الحملة الفرنسيه على مصر
الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801)
الحملة الفرنسية على مصر تعد واحدة من أبرز الأحداث في تاريخ المنطقة العربية في نهاية القرن الثامن عشر. قادها نابليون بونابرت بهدف تحقيق طموحات استعمارية وسياسية لفرنسا، ولتقويض النفوذ البريطاني في البحر المتوسط والهند. شهدت الحملة سلسلة من التطورات العسكرية والسياسية والثقافية التي تركت أثرًا عميقًا على مصر والمنطقة.
كان الهدف الرئيسي للحملة هو السيطرة على مصر وقطع الطريق البري على بريطانيا إلى مستعمراتها في الهند. إلى جانب ذلك، كانت هناك دوافع اقتصادية وسياسية تتعلق بتعزيز مكانة فرنسا العالمية.
في يونيو 1798، نزلت القوات الفرنسية في الإسكندرية بقيادة نابليون بونابرت، وواجهت مقاومة ضعيفة من المماليك. بعد ذلك، تقدم نابليون نحو القاهرة، حيث وقعت معركة الأهرام (معركة إمبابة) في 21 يوليو 1798، والتي انتهت بانتصار الفرنسيين وهزيمة المماليك.
بعد الاستيلاء على القاهرة، سعى نابليون لتثبيت السيطرة الفرنسية من خلال إقامة إدارة مركزية وتنفيذ إصلاحات إدارية واجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، جلب نابليون معه مجموعة من العلماء والفنانين الذين قاموا بدراسة واسعة النطاق لمصر وتاريخها وثقافتها، مما أدى إلى نشر "وصف مصر" الذي يعتبر من أهم الأعمال التي وثقت الحضارة المصرية. وقد تحمَّل أهالي الإسكندرية المدنيُّون عبء مقاومة جنود الحملة الفرنسية بزعامة السيد محمد كريم الذي استبسل في الدفاع عنها. الشكل ١: السيد محمد كريم حاكم مدينة الإسكندرية.
على الرغم من النجاحات الأولية، واجه الفرنسيون مقاومة شديدة من المصريين. قاد عمر مكرم وعلماء الأزهر الشريف حركة المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي، ونظموا انتفاضات شعبية متعددة أبرزها ثورة القاهرة الأولى (أكتوبر 1798) وثورة القاهرة الثانية (مارس 1800).
استمرت الحملة حتى عام 1801 عندما تشكل تحالف بين القوات البريطانية والعثمانية لطرد الفرنسيين من مصر. وقعت معارك عديدة أبرزها معركة أبو قير البحرية (1798) التي أسفرت عن هزيمة الأسطول الفرنسي. وفي النهاية، أجبرت القوات الفرنسية على الاستسلام والانسحاب في سبتمبر 1801
رغم فشل الحملة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، إلا أنها خلفت آثارًا بعيدة المدى على مصر. من الناحية العسكرية، أظهرت الحملة ضعف نظام الحكم المملوكي وقدرته المحدودة على التصدي للقوى الأوروبية. من الناحية الثقافية، قدم العلماء الفرنسيون دراسات مهمة عن مصر، وأسهموا في نهضة علمية ومعرفية بعد عودتهم إلى فرنسا.