رواية قلب الرفاعي
الفصل الاول
أعلنت المضيفة عن ربط حزام الامان لوصول الطائرة لمطار القاهرة الدولي فتنهدت بارتياح وهي تلقي نظرة خاطفة لذلك الجالس جوارها وهو يحكم حولها حزام الامان ثم يتجه لربطه لنفسه ...كيف كانت ستصير حياتها دونه ؟حقا لا تستطيع مجرد التخيل لقد كان حقا هو البلسم الشافي لكل جراحها وابنتها التي انتشلها من ضياع حياتها المؤكد ولكن اه من ابنتها التي تصمم بكل عناد على تدمير حياتها ..
كم تقلق عليها من المستقبل يمكن اكثر من قلقها على طفلتيها الاخرتين وكم تغضب حين ترى ادهم يقف معها ويساندها فيما تريد حتى وهي تعلم انه يعرف جيدا ان اختيارها خطأ لكنه يفسح لها الطريق لتجرب بنفسها كي لا يفرض عليها رأيه وفي الوقت ذاته تكون تحت رعايته ..
- سلمى
انتفضت من شرودها على نداء ادهم ابراهيم لها فالتفتت اليه هامسة :
-نعم يا ادهم
ادهم هامسا بعشق لم تغيره سنوات زواجهم العشرون :
_قلب ادهم وروحه ...مالك ياحبيبتي سرحانة في ايه ؟
ابتسمت وهي تضع راسها على كتفه هامسة :
_ بحاول اتخيل حياتي من غيرك لكن مش عارفة ...تعرف ساعات بحس انك لو مكنتش في حياتي كنت مت انا وبنتي من زمااان
ادهم غاضبا :
_سلمى ...مش قولنا بلاش سيرة الموت دي ولا انت بتحبي تضايقيني وبس
سلمى ضاحكة :
_هههههه الصراحة اه بحب اغيظك
ادهم صارما :
_اه عشان كدة بتستفزيني بحركتك دي
ابتسمت وهي تشعر بنبضات قلبها تكاد تصل لعنان السماء ثم غيرت موضعها لترفع يده وتضع راسها على صدره فضمها بيديه مقبلا راسها هامسا بحب جارف :
_ايوة كدة لو سمحتي متغيريش مكانك ده تاني ...وخليكي واثقة ان مكانك الطبيعي مش جانبي لكن جوة قلبي يااحلى حاجة في حياتي
اشتعلت وجنتيها باحمرار الخجل والعشق سويا فهمست :
_ادهم الناس بيبصوا علينا
ادهم بعشق :
_انت حياتي ياسلمى محدش يقدر يمنعني عن حبك اللي سكن قلبي وبقى نبضي ..عارفة لو بعدتي في يوم عني اعرفي انه اخر يوم في ح....
انتفضت تضع يدها على شفتيه تمنعه من الكلام هامسة :
_بعد الشر عنك ارجوك متقولش كدة تاني ربنا يباركلي في عمرك وميحرمنيش منك ابدا ياارب
هبطت الطائرة وقام ادهم بمساعدة سلمى على مغادرة الطائرة وهو يسندها لقلبه وسط اعتراضاتها والتي لم يلتفت لها ونفذ ما بباله حتى انهوا اجراءتهم فهمس لها :
_حبيبتي اهدي محصلش حاجة لكل العصبية دي
سلمى بحنق :
_صغيرة انا عشان تعاملني كدة
فقبل راسها مراضيا :
_ايوة صغيرة بنت قلبي وروحي وعقلي
فابتسمت له بعشق لم تغيره السنوات بل زادته وهجا وقوة
فهمس مغيرا مجرى الحديث :
_ها قوليلي قولتي لحد على ميعاد رجوعنا ؟
سلمى بشرود :
_لا مقولتش ..ومش عارفة ليه مش مطمنة ...
ادهم مطمئنا :
_حبيبتي اهدي انت كل مرة بنسافر للحج او العمرة بتبقي قلقانة كدة من بعدك عن البنات ...ان شاء الله خير
وهنا استمعوا لنداء عبر مكبرات الصوت :
_الدكتور ادهم ابراهيم الرفاعي مطلوب حضورك في مكتب امن المطار
واعيدت الرسالة فتوترت سلمى وانتفضت رعبا هامسة :
_ادهم هو في ايه ؟؟
ادهم مقبلا راسها :
_اهدي حبيبتي استنيني هنا هروح اشوف في ايه واجيلك على طول
حاولت مجادلته لتذهب معه لكنه رفض بسبب الم قدمها التي التوت وهي على سلم الطائرة
تحرك ادهم مبتعدا وتركها جالسة تنتظره بقلق الى ان راته برغم مرور السنوات لن تتوه عنه تجمد الدم بعروقها وهي تراه يقف بعيدا عنها لكن نظراته مسلطة عليها وتعلو شفتيه ابتسامة خبيثة تنذر بالخطر ارتجفت وجف حلقها وهي تهمس :
_ق ا س م....
ولكنها انتفضت على يد على كتفها فشهقت برعب فوجدته ادهم الذي سارع بضمها لصدره محاولا تهدئتها ظانا منه انها خافت عليه من استدعاء الامن :
_اهدي يا سلمى متخافيش انا ادهم مفيش حاجة كل الحكاية انك نسيتي الشنطة الصغيرة بتاعتك اللي فيها اوراقنا في مكتب التفتيش هنا عشان كدة استدعوني
فالتقطت سلمى انفاسها ببطء علها تهدا من ارتجاف جسدها وهي تبحث بعينيها عن قاسم ولكنها لم تجده وكانه كان كابوسا تجسد امامها للحظات ثم اختفى فتمالكت اعصابها وسارت مع ادهم الذي واصل الحديث معها عن بناتهم ومفاجئتهما لهن برجوعهما فجأة ولكنها كانت في وادي اخر تفكر (لماذا رجعت قاسم ؟ماذا تريد مني ؟هل عاد ليبحث عن هدى ؟مستحيل لن اسمح له بالاقتراب من ابنتي ولو كلفني الامر موته ..يااارب كن معي ...)
