رواية حب ناقص لم يكتمل ابدا

رواية حب ناقص لم يكتمل ابدا

0 المراجعات

من نحن ؟ 

 

نحن عائلة جديدة بالنسبة للبلدة التي كنا نعيش فيها لأنه انتقلنا حديثا اليها بمعنى انه لنا في البلدة ما يقارب 170 سنة فقط منذ جاء جدنا الاكبر الذي فقط كان عابر سبيل وهناك قصة اخرى تقول انه خاء قاصدا السكن هنا لان فرع عائلته قد كبر في موطنه لذلك خاء ينشأ فرع آخر ، فقصة بقائه في تلك الارض-اقصد البلدة- بعد ان نزل ضيفا عند احد المنازل في البلدة التي كانت عبارة عن قرية قبل ان يصلها الاصلاح الاداري بعد ما تمت استضافته من صاحب اول دار قصدها و مبيت الليل معه دار بينهم حديث قدوم جدي للبلدة فما كان من صاحب الدار الا اخبار كبير البلدة الذي كان جد المعمرين فوجد لجدي عملا في احد الاراضي هناك، اشترط جدي انه لو عمل على الارض و طورها فإنه يشتريها بما فيها و كان له ما اراد من كبير البلدة لان الارض كانت ملك له كبقية الاراضي هناك في البلدة ، شمر جدي عن ذراعه بعمل دام السنتين فقط تحصل على الارض من صاحبها و كان موقع الارض جد جيد لأنها كانت تتوسط كل ارضي البلدة كلها لكن جدي لم يتوقف هنا زاد على ذلك واشترى ارض اخرى كبيرة داخلة البلدة و هي التي موجود فيها القصر في حقيقة الامر هو لم يشتريها بل ورثها من اب جدتي الذي لم يخلف الذكور فقط تلك البنت التي تزوجها جدي و اشترط ابو جدتي على جدي انه لو ولد اول مولد ذكر فإن الارض تكتب باسم جدي و فعلا هذا ما حدث و تحصل على الارض .

 

كان جدي من الناس الذين اذا عصروا الحجر اخرج منه الماء فمند قدومه للبلدة لم يكن يملك و لا قرش خالي الوفاض معدوم الحال و بتوكله و العمل كسب كل شيء فيها لذلك كنوه بالمتوكل فجعل منها لقب له ، الحقيقة هو ليس جدي انا بل جد ابي ولكن احتراما و تقديرا له و اعترافا بمجهوداته نقول له جدي لان فضله لن ينسى طول الحياة .

 

تزوج جدي منصور اي جدنا الاكبر من فتاة كان يساعد ابها في اعمال الارض في وقت فراغه يذهب اليه و يلتهي معه طوال اليوم او نصف اليوم متى اكمل عمله في الحقل فيبقى هناك حتى تغيب الشمس و ينصرف و احيانا يحبسه للمبيت او العشاء ، تعرف جدي على صاحب الارض الذي هو نسيبه عن طريق مشكلة حلت به في البستان فقصد حقل المعمر باحثا عن الحل فوجد جدي منصور صدفة استقبله و حكى له القصة فانطلق و اياه الى البستان ممد له يد المساعدة في ايجاد الحل و فعلا تصلو له اخيرا و منذ ذلك اليوم نسيب جدي عبد الحي صار لا يفارق جدي ابدا حتى تزوج بابنته و وهب له الارض و توفي عبد الحي بعد عشر سنوات بعد العرس و رؤية اول حفيد له عن عمر ناهز 70 سنة تقريبا .

 

كانت جدتنا رقيه غاية في الجمال و مثال في الصبر و العمل انجبت من جدي ولدين و بنتين ، اسم الولد الاكبر ابراهيم و الاصغر مصطفى لذلك كان اسمي مصطفى و اسم ابي ابراهيم اما البنتان فهما رقية على اسم عمتي الكبرى و اسماء سميت مرة اخرى عند ابناء عمنا ، فجدنا نحن الحقيقي هو مصطفى له ثلاث اولاد و بنتان ،الاولاد هم ابراهيم الذي هو ابي اصغرهم ثم فوقه عمتي فاطمة ثم عمتي رقية فوقها عمي الحسن و اكبر اعمامي عمي علي هذا ترتيب عائلتنا نحن , اما ابناء عمي ابي فهم كثر وصلوا الى 9 اولاد لعم ابي ابراهيم الذي سما جدي ابي على اخيه , فبعد زواج عم ابي الكبير خرج من المنزل وبني له خدي الاكبر بيتا في ارض الكبيرة منفردا هناك هو و عائلته بالعيش في ذلك البيت كانت في احد الاراضي القريبة من قصرانا امتكها خدي مآخرا ذات مساحة شبيهة بمساحة الارض الاولى و هو كذلك بدوره عمل على بناء قصر فيها و لم شمل عائلته و ابنائه التسعة فيها , اما البنات الاثنين فقد تزوجوا و أنشأوا حياتهم اصلا تلك قصة اخرى سوف اخوض فيها اذا اقتضت الضرورة.

