نسب قبيلة الترابين
{نسب قبيلة الترابين }
بقلم المؤرخ والنسابة مصطفي بن سالم العقيلي
قبيلة الترابين قبيلة عربية من عرب مصر وفلسطين، وأختلف كثير من النسابين والمؤرخين والرواه في نسب قبيلة الترابين، فيهم من قال أنهم من قبيلة بني عطية المعازة، وفيهم من قال أنهم من قبيلة البقوم من وادي تربة بشرق مكة، والبقوم كما قال عنهم عمر رضا كحاله في معجم قبائل العرب أنهم من قبائل العرب، يقال أصلها من الأزد القحطانية، مقرها جبل حضن واطرافه، حتى تربة والخرمة، وأهم أقسامها، المرازيق، الموركة، الكلبة، والرواجح، ويعدون 250 بيتا تقريبا، وفيهم من قال أيضا أنهم من قبيلة جذام، وفيهم من قال أنهم من قبيلة قريش، وهذه كلها أقاويل لا يعلمها إلى الله عز وجل.
وقال عنهم نعوم بك شقير في كتابة تاريخ سيناء سنة 1916م: أشهر فروعهم في التيه: (الحررة) شياخة خضر الشنوب، و(الحسابلة) شياخة سلامة حجازي، و(الشبيتات) شياخة عودة الباسلي.
وأشهر مراكزهم: الجورة – والبرث – والبواطي – والمقضبة – والعمر – وأم قطف بين المقضبة والعمر – والروافعة – وجبل المغارة – والجفجافة – وجبل الراحة.
وقد تقدم أن فريقا منهم سكن شرق بلاد الطور، ولا يزال منهم بقية هناك في النويبع، وعين أحمد، وعين جذيع، وعين العاقولة، ولهم فيها نخيل إلى اليوم، ولكن معظم الترابين في بلاد غزة، ومنهم طائفة في مديرية الجيزة بمصر.
قلت: وفي مجموعات كبيرة من الترابين في محافظة القاهرة بمنطقة البساتين – عرب المعادي عزبة فهمي – عزبة الورد – عزبة جبريل – عزبة نافع القبليه – ووادى دجلة بالمعادى – وعزبة خيرالله – والمعصرة – وحلوان.
وكلهم يرجعون لجدهم الاكبر وهو عطيه نجم مؤسس قبيلة الترابين والمدفون في الوادي المنسوب اليه عند عين جذيع، والترابين يزورون قبره كل سنة بعد الربيع ويذبحون له الذبائح، وقد اشتهر الترابين بالألفة والاتحاد، واشتهرت بدنة النبعات منهم بجودة الرأى، وبدنة الغوالية بالشجاعة والاقدام، فهم يقتحمون غمرات الوغى بعزم صادق على نية النصر أو الموت.
ومما قيل في أصل الترابين وأشهر رواية عندهم وعند مشايخهم: انهم من جد يقال له نجم، قدم إلى سيناء مع رجل يدعى الوحيدي من ذرية الحسن أخي الحسين، فنزلا ضيفين على شيخ كبير من بني واصل في جبل طور سيناء، وكان لهذا الشيخ بنتان احداهما جعدة الشعر قبيحة الوجه، والأخرى ذات شعر جميل ووجه حسن، ولم يكن له ذكور، وكان نجم فارسا مقداما، ولكنه كان قبيح المنظر أسمر اللون، وكان الوحيدى شابا جميل الوجه أبيض اللون، فزوج نجما بنته القبيحة الوجه وزوج الوحيدى بنته الجميلة، فكان نجم جد الترابين، وهم مشهورين بالبسالة وقبح الصورة، والوحيدي جد الوحيدات، وهم مشهورين بالكياسة وحسن الصورة.
وهذه الروايه أكدها الاستاذ عيسي أسكندر المعلوف أيضا.
وقد أقام الوحيدات في جزيرة سيناء زمانا طويلا، ثم هجروها وسكنوا غزة كما مر، ولا يزال الترابين يحترمونهم إلى الأن، فيذهب كبارهم لمعايدة شيخ الوحيدات ثاني يوم عيد الأضحى احتراما لمقامه ونسبه، ومن أقوال البدو في الوحيدات أنهم (خفيفي الملبوس نقالة الدبوس).