***************************
ثلاث شهور مرت على زواجهم والحال كما هو لا تنكر انها تحبه كما لاتنكر انه يعاملها بلطف لكنه لا يحبها انما يعاملها كما كان يعاملها طوال حياتهما ابنه خاله لا اكثر ولا اقل وهذا ما يدفعها للجنون اذا كان لا يحبها لم تزوجها ؟لم تقدم لخطبتها من الاساس لا تعلم كما انها تخجل ان تسأله ..فماذا ستقول له ليس هناك أي دليل مادي على انه تزوجها مكرها انما هي مشاعر الانثى ..راداراها الذي يجعلها تشعر بزوجها دون كلام وخاصة انها تحبه ..صحيح انه لم يكن في بالها ابدا انها ستكون زوجته في يوم ما ولكنه بمجرد ان تقدم لها حتى فتحت له قلبها ليناله وليتربع به ملكا وحيدا على عرشه ..ولكن ...
قاطع شرودها نداء زوجها سر جنونها الوشيك لها عبد الرحمن هاتفا :
_سها ...سها انت فين ؟
سها اتية من الغرفة بلهفة :
_نعم ياحبيبي ..انا هنا اهو
عبد الرحمن ببرود :
_جهزيلي شنطة سفري عندي مأمورية اسبوع على السريع
سها باحباط :
هتسافر دلوقتي ..مش هتسلم على عمو ادهم قبل ما تسافر ؟
عبد الرحمن وهو يتجه لغرفته ليبدل ملابسه :
_لما ارجع ان شاء الله هبقى اروحله وانت لو حابة روحي سلمي عليهم مع ماما او طنط مها
سها بلهفة :
_لا هستنى لما ترجع بالسلامة واروح معاك
عبد الرحمن زافرا بضيق :
_لا ..روحي انت انا الله اعلم هرجع امتى
سها باستفسار:
_مش انت قلت هتغيب اسبوع بس ؟
عبد الرحمن بغضب :
_يوووه ..هو تحقيق ولا ايه ؟؟ميت مرة اقولك انا ظابط يعني شغلي مش بوقت معين وبردو مفيش فايدة ..
واغلق باب غرفته بعنف فهمست سها لنفسها دامعة :
_دلوقتي هتخرج من الاوضة تقولي مضغوط ومعلش استحمليني ...وبردو هستحمل ياعبد الرحمن بس ياترى هستحمل لامتى ..
ثواني وخرج عبد الرحمن من الغرفة وعلى وجهه علامات الندم ولكنها تجاهلته واسرعت للغرفة لتعد له حقيبته فهتف بها وهو يقف عند باب الغرفة :
_سها ...انا ...
قاطعته سها ببرود :
_مضغوط ومعلش استحملك
فزفر عبد الرحمن بضيق فليس من طبعه ان يعتذر لاحد ولن يفعلها يوما اه لو تعلم كم الضغوط التي يتحملها ليحافظ عليها ولكن قاطع افكاره هتافها البارد وهي تناوله حقيبته :
_ترجع بالسلامة
ثم تركته وذهبت الى غرفتها مغلقة بابها وهي تشعر بقهر العالم يجثم على صدرها وخاصة انها لاتعلم سبب واضح لتعامله البارد معها اغمضت عيونها لتهرب دموعها على وجنتيها وهي تسمع اغلاق باب الشقة لتعلم انه خرج ولم يفرق معه غضبها فابتسمت من بين دموعها ساخرة ((اتتتأملين ان يفرق معه غضبك وحزنك وانت اصلا لم تفرقي معه يوما ...الى متى سأظل هكذا ؟الى متى ساعيش حياتي بتلك الطريقة ؟؟لا اعرف ولكن كل ما اعرفه اني احبه ولا اقوى على البعد عنه ..يااارب دبرها من عندك ..))
********************
**ألمانيا **
ميونخ مدينة الجمال والطبيعة الخلابة وبالاخص في الجنوب حيث السحر والخصوصية كما يجب ان يكون... تواصل رنين الهاتف مرة بعد اخرى منطلقا بجواره ليستيقظ ساجد فزعا ليجد نفسه قد غلبه النوم بجانب قطعة قلبه الثمينة حبيبته الصغيرة ابنته رولينا فسارع بالتقاط الهاتف ليطالعه اسم رئيس طاقم الحراسة حول القصر فاجاب وهو قلق فالوقت قد تجاوز منتصف الليل بساعتين او اكثر :
_ماذا هناك جو ؟
جو باحترام وبالمانية خالصة :
_عذرا سيدي ولكن هناك امرا هام لابد ان تعرفه الان
ساجد حانقا :
_تكلم جو ماذا حدث ؟
جو بعمليه :
_لقد خرجت سيدتي روضة بسيارتها الان من القصر دون سائقها او..
فانتفض ساجد فزعا :
_ماذا ؟؟واين طاقم الحراسة الخاص بها ؟؟
جو بتوتر :
_رفضت ان يصاحبها احد سيدي ولكن لا تقلق لقد انطلق الطاقم خلفها دون علمها
فاسرع ساجد يحمل مفاتيحه ويهرول على الدرج وهو يجري مكالمة اخرى:
_البرت ..اين جدتي الان ؟
البرت باحترام :
_لاتقلق سيدي نحن ورائها مباشرة ..اعتقد انها في طريقها لمستشفى الدكتور عز الدين
ساجد هاتفا وهو يصعد لسيارته ويديرها باقصى سرعة :
_حاول منعها البرت من الصعود للمشفى ...افعل أي شيء لمنعها ..هل تفهم ؟
البرت :
_اجل سيدي فهمت تحت امرك ؟
زفر ساجد بضيق وهو يضرب بقبضته على المقود هاتفا بغضب :
_ليه كدة ياجدتي ؟؟ليه بس كدة هتضيعي تعب سنين وهتضيعينا كلنا ...
مرت ربع ساعة كان ساجد قد وصل للمشفى وبمجرد ان خرج من سيارته حتى طالعه وجه البرت المتجهم واثار اصابع جدته قد طبعت على وجنته فتنحنح البرت هاتفا :
_بعتذر سيدي لكن ...