 

اما نحن ابناء مصطفى فعمي الاكبر له ابن و بنت و عمتي الكبرى تزوجت و انجبت ولدا ثم تطلقت وهو يعيش معها الان وعمتي الصغرى لم تتزوج ابدا اما عمي الحسن فقد كانت قصته الاكثر غرابة في قصص العائلة كلها ,عندما توفيت زوجته صالحة حط عينه على الخادمة السيدة خديجة و اراد الزواج منها الا ان عمي لم يوافق على ذلك و احدث بلبلة في القصر و اقسم انه سوف يتبرأ من اخيه ،الا ان عمي فعل ما في رأسه و تزوج السيدة خديجة بعقد عند الشيخ و بحضور اثنين من فقهاء البلدة لكي يكون زواج حلال خالص ، عندما سمع عمي ما حدث اجبر عمي على الطلاق والا سوف يتبرأ منه وفعلا فعل بعد اسبوع واحد من زواجه منها, ولكي يغطي عمي الاكبر هذا الامر الذي اعتبره فضيحة علما انه قد شاع خبر زواج السيدة زينب او قرب الزواج لاكن من من فلا احد يعلم ،ذهب عمي لرجل بخيل في البلدة وحيد من عائلة المعمرين و عرض عليه مبلغ من المال لكي يتزوج السيدة خديجة التي طلقها عمي الحسن وان لا يصرف شيء من جيبه حتى اذا اراد فإنها لن تبقى معه في بيته بلى تسكن في القصر هكذا غطى عمي على الامر و بقيت السيدة خديجة في القصر و انجبت ابتنها من البخيل على كبر سنها , هكذا كان عمي الكبيرة حاكما لزمام امور القصر بعد وفات جدي قبل ان يتزوج ابي اما جدتي فتوفيت بعد زواج عمي الحسن موتة طبيعية قبل ان تدخل 50سنة .

 

اما امي كانت من البلدة المجاورة تعرف اليها ابي عن طريق عمتي كان ابنة يتيمة الاب تعيش مع امها و اختها حياة متوسطة لا فقيرة و لا غنية كانت تأتي لبلدتا بعد الاصلاح الاداري لكي تشتري القماش و تبيع الكسور للمتاجر هكذا تداخلت معها عمتي و طلبها عمي الاكبر لابي لكن بعد الزواج انتقل ابي الى المدينة و هنا بقي السبب مجهولا لماذا انتقل .

 

وأنا اسمي مصطفى كما سبق ذكر ذلك سلفا و لدت بعد طول انتظار لابي و امي بعد ان تجاوزت امي سن 30 و كانت ولادة عسيرة لدرجة انها كادت تفقد حياتها فيها لذلك طلب الطبيب عدم المحاولة مرة اخرى انجاب طفل آخر ، كان اول ظهور لي في الدنيا في صيف سنة 1998 في الاول من شهر جوان بعد معاناة طويلة لأمي بسبب الحمل لأنها كانت تعاني من مرض الارهاق كانت تتعب بسرعة و لا تقوى على العمل و النشاط الزائد لذلك ولدت بعملية قيصرية في المشفى الكبير للمدينة بعد ما اقامت امي هناك ثلاث ايام قبل الولادة و سابقا كانت قد اجهضت ثلاث اطفل اكبرهم كان في عمر الشهر ، من ولادتي كان قد مر على زواج ابي و امي قرابة 15سنة و كان ابي يكبر امي بعشر سنوات تماما و لم يستطيعوا انجاب اطفال آخرين الا انا ,كان ابي يعمل عتالا و امي تساعده في حاجيات البيت عن طريق الخياطة الا انه لم يعمل بدوام كامل كان قل ما يجد عملا يخرج منه اجرة يومه و قوتنا ، اما امي لم تكون تعمل بجهد في الخياطة كانت تتعب بسرعة فكانت ترد اغلب الاعمال التي تأتي اليها لأنها لا تقوى على تأديتها ، صحيح انه كان يأتينا خراج السنة من البلدة الا انه كان يسد رمق الشهر فقط ، فكان ابي اضافة الى العتال كان لديه رخصة السياقة كان يأخذ سيارات الاجرة اذا وجدت لوردية ليلية و لا يعود الا مع بزوغ الفجر الى المنزل ، هكذا كانت حياتنا في المدينة اذا قلت كنا فقراء فلم يكون فقرا مدقع و اذا قلت كنا متوسطي الحال فلم نصل لتلك المرحلة فقط اقول كانت مستورة و الحمد لله لكن الشيء الذي اعتز و افتخر بيه حقا هو ان ابي و امي كانا مدرسة لي في التربية و الاخلاق .