وذكر تعداد قبيلة الترابين في سيناء سنة 1916 م تقريبا 3000 نفس.
وذكرهم أيضا أميديه جوبير في كتاب وصف مصر سنة 1798م وقال:
عرب الترابين أو ترابين، أماكن اقامتهم وادي التيه، ضواحى غزة وبخاصة المنطقة المسماة دير التين وعددهم المفترض هناك 500 فارس.
وكانت هذه القبيلة التى يعفر فها كل من زاروا مصر فى الأزمنة الأخيرة، أكبر عددا فيما مضى عما هى عليه الأن، فهى واحدة من تلك القبائل التى عانت من غضبة على بك عندما عزم هذا الزعيم المملوكى على تخليص مصر من العربان.
وذكرهم فالين – عبد الولي – في كتابه صور من شمالى جزيرة العرب سنة 1845م وقال:
اما الترابين، فمتفرقون بين القبائل المتنقلة في جوار الحدود المصرية، وقد اخذوا بالاضمحلال في الصحراء ومخالطة فلاحي القرى المصرية والسورية، ومقامهم في ضواحي العريش والشاطىء الغربي للبحر الاحمر، وفي الجبال الممتدة على الشاطىء الشرقي منه.
وذكرهم عمر رضا كحاله في كتابة معجم القبائل العربية وقال: الترابين قبيلة فلسطينية كبيرة، تقيم في منطقة بير السبع، وقال أيضا في موضوع أخر: الترابين من قبائل مصر العربية، تنتسب إلى عرب الحجاز. تقيم في الجيزة والقليوبية من الديار المصرية.
وذكرهم عارف العارف في كتابه تاريخ بئر السبع وقبائلها سنة 1934 م:
وعارف العارف هوه أكثر مؤرخ كتب عن قبيلة الترابين بتفاصيل دقيقة عنهم وعن أخبارهم وأحوالهم ونسبهم في فلسطين خاصه وفي سيناء أيضا بمصر وقال:
انهم اكثر القبائل عددا، واغناها ارضا.
ولقد بحثت بين العربان ولا سيما بين كبار الترابين انفسهم على امل ان أعثر على معلومات صحيحة وأخبار ثابتة عن أصلهم ومنشئهم وتاريخ مجيئهم لهذه البلاد فلم أنل امنيتي، وكل ما استطعت العثور عليه في هذا الصدد اقوال متناقضة وأراء مبعثرة يمكن تلخيصها بالاسطر التالية:
1 – الرأي الشائع بين الترابين ان جدهم يدعى (عطية) وهو من الحجاز ومن قريش، وقد كانت منازله في (تربة) شرقي مكة، وهذا هو السبب في تسميتهم بالترابين، وهناك في الحجاز قبيلة لا تزال تدعى في يومنا هذا (البقوم) كما ان نجمات الصانع النازلين في الطرف الغربي من بئر السبع يلقبون الأن (بالبقوم) او (المزارعة).
نبذه عن عرب البجوم أو البقوم: قلت:
وقبيلة البقوم جدهم (باقم) راجع (تاج العروس)، مادة (بقم) ومساكنهم جبل (حضن)، واطرافه من نواحي (تربة) وهم من (الازد من قحطان ومنهم قسم اختلط (بعتيبة)، منهم (الحمدة)، وأهم بطونهم:
المرازيق – المدركة – الكلبة – الرواجح: الحبلان الكرزان الرحمان السميان الدغالبة بطون وهم قسمان وازع وحماميد شيخ وازع بن غنام وشيخ الحماميد بن محي.
ومن حاضرة البقوم نذكر:
ال زاحم: في القصب وغيره.
ال سويدان: نفس المصدر السابق.
ال شاوي: في البكيرية من بلدان القصيم.
ال خليل: في عنيزة. انظر كنز الأنساب لاحمد الحقيل.