قاطعه ساجد وهو يربت على كتفه :
_لاعليك البرت سنتحدث لاحقا
وانطلق ليقفز الدرج درجتين او ثلاثة معا حتى وصل للطابق الرابع وانطلق في الممرات حتى وجدها تقف امام غرفة بعينها ذاهلة ودموعها تجري انهارا وتكتم بيدها فمها حتى لا يطلع صوتها ويستيقظ الجسد النائم امامهما داخل الغرفة
توجس ساجد خيفة من رد فعلها فهمس بتردد:
_جدتي ...اهدئي من فضلك ..وساشرح لك كل شيء
توقع كل ردة فعل يمكن ان تقوم بها نحوه بل ونحوهم جميعا الا هذا ان يفاجيء بها تلتفت بحدة وترفع يدها لتصفعه وهو مدللها وحبيب قلبها الغالي كما كانت تطلق عليه ولكن يدها لم تطاله لقد وقفت في المنتصف وهي تكور قبضتها هاتفة :
_من اليوم ليس لك جدة تدعى روضة ساجد ..اما الباقي فحسابهم عندي وسيكون قريبا ..قريبا جدا ..
حاول التوسل لها لتسمعه لكنها رفعت يدها في وجهه ليتوقف ومسحت دموعها بشدة وسارت بكبرياء ليس بغريب على فاتنة كل العصور كما يطلق عليها ساجد كلما اراد مداعبتها وخرجت من المشفى باكمله
فهتف ساجد بحنق :
_اه لو اعرف بس مين دلك على مكانه قسما بربي لاطلع روحه في ايدي ...
ولكن قاطعه رنين الهاتف والذي كان والدته جميلة فهتف بغيظ :
_هو يوم باين من اوله
ثم فتح الاتصال لياتيه صوت امه قلقا :
_ساجد حبيبي انت فين ؟
ساجد بضيق :
_خير يا ماما ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي ؟
جميلة بقلق :
_جدتك جالها تليفون من واحد اسمه الكسندر بعدها اتخانقت مع جدك وزعقوا على بعض وبعدين خرجت وانا قلقانة وخايفة عليها انت عارف جدتك متهورة ازاي
ساجد بشرود :
_مين الكسندر ده يا ماما ؟انت تعرفيه ؟
جميلة كمن يكشف اسرار حربية :
-تقريبا هو محقق خاص بس مش عارفة من شركتك ولا لا بقالها حوالي شهر بتكلمه بس مش عارفة ليه ..اه وكان اجا القصر مرة واحدة من حوالي اسبوعين شكله مش مريح ابدا وعنده علامة كدة في وشه اثار جرح قديم
انقبض قلب ساجد وهو يستمع لتفاصيل ذلك الرجل وخطر بباله شخص بعينه كان يعلم انه سيظهر من جديد ولكن الان ويتدخل في هذا الموضوع تحديدا انه للغز واجب الفهم
لكنه افاق على نداء امه هاتفة :
_ساجد روحت فين ؟
ساجدا :
_معاك ماما متخافيش جدتي بخير وشوية وهتكون عندك
جميلة بلهفة :
_هي كانت معاك طمني يابني عليها
ساجد :
-اطمني يا ماما معلش مضطر اقفل دلوقتي سلام ياحبيبتي
واغلق الهاتف دون سماع ردها وهو يشرد في احداث مرت من خمس سنين وكانت سبب نكبة حياته لكنه افاق علي يد وضعت علي كتفه صاحبها ضحكة مكتومة فزفر بضيق لاعنا بهمس وهو يلتفت
ساجد بحنق :
_نفسي اعرف لحقت ترجع امتي ؟
قاسم بسخرية:
_محدش عاقل يسال العاصفة سؤال زي ده
ساجد بغضب:
_طيب يا عاصفة حل مشاكلك دي بعيد عني عشان انا تعبت كفاية جدتي اللي مش هتكلمني تاني بسببك
هنا اختفت ابتسامة قاسم وتبدلت ملامحه لتظهر اعتى علامات الالم
قاسم بوجوم:
_اه من جدتك يا ساجد نقطة ضعفي الوحيدة واللي منعاني اني ادمر جدك وامحيه من على وش الدنيا
ساجد بعتاب:
_متنساش انه ..................
قاسم مقاطعا بغضب :
_متكملش مش ابويا وعمري ما هسامحه و مش هرتاح غير لما انتقم منه
ساجد مستعطفا :
_عمي ارجوك ......
قاسم مغيرا الموضوع :
_ اسمع انا كنت في المكتب النهارده وقابلت رائد القضية الجديدة صعبة انا شايف انك تعتذر عنها افضل
ساجد بغضب :
_علي جثتي مش هسيب القضية دي انا ما صدقت ان ماريو و الكسندر يقعوا تحت ايدي لو خايف علي نفسك بلاش تبقي في الفريق معانا
ولم ينتظر الرد بل سارع بالمغادرة فنظر اليه قاسم متنهدا بالم وهو يهمس لنفسه(حالتك صعبة يا ابن اخويا بس انا عمري ما هتخلى عنك ومش هعمل زي ما ابوك عمل ورماني واتخلى عني زمان)وعاد الي حجرته شاردا
***********************************************
***العين السخنة (مصر)***
قارب الوقت على الظهيرة ..لقد صار لها هنا ما يقارب الساعتين تجلس بمفردها تحت الشمسية تنظر اليه بغضب وهو في المياه امامها يسبح ويضحك مع صديقه السمج عاصم فهمست بغضب :
_هي دي الفسحة يا سي ادهم ...طيب ماشي ابقى خلي سي عاصم ينفعك
فقفزت واقفة تجمع اغراضها واتجهت للفندق وهنا انتبه لها ادهم (احمد) فسارع بالاعتذار من صديقه ليلحق بها الى الفندق و بمجرد ان دخل الغرفة حتى وجدها تجمع اغراضها في حقيبتها الصغيرة
ادهم احمد بتعجب:
_مالك يا سلمى مشيتي ليه ؟ وبتلمي هدومك ليه ؟
لم ترد وتجاهلته تماما واكملت جمع اغراضها فهتف بغيظ :
_هو انا مش بكلمك ما تردى عليا
نظرت اليه سلمى بغضب وهتفت بانفعال :
_لما انت جاي تقضي الاجازة مع صاحبك كنت جايبني معاك ليه اتفرج عليكم
ادهم بلطف:
_حبيبتي انا .......