 

كانت هناك مقولة تقول "كل ارض بما انعمت" هذي المقولة اردت ان اطبقها على حياتنا نحن على مستوى البلدة كلها و في وسط العائلة لأنه في الجانب التعليمي لم يكن لنا حظ وفير فيه , فقد كنت انا الوحيد الذي تحصلت على شهادة البكالوريا و تابعت دراستي اما اعمامي و ابناء عمي فأغلبهم توقفوا في المستوى الثانوي لأنه كان لهم مجال اهتمام اخر, في الحقيقة ليس هم فقط بل اغلب سكان البلدة كان اهتمامهم الاكبر في مجال الفلاحة لان بلدتنا تقع على نطاق زراعي خصب يعد مكسب للبلدة و الوطن كله لذلك عمدت مصالح الدولة الى الاصلاح الاداري و تقريب الإدارة من كل الفلاحين لتسهيل عملية نشاطهم .

 

كانت لنا في البلدة خمس ارضي فلاحية  مساحة الواحدة فيها 10هكتار ثلاث اراضي قرب بعض و اثنان متفرقتان لان هذين الاثنين اشتراهم عمي حديثا لم نكسبهم من الارث لذلك احتكرهم عمي له وحده و جعل لنا حصة من ارض واحدة فقط بحكم ان ابي لا يعمل مع العمال لذلك لن يستطيع اخذ خراج كبير من الاراضي فقد اعتبراها عمي انها فعل خير فقط يفعله في اخيه بحكم انه لم يبقى في البلدة و اختار السكن في المدينة ،ذات يوم سألت ابي لماذا لا نسكن في القصر كان جوابه انه لنا املاك في المدينة وجب على احد الاخوة الحفاظ على تلك الاملاك و كنت انا من ذهبت الى المدينة و ها انا ذا اقطن فيها ،رغم ان الاجابة لم تقنعني لكن ما دام انها كانت من ابي فهي كذلك.

 

لقد كنا عائلة ذات مكانة كبيرة في البلدة بحكم ان جدي مصطفى و ابن عمه قدم خيرا كبيرا لأهلها فاغلب من في البلدة ساعدهم جدي في مجالات عدة فقد كان ينفق كل خراجه و محصوله حتى ماله في سبيل مساعدة اهل البلاد و الوقوف معهم في السراء و الضراء لذلك حتى هم بادلوه نفس الشعور فاغلب عمال الحقول هم متطوعون الى وقتنا هذا رغبة منهم في العمل لكي يسدوا دين يد المساعدة التي مدت اليهم من قبل جدي مصطفى و ابن عمه حتى جدي الاكبر كان هكذا لكن من بان في الساحة اكثر هو جدي مصطفى ، كان ذا شان كبير رحمة الله عليه حتى اشتهر خيره و ذكائه و حبكته و وساعة صدرة في البلدان الاخرى ، في الذكاء مثلا كان يحل اغلب مشاكل البلدة من صغيرها لكبيرها حتى انهم عرضو عليه ان يكون مختار البلدة فأبى ، وكان له نظام رائع في الفلاحة كان دوما يترك ارضا او نصف ارض غير محروث لكي ترتاح الارض و تنتج جيدا في الموسم القادم بامتياز ، كل هذا كون له و لعائلتنا عداوة كبيرة من عائلة المعمرين لانهم كانوا اقدم و اكبر عائلة فلم يرضوا بهذا اصلاقا و اعتبروه سلطنة عليهم و نفاقا و كان يحيكون المؤامرات على عائلتا دوما ، كانت عداوتهم لنا مثل الحرب الباردة لم ترقى يوما الى حمل السلاح ابدا فكان اغلبهم يكرهوننا كرها شديدا الا بعض العقلاء فقد كانوا معنا في كل شيء ، وكان اكثر ما كانوا يكرهونه هو تنظيمنا للمهرجان السنوي الذي تحدثت عنه سابقا و اشرفنا عليه فقد كانت لهم هذه مثل حجرة في الحذاء شيء لا يطاق ابدا .

 

كل هذه البلبلة كنا انا وابي و امي بعيدين عنها اتم البعد في المدينة فقد كنا نعيش حياة مختلفة تماما هنا حياة لن يتصورها العقل اذا حدثه عن الملك الذي لدينا في البلدة قد ينفجر عقلك من الاستغراب كيف لنا ان نعيش تلك الحياة و لكم مكانة مرموقة و ارث كبيرة في بلدة و جئتم للمدينة تاركين كل ذلك الخير لترضوا بحياة البوس و الفقر و العوذ ، هل يمكن للعقل تصور هذا؟ كما قلت سابقا اكتفيت بإجابة ابي و لم ابحث و ادقق في الامر كثيرا فقط اخترت الثقة في ابي لا غير ، لكن عندما مات ابي وكبرت في العمر بدا لي ان السبب الذي تحدث عنه ابي سابقا غير مقنع اطلاقا و صح تفكيري . 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

8

followers

7

followings

4

مقالات مشابة