وعرب البجوم، الذين يعمل بعض منهم بالرعي، وبعض أخر بالزراعة، كانت ترأسهم امرأة اسمها (غالية) وكان زوجها واحدا من كبار رجال تربة، كانت غالية لديها ثروة أكثر من أية عائلة عربية فى المنطقة المجاورة لها، كانت تلك الغالية توزع النقود والتموينات على فقراء قبيلتها، الذين كانوا على استعداد لمحاربة الأتراك، كانت مائدة هذه السيدة مفتوحه أمام المؤمنين الوهابيين كلهم، الذين كان شيوخهم يعقدون اجتماعاتهم فى منزلها، ونظرا لأن هذه السيدة المسنة اشتهرت بالعدل، ومعرفة دقيقة بأحوال ومصالح القبائل المجاورة، لذا أصبح صوتها مسموعا وكلمتها نافذة عند الجميع، كانت هذه السيدة تحكم (البجوم) فى واقع الأمر، على الرغم من أنهم كان لهم شيخ اسمه يدعى (ابن خورشان)، لكن بدأ اسم الغالية ينتشر فى سائر أنحاء البلاد اعتبارا من أول هزيمة لقيها مصطفى بك، بالقرب من تربة، وسرعان ما راحت مخاوف الجنود الأتراك تضخم من نفوذ هذه السيدة ومن هيمنتها، كان الجنود الأتراك يعدون غالية رئيسا للوهابيين المتحدين، وكانوا يروون قصصا منافية للعقل تماما عن قوى هذه السيدة كساحرة، وأنها كانت تغدق أفضالها الشخصية على الزعماء الوهابيين، الذين أصبحوا بفضلها لا يقهرون[1].
2 –وأكثر رواية مؤيده عند الترابين أنهم من جد أسمه عطيه وان هذا من قريش.
3 – يقول الترابين ان جدهم عطية جاء إلى سيناء قبل 600 سنة ؟ تقريبا وهو مدفون فى التيه مع ولديه نجم وحسبل اللذين سيأتي ذكرهما فيما يلي، وقبورهم مابرحت محج العربان في سيناء حتى يومنا هذا، وهى بالقرب من السويس وعلى تل يدعى (الشرف).
4 – عند ما مات (عطية) في سيناء ترك وراءه خمسة ابناء هم: مساعد – وحسبل – ونبعه – وصريع – ونجم، فتأهل هؤلاء هناك، وكثرت ذريتهم فكان القصار من اخلاف مساعد، والحسابلة من حسبل (وهم ترابين سيناء في الوقت الحاضر) والنبعات من نبعه،
والصرايعه من صريع (وهم سكان طور سيناء في الوقت الحاضر) واما النجمات والغوالى المعروفون في بئر السبع في الوقت الحاضر الا ذرية اتت من بعد نجم.
خلف نجم ولدين قتل أحدهما في سيناء من قبل رجل نبعي يدعى (ابو غاليه) وبعد خمس سنوات طيب القاتل القتل الذي اقترفه، وكان من شروط الطيبة ان اعطى ابنته (غاليه) و(زارعه) إلى ولدى المقتول، وعلى قول ان هاتين الفتاتين هما من (بنى واصل).
فجاء من (غاليه) الغوالى ومنهم الستوت والعويليون والحصينات والمغاصبه والبكور، وجاء من (زارعه) الشبايبه، والصناع، والدهانيه، وغيرهم.
ومن هنا جاء لقب (المزارعه) التي يطلق على نجمات الصانع في الوقت الحاضر.
وأما الولد الذى لم يقتل من ولدى نجم فانه خلف الصوفة، والسنايمه، والعوايشه، والدباريين وغيرهم.
ويظهر من هذا ان المزارعة اقرب من حيث الاصل إلى الغوالى من الصوفه، مع انهم والصوفة يقاتلون في صف واحد، واذا رجعت إلى جدول تصنيف العشائر وجدت المزارعه مع النجمات لا مع الغوالى كما كان الواجب يقضي بحكم التاريخ، ولقد بحثت عن السبب في ذلك فوجدت انه يرجع إلى تباغض مصدره (الخاوه) التي كانوا يأخذونها من المدن المجاوره.
النجمات: فخذ كبير من افخاذ الترابين وقد حدثني الشيخ حمد الصانع[2] احد البارزين فيهم قال انهم قديما كانوا قادة الصف كله وكان لهم شأن كبير في جميع الحروب التي قامت بين الترابين وبين خصومهم.
ويدعو المزارعة، بالنسبة إلى انهم جاءوا من زارعة امرأة احد اولاد نجم كما تقدم في البحث عن اصل الترابين.