سلمى (ادهم) بغضب :
_انت هتاخد شاور وفي خلال عشر دقايق هتكون عندي في لوبي الفندق لو بقوا ربع ساعة انا هرجع مصر لوحدي عن اذنك
وتركته وخرجت صافعة الباب خلفها فزفر ادهم بغل وهو يهمس (الله يحرقك يا عاصم بوظتلي الاجازة )ثم اندفع الى الحمام ليلحق بها
اما سلمى فجلست في لوبي الفندق تنتظر زوجها ومعالم الغضب تزين وجهها ولكن ما اثار ضيقها اكثر هي تلك البسمة الخبيثة التى طالعها بها عاصم و هو يتجه نحوها هاتفا بمكر:
_ قاعدة لوحدك ليه هو ادهم سابك ولا ايه ؟
استجمعت سلمى كل قواها حتي تستطيع التحكم في غضبها وهى ترد ببرود :
_شئ ميخصكش ....خليك في حالك
لوهلة انصدم عاصم من ردها الذي اربكه لكنه اخفى غضبه بضحكة سمجة وهو يهتف :
_اول مرة اعرف ان دمك خفيف كمان وليكي في الهزار يا امراة اخويا
هنا كادت سلمى ان تقتله ولكن قاطعها ظهور ادهم مبتسما فامسكت بيده وهى تهتف بغل :
_فرصة مش سعيدة اتمنى متتكررش عن اذنك يا عاصم
وجذبت ادهم ليخرجا من الفندق تلاحقهما ضحكات عاصم المجلجلة وهو يهمس لنفسه (شرسة وعنيفة بس بحبها ومش هسيبها العبي يا قطتي براحتك بس في الاخر مش هتكوني غير لعاصم )
*********************
في السيارة كانت تتطلع من النافذة بضيق وهى تتذكر كيف عنفها ادهم وغضب منها جراء فعلتها امام صديقه صحيح انها لم ترد عليه ولكنها ابدا لن تنساها له وستحاسبه اشد الحساب
اما ادهم فكان يقود السيارة بغضب وضيق من فعلتها لقد عاملته كطفل صغير امام صديقه وهذا لن يسامحها عليه ابدا
ساد الصمت بينهما في السيارة لمدة طويلة حتى قطعته هاتفه :
_لو سمحت انا عاوزة اروح المنيا
ادهم بغضب وانفعال مبالغ به :
_يعني تبقي غلطانه واحرجتيني قدام صاحبي و خليتي شكلي زي الزفت وكمان عاوزة تسيبي البيت ليه يا هانم مش متجوزة راجل ولا مش مالي عينك ومفكرة عشان بحبك هبقى لعبة في ايدك تلعبي بيها براحتك لا يا هانم فوقي انا راجل اوي واعرف .......
توقف ادهم فجاة عن مواصلة الكلام وهو ينتبه اخيرا لدموعها التي قتلته ويدها المرتعشة التي رفعتها بهاتفها امامه لتريه الرسالة التي ارسلتها لها امها تخبرها انها عادت ووالدها من العمرة ولكنه لم يعطيها الفرصة لتخبره
صدم ادهم وشعر بدلو من الماء المثلج قد سكب على راسه فتلعثم وحاول الاعتذار لكنها لم تعطيه الفرصة بل هتفت بحدة :
_وقف العربية
ادهم متلعثما:
_سلمى ان.......انا .......
سلمى بغضب:
_بقولك وقف
فانصاع ادهم لرغبتها و اوقف المحرك لتخرج هى سريعا و تهرول بعيد عن السيارة بمسافة بسيطة لتنحني فجاة وتفرغ معدتها وهى تبكي فضمها ادهم من الخلف بعد ان هرول خلفها فشعر بها تنتفض بين يديه كمن يصارع الموت فضمها اكثر لصدره حتى هدات قليلا فحملها وادخلها في المقعد الخلفي للسيارة ثم اخرج حقيبته الطبية من الخلف واحضر لها عبوة من العصير وعندما اقترب منها نأت عنه وابتعدت حاول ان يقيس لها الضغط لكنها ايضا ابتعدت صمت قليلا ثم قال بهدوء :
_سلمى انا عارف ان انا غلط و اتسرعت لكن ارجوكي متخليش موضوع تافه زي ده يدمر حياتنا احنا الاتنين غلطنا .......سلمى من فضلك ردي عليا .........طب بلاش عشان خاطري عشان خاطر عمي ادهم وطنط سلمى مش معقول دي هديتنا ليهم اننا نروح ليهم زعلانين
كل هذا وهي كما هي مرجعة راسها للخلف مغمضة العينين ولم يظهر على وجهها أي تاثير او انفعال فامسك ادهم بيدها وقربها منه ليقبلها ليفاجئ براسها تسقط على صدره فاقدة للوعي ..........
*****************************
***ألمانيا (ميونخ)****
طرقات ضعيفة على الباب فابتسمت وهى تغلق الروايه التى تقراها وتهتف :
_مين ؟
صوتا ضعيف يهمس :
_انا رولينا ..........نووودي
قفزت هناد من السرير فاتحة الباب وحاملة الطفلة ذات السبع سنوات التي كانت تفرك عينيها من اثار النوم فقبلتها هناد وهى تضمها لصدرها هاتفة :
_مالو القمر ليه صاحي لحد دلوقتي
رولينا بغضب طفولي :
_اسألي الاستاذ ساجد اللي سابني وخرج من غير ما يقولي
فهتف صوت من خلفهما :
_لا مالوش حق طبعا ....المفروض يسيب شغله عشان البرنسيسة رولينا تتبسط
فهتفت هناد بعتاب :
_ماجد
رولينا بغضب :
_انت تسكت خالص انا اصلا مش بكلمك
ماجد بصدمة مصطنعة :
_ليه انا عملت ايه؟
رولينا وهي تنظر لهناد :
_طب اقوله ايه ده عامل نفسه مش عارف طب يعني اضربه
هناد وهى تحاول كتم ضحكتها:
_عيب يا رولي.. هو غلط ..نعرفه غلطة اول قبل ما نضربه
ماجد بصدمة :
_نعم يا ختي
هناد بمكر :
_اثبت على كده مفيش فرح مش انا اختك
ماجد بذهول :
-اه يا بنت ال..........
