلا لو كانت العين مركزة علي مصدر مشع ....
زي كمية ضوء كبيرة أياً كان مصدرها دخلت عينه مثلا ً ....
و بصراحة لحد كدة معنديش اي تفسير تاني بس إحساسي فعلاً بيقول في حاجة غلط ....
حاولت فعلاً أطلع بأي معلومة أو تفسير تاني بس للأسف ....
مقدرتش ....
و لحد كدة أنا مهمتي إنتهت يا باشا و الباقي ....
بتاعك ....

____________________________________________
 
 لم تكن كأي ليلة، بل كانت صعبة للغاية، مرت ثوانيها كالدهر، و عقارب الساعة بدت كدقات الطبول وسط ذلك الصمت الرهيب الذي تسيد ڤيلا رجل الأعمال محمد رشوان، و تحديداً في حجرة مكتبه و التي كانت سادها الظلام إلا من أحد أركانها و الذي إنبعثت منه إضاءة خافتة مصدرها كشاف صغير معلق علي الحائط، و تركز الشعاع الخافت الصادر منه علي سطح المكتب كاشفاً ملامح وجهه و هو يجلس خلف مكتبه و قد بدا غارقاً في تفكير عميق، قبل أن يقطع ذلك الصمت جرس الهاتف فأنتفض من مكانه كمن أصابته صاعقة، و نظر إلي الهاتف للحظات تواصل فيها الرنين، حتي أمسك أخيراً بالسماعة مجيباً بصوت شابه شئ من التوتر و القلق:
محمد رشوان .. مين معايا؟ ....
و علي الفور ميّز الصوت علي الجانب الآخر .. فأعتدل في جلسته، و إبتلع ريقه في صعوبة و هو يستمع إلي محدثه، قبل أن يقول:
باشا ..
قالها و صمت قليلاً و أذناه تنتبه إلي كل حرف يستمع إليه، قبل أن يستحضر المزيد و المزيد من الهدوء ليخفي به توتره عن محدثه و هو يقول:
إطمن يا باشا ..
كل حاجة هتمشي زي ما احنا مرتبين ....
و إطمن .... محدش فيهم يعرف حاجة غير المكان و قطع الأثار  و بس ....
قالها و انتهت المكالمة، و نظر إلي ساعته و التي أشارت عقاربها إلي تمام الرابعة فجراً، و قد فرك عينيه بشدة و وضع رأسه علي مكتبه و إستغرق مرة أخري في تفكير عميق ....

____________________________________________

ذكريات مبعثرة ....
تفاصيل مرهقة ....
و كل ما عليك هو أن تلملم أطرافك المشعثة وبقايا روحك الجافة وتسد بعقلك كل منافذ النور بحيث تألف الظلمة و تآنس الوحدة و تتوحد بحيث يصبح العالم أنت ....
أنت و فقط ....
تنغمس بكل جزء فيك حتى يصبح جل ما يرهقك هو ضجيج الحياة، وفلسفتك المتوطدة في أوغال ذهنك أن النهار أكثر قتامة وحلكة من أي ليل ....
يصبح حينها النفق هو مآواك المفضل ....
حينها ستضحى الوحشة هدوءاً، و الوحدة خير ونيس، و الظلمة أكثر إلهاماً وراحة للعين و للمخ من إرهاق التفاصيل، وضيق النفق سيمسي حضناً يربت على روحك المثقلة ....
رغم كل ذلك هو لم يتركها ....
لقد قالها آنذاك و وجدت كلماته سبيلاً إلي ثنايا عقلها ....
و بمرور الوقت إنحفرت علي جدران قلبها و توغلت في كل شريان و وريد به حتي أصبحت تجري في جسدها مجري الدم ....
" لو إفتقدتي لحظة للأمان ..
إفتكريني ....
و قبل بس ما ترمشي ....
هتلاقيني ".
فجأة فتحت هبة رشوان عينيها ....
لتجده أمامها مباشرة ....
عمر ....
عمر الدناهشي ....
وصل به الأمر أن يستشعر فقدانها للأمان حتي في غياب وعيها التام، فلبي إستغاثتها به في توقيت زمني لا يستطيع أي بشري علي وجه الأرض قياسه أو حتي معرفة وحدته ....

تابع.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

460

متابعين

610

متابعهم

115

مقالات مشابة