كانوا قبلا تحت رأسة شيخ واحد هو (ابو سنيمه)، ثم شاخ عليهم حمدان الصوفي، ثم عطيه ابو شباب، ثم محمد الصوفي، ثم حماد باشا الصوفي المشهور.
وانقسموا بعدئذ إلى اقسام عديدة منها:
الصوفة: برأسة الشيخ حماد الصوفي.
الصناع والشبايبة: برأسة الحاج حسن ابي شباب. فحماد الصانع. فمحمد الحاج حسن الخضري حمد الصانع.
الصواصين: برأسة الشيخ منصور ابى صوصين فولده محمد أبي صوصين.
العوادره: برأسة عوده أبي عواد أبى عادرة. فعوده ابى سلمى ابى عادره.
القصار: برأسة عوده ابى زكار. فسلمان العرجانى.
النعيمات والضوابحة: برأسة موسى ابى جليدان. فاخيه عوده ابى جليدان.
وظل النعيمات والضوابحه معأ برأسة عوده ابى جليدان إلى ان انشطروا قسمين: (النعيمات) وشيخهم جبر ابو حرب النعيمي، (الضوابحة) وشيخهم ضيف الله ابو جليدان، ثم عزل هذا، واتحد الفريقان فصارا تحت قيادة شيخ واحد هو (الشيخ محمد ابو صهيبان).
ولكن الفرع الاهم بين فروع النجمات كان دوما فرع الصوفي، إذ نبت منه رجال كثيرون اشتهروا بالكرم والفروسية، ويكفي ان نأتي هنا على ذكر (حماد باشا الصوفي) الذي كانت له اليد الطولى في حرب الترابين مع التياها إذ انه هو الذي كان يرد النقي ويعلن الحرب ويعقد الصلح وقد وصل من العز والسؤدد درجة نال معها لقب (شيخ المشايخ) ليس على الترابين فحسب بل على الصفوف كلها.
حتي ان الاتراك وضعوه على رأس القوة التي الفوها من العربان (وتقدر بالف وخمسمائة مقاتل) وساقوها إلى قناة السويس في الحرب الكبرى، وقد سجنه الاتراك مرارا كما انهم عينوه رئيسا لبلدية بئر السبع عند تشكيل قضاء السبع وظل في مقام الرأسة حتى الاحتلال الانجليزى، ويذكره البدو حتى يومنا هذا بالتجلة والاحترام.
ويقولون انه منح اوسمة عديدة من الاتراك والانجليز، ونال من الرفعة وكبر الشأن مالم ينله غيره من العربان ,مات بعد الاحتلال بخمس سنوات، فتولى المشيخة على الصوفة جدوع الصوفى ثم الشيخ الحالي وهو أحمد بن محمد بن حمدان بن حميد الصوفي.
وسم النجمات – الحنك – والخطام – والمطرق – وبعضهم يستعمل القناع – او الشعبة – ومنازلهم في الشويحي، وام صيره، وابو صدر، وسويله، والجبيبات، والربوة، وخربة الصوفي، والشوشة، والخلالات، وقاعة ابي صوصين، وقوز الزول، والقرن، وام عجوه، وما بين ذلك.
الغوالى: وسمهم – أي الخدمة – والمطرق – ومنازلهم المعين، والصليب، والمنيل، والدماث، والشويجي، وتل جمة، والرابية، والعجرة، والقرين، وما بينها من سهول ووهاد، وهم الأن تسع عشائر: الستوت – والحصينات – والشلاهبة – والختالين – والبكور – والعمرات – والزريعيون – والعمور – والنبعات – وكذلك الوحيدات، والحسنات فانهم يعدون جزاء من هذه الكتلة.
وقال عارف العارف: حدثني الشيخ حسين بن دهشان ابو سته أحد كبار فخذ الغوالي قال: كان الستوت بادى ذي بدء شيوخ الغوالي وأول من لقب بابي سته هو (حمد أبو دهشان) إذ كان له ستة عبيد وكان يستصحبهم في جميع غزواته ورحلاته فسمي (أبو سته) ويزعم الملاك ان الستوت منهم وليسوا من الغوالي، ولما سألت الشيخ حسينا أبا سته عن هذه النظرية لم يدحضها، بل قال انها جديرة بالاعتبار لان بين اجداده كثيرين لقبوا ب (صقر) اشارة إلى الصقور، وهذا يكون ناشئا من اختلاط الستوت بالصقور عند ما كانوا طنبائهم بسبب الحوادث الكثيرة التي كانوا يحدثونها.