رولينا بغضب وهى تقفز عليه من يد هناد:
_انت كمان بتتعصب
حاولت هناد امساكها ولكنها كانت قد قفزت عليه فارتد للخلف خطوه و هو يحاول امساكها حتى لا تسقط ارضا فتعثر وسقط على ظهره و رولينا فوقه متعلقة بقميصه وهى تجذب منظاره من فوق عينيه لتلقيها بعيدا بغضب وهى تهتف :
-واحد بقالك اسبوع ملعبتش معايا اتنين خليت بابا يديني العلاج المقرف اللى بخده الصبح تلاته خليته يلغي الخروجة تقدر تقولي اعمل فيك ايه دلوقتي
طوال كلامها وهناد تحاول ابعادها عن ماجد ولكنها كانت متشبثة به بقوة حتي هتف ساجد فجاة:
_رولينا بتعملي ايه؟؟ عيب كده ..قومي
نظرت اليه رولينا بغضب ثم قفزت واقفة وهى توجه حديثها لهناد متجاهلة ساجد تماما :
_نودي انا هروح انام لو سمحتي متخليش حد يزعجني
ثم تركتهم وذهبت لغرفتها بكبرياء سيدة في الثلاثين فهتفت هناد :
_ساجد الموضوع كبر اوي بنتك اسلوبها بقى اكبر من سنها انا ساعات بحس انها مراتك مش بنتك
ماجد وهو يلبس منظارة ويعتدل واقفا:
_فعلا والاكيد بنتك محتاجة اعادة تربية لازم تشد عليها مينفعش الدلع ده
ساجد ساخرا:
_بلاش انت الله يكرمك انا جاي و هي منيماك في الارض
فانطلقت ضحكات هناد واحتقن وجه ماجد هاتفا بحنق:
_ما هو ده دليل انها مش متربية
ساجد بسخرية :
_وانت ما شاء الله شخصيتك قوية قدامها .........المهم كنت عاوزك بكرة في مكتبي الساعة تسعة الصبح ضروري
ونظر نظرة ذات معنى لهناد التقطتها سريعا وفهمتها ثم تركهم وذهب خلف الصغيرة الغاضبة اما ماجد فالتفت لهناد هاتفا بغيظ:
_سمعيني تاني كده يعني ايه مفيش فرح
رجعت هناد خطوة للخلف وهي تهتف ببراءة :
_مين قال كده فرحنا في معاده ده اذا ماجلتوش انت
ماجد سريعا :
_مستحيل
هناد بمكر ونظرة خبيثة لم يفهمها ماجد:
_هنشوف
*********************************
***مصر(القاهرة)**
صورة تلو الاخرى تطالعهم مها باعين دامعة شاردة في سنوات عديدة مرت لم تفقد حبها بل زاد اضعافا مضاعفة لكل صورة معني وحدث وحكايه وقصة عشق لم تنتهى افاقت على اصابع تمسح دموعها بهدوء وهو يجلس جوارها في ردهة الفيلا هاتفا بها :
_المفروض لما تشوفي الصور تفرحي مش تعيطي نفسي اعرف ليه دموعك دايما قريبة ليه حاسس اني مش قادر اسعدك
مها وهى تضع راسها على كتفه وتضم الصور لصدرها :
_مين قالك اني مش سعيدة مين قالك ان دموعي دي حزن عارف يا احمد من يوم ما اتجوزتك دموعي مكنتش حزن الا مرة واحدة بس يوم ما شوفت قسيمة جوازك من هايدي ساعتها بس دموعي نزلت علي قلبي اللى حسيته اتشق نصين اصعب لحظات حياتي الله لا يعدها ولا يكتبها على حد
احمد و هو يقبل راسها :
_بعد كل السنين دي ولسه فاكرة انسيها بقى انتي عارفة انا اد ايه بحبك يوم ما مشيتي وغبتي عني كنت حاسس اني هموت
مها بحب:
_بعد الشر عليك ربنا يباركلي في عمرك ويديمك اكبر نعمة في حياتنا
هنا وانتفض الاثنان معا على دخول ادهم ( احمد ) العاصف و هو يحمل زوجته بين يديه فاقدة الوعي فاسرعا اليه فزعين
ادهم وهو يتجه لجناحه :
_بابا بسرعة لو سمحت ادي الورقة دي لعم مصلحي يجيب الدوا اللى فيها بسرعة
فاخذ احمد الورقة اسرع بها للبواب في حين هتفت مها :
_هى مالها يا ادهم ايه اللي حصل
ادهم وهو يضعها في الفراش :
_ثواني يا ماما ... اكشف عليها بس و اطمن واطمنك
لم تمر اكثر من نصف ساعة حتى علت الزغاريط تعم المكان فرحة لاول حفيد لاحمد الرفاعي فلقد كانت سلمى حامل الخبر الذي افرح الجميع وصدم سلمى.........
***************************
مصر (القاهرة )
صعد درجات السلم بهدوء حتى وصل الى شقته فتحها ودخل على اطراف اصابعه وهو يبحث بعينيه عن حبيبته لكنه لم يجدها فهمس ينادي بصوت ضعيف :
_سولي حبيبتي ..انت فيين ؟
سمع همهمات ضاحكة خافتة فابتسم وهو يهمس لها :
_حبيبتي اظهري مش عاوز اعلي صوتي لحسن ماما وبابا يسمعوني انا مفوتش عليهم قبل ما اجي قلت اجيب الحاجة هنا اول وبعدين انزل لهم
فهمس صوت من خلفه :
_حاجة ايه دي ؟
فابتسم وهو يخرج ما في الحقيبة الصغيرة وهو يهمس بفرح :
_حاجة السهرة ياروحي جبت كل حاجة وعاوزك تجهزيلنا سهرة على كيفك بقى للصبح ماشي
والتفت مبتسما لتتبخر ابتسامته سريعا وهو يخفي يده بالحقيبة خلف ظهره ويهتف بتلعثم :
_م ....ما..احم ماما ا؟!
_انت هنا من امتى ؟
نجلاء وهي تكتف ذراعيها على صدرها :
_من اول ما دخلت يا ....دكتور
هنا ظهر مدحت من غرفة الصالون هاتفا :
_يالا يا نجلاء ...وسيبي ابنك في حاله ...هي مراته راضية
نجلاء بغضب :
_راضية ...انت واعي لكلامك يا مدحت ؟عاوز تسيبه بحالته دي كدة ؟
اسر بغضب :
_يعني ايه بحالتي دي يا ماما ؟هو انا مجنون ؟
نجلاء بحدة :
_لا طفل
هنا اختفت ابتسامة مدحت وندمت نجلاء على تسرعها وشحب وجه سلوى كمن تخرج روحها من جسدها فهتفت بتلعثم :
_انا ...ان ...
