العشق لا يعرف الفروق

مقبره ايزادورا

الموقع قرية تونا الجبل- مركز ملوى- محافظة المنيا

تعود هذه المقبرة متفردة الشكل الى قرابة ألفي عام وتقريبا الى عام 120 م وعصر الامبراطور هادريان (117م-138م) والمعروف عنه انه كان يحب ويشجع الفن وخصوصا الهندسة والعمارة.

تحمل المقبرة رقم1 بين مقابر منطقة تونا الجبل بالمنيا وتفردت بكونها تحمل طرازا جديدا من العمارة الجنائزية لم تعرفه مصر من قبل. وهي مكونة من غرفتين وقد نقش الفنان على جانبيها الأماميين مرثيتين طويلتين باللغة الاغريقية لم نر مثلهما من قبل في أي من المباني الجنائزية.

المقبرة مبنية من الطوب اللبن المحروق ولونه قاتم وفي معظم الأجزاء مطلي باللون الأبيض من الخارج والداخل.. وينتصب أمام المدخل مذبح يعلوه تاج هرمي عند الأركان الأربعة.

فمن هي صاحبة المقبرة؟ انها جولييت المصرية أو اذا شئنا الدقة فهي العاشقة التي سبقت جولييت نفسها بأكثر من ألف عام! استلقت مومياؤها على سرير جنائزي فاخر عبارة عن بناء مرتفع من اللبن ويعلوه نموذج على شكل قوقعة مغطاة بالجص.

تعود هذه المومياء الى فتاة جميلة ملقبة بشهيدة الغرام.. أو العاشقة ايزادورا.. ويعني اسمها «هبة ايزيس» فهي تؤكد على مقولة ان الحب الصادق لا يموت..حتى لو انتهى نهاية مأساوية.

ايزادورا ابنة أسرة اغريقية كانت تعيش في مصر في مدينة انتنيوبولس (الشيخ عبادة حالياً) على الجانب الشرقي للنيل وكان أبوها حاكما للاقليم المعروف حالياً بمحافظة المنيا وكان قصره الكبير موجودا في مدينه انتنيوبولس حيث يطل على النيل والحقول الخضراء.

كانت ايزادورا فتاة يانعة تبلغ من العمر 18 سنة حين التقت الحب لأول وآخر مرة في حياتها حين وقعت عيناها على الجندي المصري حابي والذي كان يعيش على الجانب الغربي من النيل في مدينة خمنو (الاشمونين حالياً) وكان من قوات الحراسة الموجودة في المدينة.

ومن ثم يعتبر شخصا عاديا من أبناء عامة الشعب المصري ولم يكن من علية القوم. فلا يوجد أي وجه للمقارنة بينهما من حيث المستوى. رغم ذلك قال الحب كلمته وساقها القدر لتقابل حبيبها.

خرجت ايزادورا من مدينتها عبر النهر لتحضر احد الاحتفالات الخاصة بـ «تحوتي» رمز الحكمة والقلم في مصر القديمة وهناك قابلت الضابط حابي فتعلقت به وافتتن بها.. حتى انهما كانا يتقابلان كل يوم وكل ليلة. فكانت تذهب اليه عند البحيرة وكان يأتي اليها بجوار قصر أبيها.

وبعد ثلاث سنوات من الحب الصادق علم أبوها بذلك وقرر ان يمنع هذا الحب من ان يستمر.. ففي عرفه لا يجب ان ترتبط ابنته ذات الأصول الاغريقية بشاب مصري. وأبلغ الحراس بتتبعها.. وان يمنعوا ذلك الشاب من مقابلتها. وبالفعل كان تضييق الخناق عليها حتى قررت هي ان الحياة دون حبيبها لا معنى لها فقررت الغرق والانتحار.

لكن كان يجب ان تراه للمرة الأخيرة.. وبالفعل تمكنت من مغافلة حراستها وذهبت الى ذات المكان عند البحيرة ولم تخبره بما همت ان تفعله وهو الانتحار.. ودعته وذهبت.. حتى اذا بلغت منتصف النهر ألقت بنفسها في أحضان النيل.

ندم أبوها اشد الندم على ما فعله بابنته فبني لها مقبرة جميلة وكتب بها مرثيتين.. أما حبيبها فكان مخلصا ووفيا فكان يذهب كل ليلة يشعل شمعة بداخل مقبرتها حتى لا تبقى روحها وحيدة.