ولما تولى المشيخة (صقر بر دهشان ابن سته) قتل ابنه دهشان رجلا من الصوفه يدعى (محمد بن حمدان الصوفى) وكان ذلك عام 1290هجرى، فجلا الستوت على أثر ذلك عن ديارهم، ونزلوا عند العلامات، ثم عند الهزيل، وعاشوا هناك مدة بحماية (سلمان الهزيل) جد الشيخ سلمان الحالي فقامت على اثر ذلك حروب بين التياها والترابين.
لابد لنا من أن نشير هنا إلى ان وجود الستوت في صف التياها واشتراكهم بالحرب ضد الترابين اشتراكا فعليا قد اغضب باقي عشائر الترابين، فقاموا يطلبون عقيدهم (حماد الصوفي) بالسعي لارجاع الستوت إلى ديارهم ولم يسع هذا الا ان ينصاع لطلبهم فمنح الستوت عطوه حوليه لا تنقطع ابدا، وتمكن هؤلاء من الرجوع إلى منازلهم، ولكن مشيخة الغوالى كانت حينئذ قد انتقلت إلى الزريعيين وظلت كذلك حتى الحرب العالمية.
ان حادثة القتل التي اقترفها الستوت والتي تقدم ذكرها كونت للستوت اسما لم يكن لهم من قبل، ولا سما لعقيدهم صقر الذي يقولون عنه انه ابلي بلاءا حسنا في حروبهم مع التياها ضد الترابين، وانه غزا الصعيد في مصر وانتصر على المعازة النازلين هناك بقيادة (الشيخ حسب الله المعازي) وغزا (الايدة والفقير) من عربان مدائن صالح وانتصر عليهم، وبينا كان صيته في الحروب سببا في انعام الخديوي اسماعيل باشا عليه، هذا ايضا الباعث على نقمة الاتراك وسخطهم.
فاستدرجه هؤلاء اليهم وأتوا به إلى القدس حيث عاش منفيا وظل في القدس إلى ان مات، ولما مات صقر قام مقامه ولده دهشان، وهذا ايضا اشتهر بالفروسية في عدة مواقع منها تلك التى جرت بين التياها والترابين على أثر مقتل الصوفي، ومنها (موقعة رمضان) وهي التي وقعت بين الترابين والعزازمة.
ولما شعر دهشان بغضب الحكومة عليه من اجل هذه المواقع هجر منازله ونزل مع العشائر النازلة شرقي الاردن واحتمى ب (طراد بن زين) من مشايخ الصخور ثم اشترك مع هؤلاء في حرب دامية دارت رحاها بينهم وبين خصومهم الرولة، فمالت بسببه دفة الحرب نحو الصخور بعد ان كانت ضدهم.
قلنا ان مشيخة الغوالى ظلت بيد الستوت إلى ان اندمى هؤلاء، ثم انتقلت بسبب الحوادث المتقدم ذكرها إلى الزريعيين، وظلت كذلك حتى الحرب العامة، وهناك من يقول ان قيادة الغوالي كانت دوما بيد الزريعيين.
وأول من شاخ على الغوالى منهم هو (الحاج منصور بن نصر الزريعي) ومن بعده ولده (عوده) وعلى قول ان هذا هو اول من شاخ منهم ومن بعد عوده شاخ أخوه (أحمد) ثم ابن اخيه (سليم بن حسين الزريعي) وظلوا كذلك حتى اوائل الحرب العامه (1915).
فانقسم الغوالي إلى عشائر متعددة منها:
الستوت بقيادة: أحمد بن صقر ابى سته.
الحصينات والمغاصبه بقيادة: الشيخ عبد ربه ابي الحصين.
البكور بقيادة: محمد جمعه ابي بكر.
وقد ظل فريق الزريعيين بمشيخة سليم إلى ان فر هذا بسبب حكم صدر ضده، حينئذ شيخوا عليهم (عبد الكريم حمد الزريعي)،
ولما مات هذا عام 1931 م قامت قيامة العشيرة كلها وانقسموا إلى شيع واحزاب من اجل المشيخة، إلى ان فاز بالانتخاب محمد ابو زريع الزريعي فنصبته شيخا عليهم.
