هارون الرشيد وحكايه الصبيه المقتوله
يحكى أن الخليفة العباسي هارون الرشيد نزل متنكرا في ليلة لاستطلاع أحوال الرعية، وكان بصحبته وزيره جعفر البرمكي، وسيافه مسرور؛ ليلتقوا أثناء تجولهم بصياد فقير رأى الخليفة أنه يمر بضائقة فذهب معه والوزير وأخبره جعفر بأنه سيشتري منه أول شيء تصيده شبكة الصيد بـ100 دينار.
ورمى الصياد الشبكة فخرجت وبها صندوق خشبي ثقيل فأخذه الرشيد ووزيره، وأعطى الصياد الـ100 دينار، ولكن عندما عادوا للقصر وشقوا الصندوق على ضوء الشموع أذهلهم ما رأوا، إذ وجدوا عدة أثواب وسجاجيد بالصندوق وأسفل منها صبية شابة كانت مذبوحة.
غضب الرشيد قائلا: "كيف في عهدي يقتل الناس ويرمون في نهر دجلة ولا يدري بهم أحد؟"، ثم أمهل الرشيد وزيره أياما ليجد القاتل وإلا سيعاقبه بصلبه و40 من بني عمومته.
وعجز الوزير عن إيجاد القاتل، وبالفعل نفذ الرشيد تهديده وجلب الوزير وأقاربه ودعى الناس؛ لمشاهدة مشهد صلب الوزير، وبينما جعفر واقف منتظر الإعدام صلبا، إذ بشاب وسيم يكلمه ويقول له إنه قتل فتاة وهي التي كانت بالصندوق ويستحلفه أن يقتص لها منه.
وأخذ الوزير الشاب وكان فرجا له وذهب به للرشيد، وبينما يكرر الشاب كلامه على الرشيد، إذ برجل عجوز يدخل ويقول إنه القاتل وأن الشاب بريء.
وكاد الرشيد أن يقتل الاثنين ولكن الوزير زاد بالتحقيق معهما فأخبر الشاب بحكاية القتيلة.
وقال الشاب إنها زوجته ومرضت مرضا شديدا، وطلبت منه تفاحا فجلب لها من مزرعة هارون الرشيد بـ3 دنانير، فلم تستطع أكلها لشدة المرض ووضعتها جانبا ولينزل الشاب لتجارته تاركا زوجته بالفراش.
وكان بمتجر الشاب عبدا أسودا يلعب بتفاحة، وكان التفاح نادرا ولا يوجد ببغداد بكاملها، فسأل الشاب العبد عن التفاحة من أين أتي بها، ليخبره العبد أنها من عشيقته، وكان زوجها قد أعطاها التفاحة التي جلبها لها من مزرعة الرشيد، وذلك نفس ما حدث للشاب عند جلبه التفاحة.
وأصاب الشاب الشك فعاد مسرعا للبيت ووجد تفاحتين فقط دون الثالثة، وبسؤاله زوجته عنها قالت إنها لا تعرف أين ذهبت، فاغتاظ بشدة وأحضر سكينا فنحر الصبية ظنا بخيانتها وألقاها بالنهر.
وقال الشاب عند عودته إلى المنزل وجد ابنه يبكي، ولم يكن يعلم بما حل بوالدته، فسأله فأخبره الولد إنه أخذ التفاحة، ولقيه عبد أسود فسأله عنها وأخبره أن أبيه جلبها لأمه من مزرعة الرشيد بدينار فسرقها العبد وهرب، وعلم الشاب حينها بأنه ظلم الفتاة.
وأما عن الرجل العجوز، قال الشاب إنه عمه ووالد الفتاة وشهد على نفسه بقتلها شفقة منه على ابن أخيه من الإعدام.
وقال هارون الرشيد، إن الشاب لا يستحق القتل وإنما من سيتم إعدامه هو العبد الخبيث الذي أدخل الشك في قلب الشاب على زوجته وجعله يقتلها.