أسد القسطنطينية | قصص من التاريخ الإسلامى

أسد القسطنطينية | قصص من التاريخ الإسلامى

0 المراجعات

كانت دموع القائد الأعلى لجيش القسطنطينية “يزيد بن معاوية” تختلط مع دموع أخيه “الحسين بن على” و هما ينظُران إلى هذا الشيخ الثمانينى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فتذكر كل منهما قصة هذا البطل الأسطورى الذى كان الإنسان الوحيد على وجه الأرض الذى نال شرف إستضافة أعظم مخلوق خلقه الله فى التاريخ.

يومها كان هذا الشيخ ومن معه من المسلمين لا يبلغ عدد أفراد جيشها الألف، مهددين من قبائل العرب، اما الآن فإن هذا الشيخ الطاعن فى السن يهدد بنفسه عاصمة أكبر إمبراطورية عرفتها أوروبا فى تاريخها، يُهدد القسطنطينية أحصن مدينة على وجه الرض، لقد كان هذا الشيخ العظيم هو خالد بن زيد بن كليب بن مالك بن النجار الذى عُرف بأبى أيوب الأنصارى.

إننا لا نتحدث عن شاب عشرينى أو كهل ثلاثينى أو حتى شيخ ستينى، إننا نتحدث عن هرم جاوز الثمانين من عمره و رغم ذلك يخرج مجاهداً فى سبيل الله ، ليدك حصون أعظم مدينة على وجه الأرض.

لنرجع إلى الوراء عبر التاريخ لكى نعرف قصة أبى أيوب من بدايتها، و بالتحديد من اليوم الذى وصل فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ممهاجراً إليها من مكة، هناك تمنى كل إنسان أن يكون صاحب الشرف العظيم فى إستضافة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعظم ضيف فى التاريخ.

ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يُجيبهم و على شفتيه إبتسامة مشرقة قائلاً : خلوا سبيلها فإنها مآمورة، فقد ترك الرسول قرار إختيار مضيفه إلى الله، فأختار الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات أبا أيوب من دون كل البشر ، فقد وقعت الناقة أمام بيت أبى أيوب، فوثب أبو أيوب على الناقة من دون أن يتكلم شيئاً و حمل متاع رسول الله -صلى الله عليه و سلم- مسرعاً به قبل أن ينافسه رجل آخر على هذا الشرف العظيم! كان بيت أبى الأيوب الأنصارى  مكوناً من طابقين، لذلك عرض أبو أيوب على رسول الله أن يُسكن فى الطابق العلوى لأنه يستحى أن يسكن فوق رسول الله - صلى الله عليه و سلم- فأخبره رسول الرحمة بكل تواضع أنه يُفضل الطابق الأرضى نظراً لكثرة ضيوفه، لكن أبا أيوب لم يكن يهنأ فى نومه خشية أن يزعج رسول الله من تحته .

يقول أبو أيوب كنا فى ليلة من الليالى انكسرت جرة فيها ماء و نحن نبيت فى الأعلى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فسال الماء، فخشينا أن يتقاطر على النبى- صلى الله عليه وسلم- و هو نائم فى الأسفل فأخذنا انا و أم أيوب لحفانا و الله ما كان عندنا غيره فأخذنا نجفف به الماء طيلة الليل حتى لا تُصيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطرة من الماء وهو نائم فتؤذيه فيستفيق من نومه. 

و فى عهد أمير المؤمنين معاوية بن أبى سُفيان- رضى الله عنهما- أنتشرت سوق الجهاد بشكل كبير، فلقد أبتكر معاوية نظام الصوائف و الشواتى فى الجهاد، فكانت الجيوش فى عصر  الدولة الأموية تتبع هذا النظام لنشر الإسلام على الأرض صيفاً وشتاءً، وفى سنة 53 هجرياً خرج القائد الإسلامى يزيد بن معاوية على رأس جيش يُضم أفراده الحسين بن على و العبادلة الأربعة عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو بن العاص و عبد الله بن الزبير و عبد الله بن العباس ليدكوا عاصمة الإمبراطورية الرومانية بكتائب التوحيد، فأبى أبو أيوب الأنصارى ( و قد بلغ الثمانين) إلا أن يُشارك فى الجهاد! فما إن وصلت كتائب النور الإسلامية بقيادة القائد يزيد إلى أسوار القسطنطينية حتى رأى الجنود من كلى الطرفين رجلاً ملثم يطير طيراناً بفرسه البيضاء نحو حصون الروم ، فيحمل ذلك الرجل الملثم على كتائب الروم حتى يشتتها و الروم مذهولون مما يرون، فأمعن المسلمون النظر بهذا الرجل الذى يُقبل على الموت إقبالاً لكى يتعرفوا على هويته فإذا هو ذلك الرجل الثمانينى أبو أيوب الأنصارى.

فأخذ أبو أيوب يزلزل جحافل الروم بسيفه حتى أحس بدنوا أجله فطلب من القائد الإسلامى يزيد بن معاوية أن يُبلغ سلامه للمسلمين و أن يدفنوه على أقرب نقطة من أسوار القسطنطينية لتطوى بذلك صفحة باسلة ليس فى تاريخ البطولة فحسب بل فى تاريخ الإسلامية جمعاء ، فعليك السلام و رحمة الله و بركاته يا أبا أيوب يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

78

متابعين

92

متابعهم

66

مقالات مشابة