سر الحقيبة السوداء
سر الحقيبة السوداء
كان جالسا علي كرسيه الخاص يشاهد جمال الطبيعة ،فالقطار يشق طريقه في منطقة تجملت بأزهي حُلِيِّها. قطرات من المطر تتساقط،طبيعة سحرت الأعين،وجبال ممتدة علي مرمي البصر.بينما هوعلي هذا الحال يري ماتنطق به الطبيعة من مناظر خلابة،أتاه اتصال تليفوني.
ألو: من؟
أنا
من أنت؟
لايهم ياشريف بك.المهم أن تعرف أن نهايتك اقتربت علي يدي إذا لم تنفذ ما أطلبه منك.
وماذا تريد مني؟
أريدك أن تخلص من حقيبتك السوداء،فإن لم تحاول التخلص منها في غضون ثلاثة أيام سأقتلك.
قل لي: من أنت؟
قلت لك :لايهم سلام يابك.
هنا انتهي الاتصال وانتهي معه إحساسه بجمال الطبيعة واحتل الخوف قلبه.وبدأت تحدثه نفسه: أيقتلني بسبب حقيبة سوداء؟!،سأتخلص من كل حقائبي السوداء،حتي ملابسي السوداء أيضا. وصل شريف بك إلي قصره المنيف ونادي :
أيها الخادم ،أين أنت؟ ألا تسمع؟! ،أنت خادم لاتعرف شيئا ،لقد سئمت منك.
الخادم: تحت أمرك ياشريف بك.
اذهب، واحضر كل ملابسي السوداء ،واحرقها أو تخلص منها.
الخادم :حاضر ياشريف بك.
تخلص شريف بك من كل ملابسه السوداء،أما حقائبه السوداء ،فقد مزقها بنفسه،وألقاها بنفسه خارج القصر.ومع غروب شمس اليوم الثاني،استقبل شريف بك اتصالا:
ألو: من؟
أنا ،أنسيت صوتي يا شريف بك؟
لا....لا ،لم أنس ،أنت من اتصلت في القطار.
هل تخلصت من حقيبتك السوداء؟
نعم ..نعم ،تخلصت منها.
لا أظن ذلك ياشريف بك،أمامك يوم أخيرللتخلص منها،واعلم أنها حقيبة ليست كأي حقيبة،فلونها يختلف وفقا للإنسان الذي يحملها.
ولكنني تخلصـ.....،وهنا انقطع الاتصال،وزاد شعور الخوف عند شريف بك،وأخذ يتأكد من التخلص من كل الحقائب التي في قصره سواء الأسود منها ،أو غير ذلك من الألوان،وعندها شعر بالاطمئنان ،وجلس ؛ليتناول عشاء اليوم الثاني. وبصوت فيه أنفة، نادي علي خادمه:
ياخادم ،أحضر العشاء.
جلس شريف بك يتناول العشاء والخادم واقف بجانبه يلبي طلباته ، حتي انتهي من طعامه وقام ونظرإلي خادمه ن وقال له:
ألم أقل لك من قبل :لا تضع ملحا زائدا في الطعام. أنت خادم لاتفهم شيئا
غبي ... حيوان.
ثم لطمه علي وجهه وانصرف. جلس الخادم ينظف السفرة، ويجمع الطعام ،فهو معتاد علي ضربه وسبه له ، وفي نفس الوقت كان شريف بك قد تهيا للنوم وفكر مليا في كلام هذا الرجل ،فكيف يختلف لون الحقيبة وفقا للإنسان الذي يحملها؟! ، فابتسم قليلا وقال: إنه شخص مجنون.
ثم انغمس في نومه من شدة ما لاقاه من تعب طوال اليوم.وعند فجر اليوم الرابع تقدم نحو الحجرة
دبيب أقدام، فُتحت الحجرة بحذر،تتقدم الأقدام خطوة بخطوة، تنظر إلي صدرة ،تمسك بالسكين ،ترفع يديها ،وتقتله.
أثار خبرمقتل شريف بك ضجة كبيرة في مصر كلها ،وذكرت الأهرام في صفحتها الأولي علي لسان القاتل: "قتلته ؛لأنه لم يتخلص من حقيبته السوداء كما طلبت منه وظل حاملا لها طوال عمره ،وفهم أنني أريده أن يتخلص من حقيبته التي يحملها في يديه كل يوم، ولم يفهم أنني أريده أن يتخلص من حقيبته التي يحملها بين جنبيه ،فقد قلت له :أن الحقيبة يختلف لونها وفقا للشخص الذي يحملها ،ولكنه لم يفهم ذلك ،فهو إنسان عاش غبيا.......!".
إمضاء :
الخادم