واما الخنالين فقد انفصلوا عن الستوت بزمن الشيخ حسين الذي شاخ بعد عمه احمد ثم شاخ عليهم (اسماعيل أبو ختله).
واما العمور فقد انفصلوا عن الزريعيين عام 1931م وشيخوا عليهم (عميره بن سالم العمور)، ويظن انهم بطن من ربيعة، رحلوا عند ما وقعت بين بني ربيعه الحروب، ونزلوا العراق أولا، ومن غرائب الاتفاق ان بالصعيد قرية اسمها (العمور) هي من أعمال سوهاج.
واما العمرات فانهم فلاحون، واصلهم من (معن)، وأول من شاخ عليهم (محمد ابو عمره)، ولما مات هذا شاخ عليهم شيخهم الحالي (سلامه ابو نصر الله)
هذا هو ملخص تاريخ الغوالى واسماء مشايخهم في الوقت الحاضر:
غوالي ابي سته: الشيخ حسين بن دهشان بن صقر بن دهشان أبو سته.
ابي الحصين: الشيخ عبد ربه بن صبح بن ضيف الله ابو الحصين.
ابي شلهوب: الشيخ سالم بن سلمان بن عواد بن حسن ابو شلهوب.
ابي ختله: الشيخ اسماعيل بن حامد بن محمود بن خلف ابو ختله.
ابي بكره: الشيخ جمعه بن محمد بن جمعه ابو بكره.
ابي عمره: الشيخ سلامه بن سليم بن نصر الله أبو عمره.
الزريعي: الشيخ محمد ابو زريع الزريعي.
العمور: الشيخ عميره بن سالم بن عمرو العمور.
نبعات: الشيخ مصلح بن سليم بن شتيوى بن مصلح بن جرمي.
الحسنات: ليسوا من (الغوالى) اصلا، وان عدوا منهم في يومنا هذا، انهم من (اللياثنة) القاطنين في (وادى موسي)،
وقال عارف العارف: وقد حدثني احد كبار اللياثنة عند ما سألته عن اصل الحسنات في بئر السبع قال: انهم منا ونحن منهم، وقد افترقوا عنا بسبب القحط والوباء الذي كان تفشي بيننا قبل زمن بعيد.
ومن يدري لعل (حسنات ابى معيلق) هؤلاء اقدم العشائر عهدا في هذه البلاد، لان اسم (أبى معيلق) يشبه اسم (أبيمالك) ملك الفلسطينيين الذي جاء ذكره في أسفار العهد القديم.
ذكر المحقق الدكتور توفيق كنعان في كتابه studies ln the topography And folklore of petra) الذي نشره عام 1930م الشيء الكثير عن العربان الذين يعيشون في البتراء (وادي موسي) ولقد اقتبست منه الشيء الكثير عن اللياثنه لأ تمكن من معرفة اصل الحسنات كما سترى في الاسطر التالية:
قال ابن فضل الله العمري في كتابة (مسالك الابصار): ان اللياثنه احفاد بني ليث بطن من بني كنانة بن مضر ,وقد أيد هذه الرواية المقريزي.
وكذلك فعل القلقشندي إذ جاء في الصفحة 350 من (صبح الاعشي) ان ليثا بن بكر بن عبد مناة، ومنهم الصعب بن جثامة الليثي الصحابي، ومنهم طائفة بساقية قلتة بالاخميمية من صعيد مصر، وهم من بني كنانة.
وقال أخرونا نهم جاءوا من (وادي الليث) في اليمن.
العبيديون والعلايا والشرور لياثنه اصلا واما بنو عطا فانهم احفاد بلي قضاعة ويقول فضل الله العمري انهم احفاد بني جذام.
كانوا بادى ذى بدء تابعين للحجاز، ولما انتصر الوهابيون على الملك حسين بن علي واخرجوه من الحجاز اصبحوا تابعين لامارة شرق الاردن، وقد قاموا بحركة تشبه الثورة عام 1926 م ضد الحكومة الاردنية لكنهم عادوا واخلدوا للسكينة.
