أحمس وطرد الهكسوس من مصر: بطل التحرير ومؤسس الدولة الحديثة
أحمس وطرد الهكسوس من مصر: بطل التحرير ومؤسس الدولة الحديثة
المقدمة
يُعَد أحمس بن أبانا واحدًا من أعظم القادة في التاريخ المصري القديم، فهو الملك الذي أعاد لمصر حريتها ومجدها بعد سنوات طويلة من الاحتلال والاضطراب خلال فترة حكم الهكسوس. تميّزت فترة وجود الهكسوس في مصر بالانقسام السياسي وضعف السلطة المركزية، مما مكّنهم من السيطرة على الدلتا وأجزاء من شمال البلاد. ومع ذلك، لم تقف مصر صامتة؛ فقد اشتعلت جذوة المقاومة في الجنوب، لتبدأ حقبة جديدة صنعت بطلها الخالد: الملك أحمس الأول.
كان أحمس الابن الشرعي لأسرة ملكية محاربة قاومت الهكسوس جيلاً بعد جيل، بدءًا من سقنن رع ثم وريثه كامس، وصولًا إليه هو، الذي حمل راية التحرير حتى النهاية. وبفضل شجاعته وذكائه العسكري، نجح في توحيد البلاد وطرد الهكسوس خارج الحدود المصرية، مؤسسًا بذلك الدولة الحديثة، عصر القوة والعظمة. 
من هو أحمس؟
وُلد أحمس في طيبة لعائلة ملكية تنتمي للأسرة السابعة عشرة. فقد والده سقنن رع أثناء قتاله للهكسوس، وتولى شقيقه كامس الحكم من بعده، لكنه أيضًا لقي حتفه في ساحة المعركة. ورث أحمس المسؤولية في سن صغيرة، لكنه تدرّب منذ طفولته على الفروسية والحرب، إلى جانب تعلم الإدارة والحكمة السياسية، مما أهّله ليُصبح القائد الذي يُعيد لمصر هيبتها المفقودة.
وبعد أن بلغ السن المناسب، اعتلى العرش وبدأ التخطيط لمرحلة التحرير الكامل، معتمدًا على دعم جيشه القوي، ومساندة كهنة آمون، وقوة أهل طيبة الذين حملوا راية الوطن من جديد.
خطة التحرير وبداية المعارك
اعتمد أحمس على استراتيجية عسكرية مُحكمة تقوم على مراحل متتابعة، هدفت أولًا لاسترجاع المدن المصرية المحتلة، ثم محاصرة عاصمة الهكسوس «أواريس». بدأ تقدمه من الجنوب نحو الدلتا، واستطاع أن يستعيد العديد من الحصون التي كانت تحت سيطرة الهكسوس. وقد تميز جيشه باستخدام أسلحة متطورة، منها العجلات الحربية التي كانت أحد أسرار تفوق الهكسوس، لكن المصريين طوّروها واستفادوا منها بذكاء.
كما عمل أحمس على تقوية الأسطول البحري، مما ساعده في السيطرة على طرق الملاحة في شرق الدلتا، وقطع خطوط الإمداد التي كانت تصل إلى الهكسوس من بلاد الشام.
سقوط أواريس ونهاية الهكسوس
بعد حصار طويل ومعارك ضارية، نجح أحمس في اقتحام عاصمة الهكسوس «أواريس» وطردهم منها. لم يكتفِ بهذا النصر، بل لاحقهم حتى وصل إلى مدينة شاروهين في فلسطين، حيث حاصرهم ثلاثة أعوام حتى استسلموا تمامًا. بهذا الانتصار، وضع أحمس نهايةً نهائية لوجود الهكسوس في مصر، وأغلق الصفحة الأليمة التي عاشتها البلاد خلال فترة احتلالهم.
هذا الانتصار لم يكن مجرد تحرير أراضٍ، بل كان استعادة لكرامة مصر وشعبها. واعتبر المصريون القدماء أحمس منقذ البلاد، وخلّدوا سيرته على جدران المعابد والمقابر.
بناء الدولة الحديثة
بعد الانتهاء من الحرب، ركّز أحمس على إعادة إعمار البلاد. فقد أعاد تنظيم الجيش وأصلح الاقتصاد وطور نظام الإدارة. كما أعاد بناء المعابد التي دمرها الهكسوس، وأطلق مشروعات ضخمة في الزراعة والري. هذا العصر الجديد الذي أسسه أحمس عُرف باسم عصر الدوله الحديثة، وهو العصر الأكثر قوة وازدهارًا في تاريخ مصر، حيث شهد لاحقًا ملوكًا عظماء مثل تحتمس الثالث ورمسيس الثاني.
وقد ساعد الاستقرار السياسي الذي حققه أحمس على تعزيز قوة مصر في العالم القديم، فأصبحت إمبراطورية تمتد نفوذها إلى آسيا وإفريقيا.
الخاتمة
يبقى أحمس واحدًا من أعظم ملوك مصر، ليس فقط لأنه طرد الهكسوس، بل لأنه أعاد بناء الأمة على أسس قوية ومتماسكة. لقد مثّل رمزًا للشجاعة الوطنية والإيمان بقدرة المصريين على الدفاع عن أرضهم مهما كانت التحديات. ورغم مرور آلاف السنين، ما زالت قصة أحمس تُعلّمنا معنى المقاومة والوحدة والعزيمة.
