من حكاية السرقة إلى بريق الثروة: رحلة "الموناليزا" الفنية الأكثر إثارة في التاريخ

من حكاية السرقة إلى بريق الثروة: رحلة "الموناليزا" الفنية الأكثر إثارة في التاريخ

0 المراجعات

في عالم الفن، هناك لوحة تشع نجوميةً وتحمل في طياتها حكايةً مشوقة، وهي لوحة "الموناليزا". حتى وإن كنت غير مهتمٍ بالفن، فمجرد سؤالك عن أشهر اللوحات الفنية سيجعلك تفكر بالفور في هذا العمل الرائع، أو حتى عند سماع اسمها فقط. ولكن هل تعلم أنها لم تحظَ بتلك الشهرة الباهرة حاليًا إلا بفضل جريمةٍ سرقةٍ ارتُكِبت منذ أكثر من قرن؟

 

في قلب القرن السادس عشر، تألّقت هذه الصورة بابتسامتها الغامضة ولُغز شخصيتها، فهي لوحة ليوناردو دا فنشي الخالدة. إلا أن المعجزة التي أضافت لها الشهرة العالمية كانت متأتيةً من جريمةٍ سرقة          حدثت في أغسطس 1911.

 

في ذلك اليوم المشؤوم، أُسرقت اللوحة العظيمة من متحف اللوفر في باريس. اللصّ، فينشنزو بيروجيا، كان عاملاً للنظافة داخل المتحف، مما سمح له بالاختباء داخل خزانة العمل الفني حتى إغلاق المتحف. وبينما حلّ الظلام، خلع اللوحة من إطارها واحتمى بها تحت معطفه.

 

لمرور أكثر من 24 ساعة حتى يكتشف العاملون بالمتحف فقدان اللوحة، لا توجد أية أجهزة إنذار فعّالة في تلك الحقبة، وحماية الليل كانت ناقصة، وهكذا كانت تعامل المتاحف في ذلك الزمن. وعُثِرَ عليها صدفةً بعد انقضاء عامين من عمليات التحقيق والبحث، حيث قام بيروجيا بإرسال رسالة غامضة إلى تاجر فنون في فلورنسا، أدعى فيها أنه يحمل لوحة الموناليزا ووقع الرسالة باسم "ليوناردو". ومع هذا الاكتشاف، تم تنظيم اجتماع بين التاجر ومدير معرض أوفيزي في فلورنسا، وحضر بيروجيا ومعه اللوحة التي ظلت مخبأة بعيدًا عن الأنظار في صندوقٍ داخل شقته على مدار العامين الماضيين.

 

لم يكن اللص بيروجيا يعتبر نفسه جناةً عادياً، بل يراهن على أنه بطل وطني، وهذا ما جعله يطالب بعرض اللوحة في إيطاليا، وطبعًا بلده الأصلي. لكن لم يكن القدر يُحالِفه، فبعد استعادة اللوحة، تحوّلت إلى رمزٍ للجريمة والغموض، مما أضفى عليها مزيدًا من الشهرة ورفعها لمستوى الأعمال الفنية الأيقونية.

 

واليوم، لا تزال "الموناليزا" تستقطب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم إلى متحف اللوفر في باريس. إذ يُفضّل الجميع أن يزوروها شخصيًا ليستمتعوا بعظمتها وغموضها وابتسامتها الساحرة. ويُقدّر أن اللوحة ساهمت في جذب أكثر من 9.7 مليون زائر إلى المتحف في عام 2012 وحده. إنها لوحة فنية استثنائية تحكي قصة جريمة سرقة مثيرة، وتلهم العديد من الناس بسحرها وجمالها الذي يتجاوز الزمن والمكان.

في عام 2014، طُرحت فكرة بيع لوحة "الموناليزا" بهدف تخفيف الدين المحلّي الفرنسي، ولكن تبيّن أن بيعها محظور بموجب قانون التراث الفرنسي الذي يُلزم بأن محفوظات المتاحف التابعة للهيئات العامة تعتبر ملكية عامة ولا يجوز تحويلها إلى ملكية خاصة.

 

على مدى التاريخ، شهدت اللوحة جولات فنية حول العالم، حيث تم عرضها في مدينتي نيويورك وواشنطن دي سي في فترة من ديسمبر 1962 إلى مارس 1963، وقد زارها حوالي 1.7 مليون شخص في نيويورك وانتظروا في طوابير لإلقاء نظرة سريعة عليها لمدة لا تتجاوز 20 ثانية. كما عُرضت اللوحة في طوكيو وموسكو في عام 1974.

 

تقدر قيمة اللوحة في تلك الفترة بحوالي 100 مليون دولار أمريكي لتأمينها، وإذا قمنا بتعديل هذه القيمة وفقاً لمؤشر أسعار الاستهلاك الأمريكي، فإنها تعادل نحو 800 مليون دولار في عام 2019، مما يجعلها عملاً فنياً أغلى لوحة في العالم.

 

ولكن بالطبع، كما هو الحال مع جميع القطع الفنية في المتحف، تحمي اللوحة الآن بصناديق زجاجية واقية ومقاومة للرصاص للحفاظ عليها وتأمينها من أي ضرر أو خطر خارجي. إنها لوحة استثنائية تحمل في طياتها تاريخاً عريقاً وجاذبية فنية لا تضاهى، وتظل محط أنظار الملايين من الزوار الذين يحلمون برؤية عملٍ فني بهذا الجمال والقيمة الثقافية العظيمة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

3

متابعهم

2

مقالات مشابة