ان اللياثنة الذين يعيشون الأن في (وادي موسي) يشبهون الفلاحين من حيث اشتغالهم بالزراعة، والبدو من حيث سكناهم في الخيام، وهم اربع فرق:
بنو عطا: وعدد بيوتهم 30.
الشرور: وعدد بيوتهم 73.
العبيديون: وعدد بيوتهم 70.
العلايا: وعدد بيوتهم 45.
كانوا قديما حماة الوادي المذكور ولكنهم هووا في الاعوام الاخيرة إلى الدرك الاسفل من الفقر، وقد قيل انهم اضطروا لان يبيعوا اسلحتهم ليتمكنوا من شراء اكلهم واكل عيالهم.
لهم اولياء كثيرون منهم واهمهم (الحسني) وهو جد الحسنات وهم فرع من العبيديين، له مقام وهو عبارة عن غرفة بسيطة لكنها مائلة إلى الخراب يزورونه بين كل فرصة واخرى ويقرأون الفاتحة ويحلف بعضهم بعضا اليمين على قبره، عند وقوع اختلافات بينهم، ويعتقدون ان من يحلف كذبا لا بد وان يصاب ببلاء قبل مرور ثلاثة ايام.
كل فرقة من الفرق الاربعة المتقدم ذكرها تنقسم طبعا إلى حمايل لا نرى لزوما لذكرها كلها، وانما لا بدلنا من القول هنا ان احدى هذه الحمائل هي (الحسنات) وهي فرع من العبيديين، ويظهر ان فريقا من الحسنات هجر منازله قبل زمن بعيد فنزل في القسم الشمالي من بئر السبع.
حسنات السبع منازلهم الأن في ام النذور والرماميل وخربة العذار والرسم وعددهم يقرب من الخمسمائة.
شيخهم موسي بن سالم بن سلمان ابو معيلق، ووسمهم ؟ الخدمة وهي حلقة غير كاملة، يتصل باحد طرفيها مطرق، وهذا هو وسم اللياثنة في شرق الاردن، انهم ينكرون اية صلة لهم باللياثنة، وعندى انه لا بد من وجود صلة بين (ابى معيليق) اليوم وبين (ابيمالك).الذي جاء ذكره في التوراة.
المحافظة: وقال عارف العارف أيضا: حدثني محفوظ أبو محفوظ ان المحافظه التابعين الأن إلى نجمات الصانع (ترابين) اصلهم من السوالمه التابعين لعرب ابى كشك في جوار العوجة بقضاء يافا ,وان اثنين من جدودهم الاولين وهما علي وأخاه حسن أتهما بقتل فرحلا من ديارهما ونزلا مصر واستوطنا الصالحية وتملكا فيها وتزوجا فكثر نسلهما، إلى ان شرع بمصر في فتح ترعة السويس، عندها ترك كبيرهم محفوظ تلك البلاد وجاء إلى هذه البلاد فنزل اراضي التياها وتملك معهم، وكثرت ذريته إلى ان تكونت اسرة المحافظة الحالية.
مات محفوظ وترك من بعده ثلاث اولاد هم: الشيخ اسماعيل – سالم – سليم.
ثم مات سليم من غير خلف، وجرى خلاف بين التياها وطنبائهم المحافظه وعلى قول ان الخلاف جرى بين الترابين والتياها من اجل المحافظة وتابعيتهم، وكادت تقع فتنة كبيرة بين العربان من اجل ذلك، ولكنهم اجتمعوا في بيت اسماعيل ابي ختله واصطلحوا بعد ان اتفقوا على ان يظل فريق المحافظه مع الترابين وفريق مع العزازمة، فنزل الشيخ اسماعيل مع الترابين وسالم افترق مع العزازمة، ولا يزال فريق منهم في وقتنا هذا مع الترابين وأخر مع العزازمة.
ليس لهم شيخ رسمي، ومنازلهم على بعد ثلاثة اميال لشرق السبع.
الجراوين: يدعي الجراوين ان اصلهم من الحجاز وانهم ينتمون إلى قبيلة تدعى (بني جري) ويستدلون على ذلك باشتراك الوسم، إذ ان وسم القبيلتين هو الزناد، والمعروف عنهم ان جدهم جروان غادر الحجاز بسبب دم اتهم به فنزل سيناء واستوطن جبل الحلال فيها، وهم يرفضون بشدة ما يقال عنهم من انهم من سلالة رجل فلاح اسمه كلوب.