اسر بغضب :
_انا حر في حياتي محدش يتدخل
فانفجرت به نجلاء دون روية :
_حر ...دي مش حياتك لوحدك عشان تبقى حر
والتفتت لتجذب سلوى من ذراعها بعنف هاتفة :
_معاك شريكة في حياتك دي ....بقيت مسؤل عن اسرة يادكتور ولسة زي ما انت متهور وطايش ..انا مش عارفة احنا غلطنا في تربيتك في ايه عشان تكون كدة
مدحت بحدة :
_نجلاء خلاص مش وقته الكلام ده
اسر بعتاب والم :
_ليه يابابا سيبها تكمل وتشرحلي كالعادة اد ايه انا مستاهلش اني اكون ابنكم
نجلاء وهي تضم وجهه بين يديها :
_انت ابني يا مجنون بحبك اكتر من أي شخص في العالم ...نفسي اشوفك احسن الناس لكن انت كدة غلط
اسر :
_مش قادر ..ارجوكي حسي بيا مش عاوز امارسها انا بحس بنفسي اكتر وانا على المسرح
مدحت بهدوء :
_يابني احنا عاوزين مصلحتك
اسر :
_ارجوك يابابا متضغطش عليا وخليك واثق فيا
نجلاء بغضب :
_نثق فيك ...
فخطفت من يده الحقيبة تخرج ما بها وهي تهتف بسخرية :
_دي الثقة اللي انت عاوزها ...مصاصات ياطفل
هتفت سلوى بتلعثم :
_دي ...دي ليا انا يا ماما
فنظرت لهم نجلاء بحنق وغضب والقت مافي يدها ارضا وهي تخرج من الشقة غاضبة في حين هتف مدحت وهو يربت على كتف ابنه مؤازرا :
_اعمل اللي يريحك يابني ...دايما هكون في ظهرك متقلقش
ثم اتبع حديثه بمرح وهو يمسك اينه من تلابيبه :
_ جايب ليك انت ومراتك مصاصات بكل النكهات وابوك لا يا واطي
فانطلقت ضحكات اسر وسلوى ومدحت يهم بالمغادرة وهو يهتف بحزن مصطنع :
_ياخسارة تربيتي فيك طب كنت افتكرني بباكو لبان حتى اصالح بيه امك اللي هتسود عيشتي تحت دلوقتي
ولكن قبل خروجه فوجئ بابنه ينحني على يده يقبلها وهو يهتف بمرح :
_ربنا يباركلي فيك يابابا ...بس والله ما نسيتك جبتلك معايا الحاجة اللي بتموت فيها اهي
واخرج من الحقيبة عبوة مغلفة من العسلية فانطلقت ضحكات مدحت وهو يربت على كتفه ثم خرج مغلقا الباب خلفه ليلتفت اسر ليرى سلوى على وشك البكاء فهتف :
_اوعي تعيطي ابوس ايدك صحتي مش بتيجي على البكا ولسة هقعد اصالحك هتكون المسرحية خلصت
وضمها لصدره فهمست :
_انا بحمد ربنا كل يوم انك في حياتي مستحمل كل الضغوط اللي عليك دي
قبل راسها وهو يهتف :
_متفكريش في حاجة ومتاخديش على كلام ماما انا عارف كلامها ده من ورا قلبها بكرة تقتنع وتتقبل فكرة اني مطرب مش دكتور بس اوعي تبيني انك انت اللي بتشجعيني على الغنا لحسن ساعاتها هتقتلك انت
فضحكت وضمت نفسها لصدره اكثر ...
اما نجلاء بمجرد ان عادت لشقتها حتى كانت ترغي وتزبد من الغضب من ذلك المعتوه الذي ترك مهنة كالطب ليزاول الغناء وكم ستكون فضيحتهم في المنيا ان علم الناس هناك التفتت على دخول مدحت من الباب وهو يخفي يده خلف ظهره متوترا فهتفت :
_ايه اللي في ايدك ده يا مدحت ؟
مدحت بغضب :
_الولد العاق جايب لمراته بس واحنا لا تصدقي
نظرت له بذهول هاتفة :
_نعم !
فهتف مبتسما :
_بس على مين مخرجتش بردو بايدي فاضية جبت العسلية اللي بنحبها احنا الاتنين
نظرت له قليلا ثم صرخت :
_عليه العوض ومنه العوض
ثم تركته وذهبت للغرفة تندب حظها فتعجب هاتفا :
_مالها دي هو انا قلت حاجة غلط ...صحيح ناقصات عقل
*****************************
***مصر (المنيا )***
صباح احد الايام تزرع غرفتها جيئة وذهاب بغضب كاد يفجر عقلها تنتظره يعود من عمله الذي قضى فيه الليل كله وهي تعلم انه لن ينصفها ولكنه اذا لم يفعل تلك المرة وتعامل بسلبية كالعادة ستخبر اكيد والده ..انتظرت قليلا ثم عادت تلوم نفسها عن أي والد تتحدث ان الاثنان الاب وولده لا يخطوان خطوة في حياتهما بدون مشورة وراي حماتها فلمن ستشكو حالها تنهدت بضعف وهي تقوي نفسها انها لن تصمت واذا لم يردع احد تلك الحماة الظالمة عن حياتها ستردعها هي وليحدث ما يحدث لن تخاف من احد مرة اخرى وكما يقال (علي وعلى اعدائي ) هنا انفتح باب الغرفة التفتت ظانه انه خالد لكنها فوجئت بحماتها المصون اماني فزفرت بضيق وتجاهلتها وكذا فعلت اماني التي دخلت الي الغرفة دون استئذان تجوب في اركانها تنظر بسخرية لكل شئ حتى ملابس هدى لم تسلم منها ففتحت الدولاب لتقلب به وهنا انفجرت هدى:
_لحد كده وكفاية انا مش هسكت اكتر من كده لو سمحتي اخرجي بره الاوضة
تعالت ضحكات اماني وفي لمح البصر كانت اصابعها تلتف حول شعر هدى لتجذبها بعنف وهى تهتف:
_انتي مصدقة نفسك انك صاحبة بيت ..........انتي مجرد مربية سيبينها هنا لتربية ادهم الصغير لا اكتر ولا اقل
هدى صارخة بانفعال:
_انتي مجنونة اوعي سيبي شعري ........قسما بربي لدفعك التمن غالي انتي مش عارفة بابا لو عرف بطريقتك دي هيعمل فيكو ايه
ضحكت اماني وهتفت ساخرة:
_حلوة بابا دي يا ترى تقصدي بابا مين ادهم اللي مربيكي شفقة ولا قصدك ابوكي الاصلي المجنون خريج المصحات اللي محدش يعرف له طريق
صدمت هدى من كلامها للحظات ثم تمالكت نفسها وهى تمسكها من ذراعها بقوة حتى كادت تخلعه وهى تهتف بانفعال :
_طب خافي بقى من بنت المجنون و ابعدي عني احسن لك
فتح الباب ودخل خالد لتهتف اماني ببكاء :
_شايف يا خالد امراتك عايزة تضربني ... يرضيك
فتلجم خالد لثواني ثم هتف بضيق وهو يسحب امه بعيدا عن هدى:
_سيبيها يا هدى هى حصلت تمدي ايدك على امي
هدى بغضب :
_انت مسمعتش هى قالتلي ايه دي قالت ........