ومما يروى ان الترابين اجتمعوا مع خصومهم العيايدة في بيت جروان هذا لاجل الصلح، وفعلا تم الصلح بينهما هناك، ويظهر ان الفريقين اكبراه لعقله ودرايته فاراد كل منهما ان يكون جروان حليفا له، الا انه أبى ان يكون (حليفا) للواحد ضد الأخر وانما رضي ان يكون (اليفا) للترابين اجداد الترابين الحاليين وقام جروان من هناك بناء على اصرار الترابين ونزل اراضي السبع , (وكانت في تلك الازمان تدعى بلاد غزة).
عند ما هبط جروان هذه البلاد احبها وعزم على استيطانها فحجر (ملك) قبلي نوران، والرابية، والصليب، وانشأ في الصليب بركة ماء لا تزال تدعى حتى الأن (بركة جروان).
وقد تزوج جروان، بعد ان طاب له المقام، بفتاة من اهل هذه البلاد وكثرت ذريته فصارت تدعى (الجراوين).
ويظهر ان الترابين قتلوا واحدا من الجراوين، فعد هؤلاء عمل حلفائهم هذا خيانة، وأرادوا الانتقام منهم، الا انهم لم يقدروا عليهم بسبب قلة عددهم وكثرة خصومهم، فاضطروا للجلاء، ونزلوا (الشمسانيات) منازل الرماضين في الوقت الحاضر، حتى ان واحدة من نسائهم تدعى (أم غليون) وهي جدة الغلايين حفرت هناك هرابة لا تزال تدعى باسمها حتى الأن.
وقد ظل الغزو والقتال متصلا بين الفريقين إلى ان اصطلحا، ومن شروط الصلح:
1 – لا تجوز (جيرة) على ارض (أي لا يمنع شخص عن دخول ارض من الاراضي بوجه زيد من الناس)
2 – يمنع خطف فتيات الجراوين.
3 – لا تجوز وساقة اموال الجراوين قبل التشهيد.
4 – تدفع دية المقتول من الجراوين مربعا.
والكفلاء من الترابين على هذه الشروط (أبو بكره) من الغوالي (وأبو عادره) من النجمات و(ابو جريبيع) من القصار و(الدلح) من النبعات، وذلك كله جرى قبل هجوم نابليون على عكا بعشرين عاما.
وقد ظل الجراوين، بالرغم من هذا الصلح، تابعين للترابين من حيث المشيخة حتى جاء (رؤوف باشا) متصرف القدس ونزل في (بني سهيلة) وفرق الترابين عن الجراوين، ونصب عليهم شيخا هو (الحاج سلامه ابو غليون) وهو جد الشيخ سلامه ابى غليون الحالى المكني بسليمان بن الحاج غيث بن الحاج سلامه بن الحاج على بن سلمان بن سلمى بن جروان.
وقد انقسم الجراوين بعد الاحتلال الانجليزى إلى ثلاث فرق نصبت الحكومة على كل فرقة منها شيخا واليك اسماءهم:
1 – جراوين ابي غليون شيخهم سليمان ابو غليون.
2 – جراوين ابي صعيليك شيخهم منصور ابو صعيليك.
3 – جراوين ابي يحيي شيخهم فرحان ابو يحيي.
وذكر الجراوين عمر رضا كحالة في معجم قبائل العرب وقال: جراوين أبي غليون من عشائر الترابين ببير السبع منازلهم، الخسف، خور العجرم، خربة الفار، وقوز البصل، أفخاذهم: غلانية – عوايضة – جلالدة – شناترة – غنيمات – وغرباء – عدد بيوتها 202 وذكروها 521، واناثها 452.
وذكر أيضا جراوين ابي يحي من عشائر الترابين ببير السبع وأفخاذها: جبان، سباتين، وغرباء. وعدد بيوتها 151، وذكورها 404، واناثها 347.
المصدر / كتاب دليل الانساب لمعرفة الاعقاب المسمي بالانساب للعقيلي للمؤرخ والنسابة مصطفي بن سالم الشهير بأبي آدم العقيلي
ص 435 الى 447.