قاطعها هاتفا بغضب :
_مهما قالت دي امي ومحدش يقرب منها طول ما انا عايش
هدى بالم :
_طب وانا..... انا ايه
هتفت اماني مسرعة :
_انتي هنا عشان ادهم ولا ايه يا خالد
نظر لها خالد متوترا فقابلته بنظرة صارمة فطأطأ راسه وهتف بضعف :
_زي ما تشوفي يا ماما
فهتفت هدى بجنون :
-للدرجة دي مش راجل
فصدمت بصفعة على وجهها ادارته الى الجهه الاخرى نبض قلبها بسرعة ولوهلة تمنت داخلها ان يكون خالد من ضربها ولكنها كانت تعلم انه اضعف من ان يفعلها رفعت انظارها اليهم لترى الشماته في عيون اماني وهى تنقل بصرها بين يدها التي ضربت هدى بها وبين هدى وخالد مطأطأ راسه كالعادة فجذبت اماني خالد لتحضر له الطعام وسار الاخر معها وكان شيئا لم يكن
الم .........انهيار.....جراح......كان حال قلب هدى اين المفر لا تستطيع مصارحة امها او ابيها بما تنال هنا من اهانة وتجريح وتخطى الامر للضرب تعلم جيدا ان امها ستعنفها لانها من اصرت على هذه الزيجة برغم رفض والدتها بسبب سلبية خالد التي كانت ظاهرة للجميع ولها ايضا ولكنها وافقت على تلك الزيجة من اجل تلك الصفة بالذات كانت تامل ان يكون معها هكذا لا يسمع سوى رايها كانت تخشى ان اخذت رجلا ذو شخصية قوية ان يفعل معها كما فعل والدها مع امها اثرت ان ترتبط بالضعيف لتستطيع السيطرة عليه ولكن خاب املها فهو لعبة امه المدللة فكيف النجاة من تلك المعضلة اتجهت لفراشها لتتمدد عليه وهى تبكي بحرقة وتهمس (احتاجك ابي)
**************************************
***المانيا (ميونخ)***
في نفس اللحظة وضعت هناد يدها على صدرها تشعر بضيق بل تشعر بقلبها يتفتت لاحظ حركتها ماجد فهتف قلقا :
_مالك يا نودي ؟ انتي تعبانه ولا ايه
فرفعت راسها تنظر اليه فهاله منظر دموعها وعندما هم بسؤالها صدح صوت عز الدين يشق الصمت وهو يهتف بالخادمة :
_اخبريها ان اجتماع العائلة لن ينتظر في خلال عشر دقائق تكون هنا امامي
فاومأت الخادمة بطاعة وانطلقت تنفذ امره وهنا سارعت هناد بمسح دموعها و اخرجت هاتفها وامسكته تحت المنضدة وهى تكتب به رسالة سريعة (ساجد جدك على اخره وشكل نهارنا مش فايت انت فين ) كان ماجد يتابعها متوجسا من جده وعندما رن هاتفها عن وصول رسالة فتحتها و قرأها معها ماجد وهنا لم يستطيع الاثنان كبت ضحكاتهما من محتوى الرسالة (والنبي تسيبيني في حالي انا بنفذ عقابي و بعمل اكل للاميرة اللي عندي للمرة السادسة ومش يعجبها وترميه لما عندي احساس اني هرميها هى شخصيا من الشباك دلوقتي )
فصاح عز الدين :
_لاجتماع العيلة احترامه ولا ايه يا دكتور ماجد
ماجد بهمس لم يسمعه سوى هناد :
_واشمعني ماجد يعني ما هناد كانت بتضحك ولا انت مبتقدرش الا عليا
فضحكت هناد وسعلت من شدة ضحكها
فصاح عز الدين :
_بتقول ايه سمعني
ماجد بادب :
_بقول حاضر يا جدي
هنا دخل قاعة الطعام تاج الدين (والد ساجد وماجد)وزوجته جميلة و القوا التحية على الجميع وجلسوا في اماكنهم ولحظات ودخل ساجد وهو يحمل رولينا التي سارعت بالنزول من يديه والركض لجدها عز الدين لتقبل يده ثم تتعلق بعنقه فضمها بحنان وهو يهتف :
_صباح الخير يا قلب جدو
ضمت رولينا نفسها لصدره فعلم ان هناك من احزنها فهتف :
_مالك يا قلبي مين زعلك
فهتفت ببكاءمصطنع:
_ماجد ضربني
هنا جحظت اعين ماجد من الصدمة وهو يهمس :
_اه يا بنت ال..............
فهمست هناد بصوت ضعيف :
_اشششش .عيب تقول كده ..وبعدين خلي بالك ال ......قاعد جمبك
ساجد بنفس الهمس :
_سيبيه مش عامل احترام لحد بس والله رولينا هتعيد تربيتك تاني
فزفر ماجد بضيق وانتفض على صراخ عز الدين :
_مااااااجد
فقام ماجد متجها الى عز الدين حاملا رولينا عنوة وهمس لها :
_هلغي العلاج وهخرجك لوحدك وهنقلك السوبر ماركت كله هنا ديل
صمتت رولينا ثم همست:
_وهتلعب معايا في الوقت اللي انا احدده حتى لو كان الفجر ديل
همس ماجد :
_مادية حقيرة ديل يا ختي
فصاحت رولينا :
_خلاص يا جدو هو صالحني ووعدني معتش هيعمل كده تاني
فتركها ماجد لتعود لعز الدين وعاد هو لمقعده يهمس لساجد :
_تصدق بالله انا اخرتي علي ايد بنتك دي
فهمس ساجد بمكر :
_تبقى علمت عليك كالعادة
هنا انقلبت القاعة راسا على عقب عندما دلفت روضة صارخة :
_كويس انكو كلكو متجمعين عشان تسمعوني كويس وانت اولهم يا عز من النهارده كلكو بره حياتي انا هرجع شقتي في مصر ومش عايزة اشوف وش حد فيكو تاني
وقف عز الدين بهيبته التي لم تمحوها السنين وهو يهمس كفحيح الافعى :
_سمعيني كده تاني بتقولي ايه
روضة بغضب :
_ بقول اللي كان لازم يحصل من زمان انت متستاهلش كلمة اب
واشارت لتاج الدين وهتفت :
_ولا انت تستحق ان يكون ليك اخ .........انتو قلوبكم حجر وانا تعبت منكم ومن عشرتكم
عز الدين بغضب :
_والله وجه اليوم اللي صوتك يعلي عليا فيه يا روضة
فصرخت بغضب :
_لانك ظالم...ظلمت ابنك ودمرت حياته
فهتف منفعلا:
_مش ابني
تطلع الجميع لبعضهم بذهول في حين اسرع ساجد لجدته يحكم يديه حولها وهو يعلم مدى هشاشتها لحظات مرت والندم يعتصر قلب عز الدين على تسرعه عندما رأها بتلك الحالة لم تصرخ لم تنفعل لم يكن لها أي رد فعل سوى سقوطها غائبة عن الوعي بين يدي ساجد ...
************************
**مصر (القاهرة )**
كان يدقق في عدد من الملفات حينما سمع مشاجرة خارج مكتبه فرفع راسه عن الاوراق يرهف السمع لحظات وشقت ابتسامة وجهه فخلع منظاره وقام من كرسيه ذاهبا للباب فتحه وهو يهتف:
_خلاص يا مايسة ....خلاص حصل خير
هنا ودون مقدمات دفعته ياسمين في كتفه ودخلت للمكتب حانقة غاضبة فدخل ورائها واغلق الباب وهو يهتف:
_حبيبتي الشركة كلها نورت
ياسمين بغضب :
_مين الزفته دي يعني انا اغيب يومين ارجع القيك معين سكرتيرة .....فين الاستاذ عبد المجيد
يوسف ببرود :
_انا عاوز افهم بس ليه العصبية دي كلها ....مالها مايسة مضيقاكي في ايه ...دي حتى البنت عمله زي البسكوته
ياسمين بغضب وهى تلكمه في صدره :
_اه قول كده يا ابو عين زايغة ..وانا اقول بقى بيتاخر في المكتب كل يوم ليه اتاريك قاعد مع السنيورة طبعا ما انا عجزت معونتش ......
قاطعها يوسف وهو يحكم سيطرته على يديها ويجذبها لصدره:
_لسه بتغيري عليا يا ياسمنتي ........حتى بعد الشعر الابيض ده والعمر اللي جرى والامراض اللي استوطنت جسمي
ياسمين بغضب :
_ولحد اخر يوم في عمري هفضل اغير عليك ومش هسمح لاي بنت تقربلك وطالما انك غيرت السكرتير بتاعك فانا هجيبلك تغريد
يوسف بخوف مصطنع وهو يقبل يديها :
_لا ابوس ايدك كله الا تغريد صحتي معدتش تستحمل تجيبلي ازمة قلبية اموت فيها انا اسف
ثم جذبها لتجلس معه على الاريكة ليشرح لها ملابسات تعيينه لمايسة التي هى الابنه الكبرى لسكرتيره عبد المجيد والتي تعمل مؤقتا حتى شفاء والدها وعودته لعمله ........تنهدت ياسمين بارتياح ثم وضعت راسها على صدره وهى تهمس :
_الحمد لله
يوسف وهو يضمها :
_قوليلي ايه جابك انهارده وانتي لسه تعبانه
ياسمين بحزن :
_مش مطمنه يا يوسف حاسه ان حياة عبد الرحمن مش مستقرة
يوسف بانتباه وتركيز :
_ليه بتقولي كده يا ياسمين في حاجة حصلت ؟
ياسمين بشرود:
_حاجات كتير يا يوسف سها كل يوم بتدبل عن اليوم اللي قبله مش منظر عروسه ابدا وهو مامورياته زادت جدا .......انا خايفة يكون لسه على علاقة ب .......
قاطعها يوسف عندما انتفض غاضبا:
_لو حصل وطلع لسه على علاقة ب الزفته دي انا هتبرى منه مش يوسف الجندي اللي ابنه يخرج عن طوعه وساعتها مش عايز اسمع أي مبررات منك يكفينا اللي جرالنا بسببه
ياسمين بدموع:
_بس انت كده مش بتحل المشكلة انت بتعقدها
يوسف بهدوء عاصف:
_اسمعي يا ياسمين انا صبرت بما يكفي.. حطني في مواجهه مع الحقير تامر واتجوز بنته من ورايا وكان سبب دخولك العناية اسبوع ومع ذلك سمعتلك وسامحته لما اعتذر واتجوز سها بنت خاله اما لو اكتشفت انه لسه على علاقة بعهد بنت تامر يبقى هو انتهى من حياتي ومتجبيليش سيرته تاني
فقامت اليه ياسمين تربت على كتفه هامسه بحنان :
_قلبك مش هيطاوعك يا يوسف انا عارفه عبد الرحمن عندك ايه .....عشان خاطري جرب تتكلم معاه يمكن ميكونش فيه حاجة ويكون بيتهيقلنا
فتنهد يوسف وهو يقبل راسها هامسا :
_حاضر يا حبيبتي لما يرجع من شغله واحنا نرجع من المنيا هكلمه ...دلوقتي بقى ممكن تروحي ترتاحي عشان اعرف اخد راحتي مع البسكوته اللي بره
ففوجئ بلكمه لصدره وهى تهتف :
_رخم وبارد يا يوسف اقولك على حاجة كمان انا ماشيه
وتركته واتجهت للباب فوجدته يحتضنها وهو يهمس بجانب اذنها :
_طول عمرك مجنونة بس برضو بحبك
ياسمين وهى تلكمه على يده:
_وانت طول عمرك مستفز بس برضو بحبك
فخرجت من المكتب وقلبها يغمره العشق والخوف في ان واحد وتخشى من الايام ان تفرق بين ابنها ووالده وهذا ما لن يتحمله قلبها ابدا ولكن ما في يدها سوى الدعاء ان يوفق الله شملهما والا يفرقهما ....
يتبع.....