- **من المرابطين إلى الموحدين: كيف حكم المغرب في العصور الوسطى؟**

## الدولة المرابطية

الدولة المرابطية هي دولة إسلامية أسستها قبيلة **اللمطونة** من بربر **صنهاجة** في بداية القرن الحادي عشر. كانت اللمطونة قبيلة محاربة ودينية، تقيم في منطقة **الصحراء الكبرى**. كان لها علاقات تجارية ودينية مع **الإمبراطورية الغانية**، التي كانت تحكم غرب أفريقيا.

في عام 1035 ميلادية، أعلن **عبد الله بن ياسين**،  نفسه إماماً للقبيلة، وأسس حركة **المرابطون**. هذه الحركة كانت تهدف إلى نشر الإسلام وإصلاح الأخلاق ومحاربة التشيع والخوارج. بدأ عبد الله بن ياسين في جهاد ضد قبائل بربر **زناتة**، التي كانت تحكم شمال أفريقيا.

في عام 1054 ميلادية، احتل المرابطون **سجلماسة**، وفي عام 1056 ميلادية، احتلوا **أغمات**. في عام 1062 ميلادية، بنى المرابطون عاصمتهم **مراكش**. في عام 1070 ميلادية، توفي عبد الله بن ياسين، وخلفه **أبو بكر بن عمير**. في عام 1072 ميلادية، خلع أبو بكر بن عمير من قِبَل **يوسف بن تاشفين**، الذي أصبح أول سلطان للدولة المرابطية.

في عام 1086 ميلادية، دعا حكام الأندلس المسلمون يوسف بن تاشفين لمساعدتهم ضد هجمات **الإستورات** (أحد فروع القوط الغربيين)، الذين كانوا يحاولون استعادة الأندلس. فأجاب يوسف بن تاشفين بالموافقة، وعبر إلى الأندلس، وهزم الإستورات في معركة **زلاقة**. بعد ذلك، بدأ يوسف بن تاشفين في ضم أجزاء من الأندلس إلى دولته، وأقام حكماً مرابطياً في **قرطبة** و**إشبيلية** و**غرناطة** و**بادجوز**.

في عام 1106 ميلادية، توفي يوسف بن تاشفين، وخلفه ابنه **علي بن يوسف**. في عهده، امتدت الدولة المرابطية إلى أجزاء من **الجزائر** و**تونس** و**ليبيا**. كما حافظ على سيطرته على معظم الأندلس، رغم مواجهة هجمات من **الإستورات** و**المسترجكون** (المسلمون الذين خضعوا لحكم الإستورات) و**الطائفيون** (الحكام المستقلون في الأندلس).

في عام 1143 ميلادية، توفي علي بن يوسف، وخلفه ابنه **تاشفين بن علي**. في عهده، بدأت الدولة المرابطية في التراجع والانهيار، بسبب ظهور حركة **الموحدين**، التي كانت تعارض المذهب الأشعري وتدعو إلى التوحيد الصرف. كما تعرضت الدولة لهجمات من **الإستورات** و**البرتغاليون** و**الإسبان** في الأندلس.

## الدولة الموحدية

الدولة الموحدية هي دولة إسلامية أسستها حركة **الموحدين** في منتصف القرن الثاني عشر. كانت الموحدين حركة دينية وسياسية، تقودها قبيلة **المسمودة** من بربر **زناتة** في منطقة **جبال أطلس**. كان لها علاقات تجارية ودينية مع **الإمبراطورية المالية**، التي كانت تحكم غرب أفريقيا.

في عام 1120 ميلادية، أعلن **ابن تومرت**، وهو عالم دين من مذهب **الظاهرية**، نفسه مهدياً للقبيلة، وأسس حركة **الموحدين**. هذه الحركة كانت تهدف إلى نشر التوحيد الصرف وإصلاح الأخلاق ومحاربة التشبه بالكفار. بدأ ابن تومرت في جهاد ضد الدولة المرابطية، التي كانت تحكم شمال أفريقيا والأندلس في عام 1130 ميلادية، توفي ابن تومرت، وخلفه **عبد المؤمن بن علي**. في عهده، قام بتوحيد القبائل الموحدية وبناء دولة قوية ومنظمة. في عام 1146 ميلادية، هزم الدولة المرابطية واستولى على مراكش. في عام 1147 ميلادية، عبر إلى الأندلس واستعاد معظمها من الإستورات والطائفيون. في عام 1151 ميلادية، امتدت الدولة الموحدية إلى أجزاء من **الجزائر** و**تونس** و**ليبيا**. في عام 1157 ميلادية، بنى عبد المؤمن بن علي عاصمة جديدة للدولة **الرباط**.

في عام 1163 ميلادية، توفي عبد المؤمن بن علي، وخلفه ابنه **أبو يعقوب يوسف**. في عهده، حافظ على استقرار الدولة وتطورها. كما نشأت في عهده حركة فكرية وثقافية مزدهرة، شارك فيها علماء وأدباء وفلاسفة مشهورون، مثل **ابن رشد** و**ابن تفيل** و**ابن خلدون**. في عام 1184 ميلادية، توفي أبو يعقوب يوسف، وخلفه ابنه **يعقوب المنصور**.

في عهده، ازدهرت الدولة الموحدية في جميع المجالات. كان يعقوب المنصور قائداً حكيماً وشجاعاً، فهزم الإستورات في معركة **العقاب** في عام 1195 ميلادية، وأجبرهم على الانسحاب إلى شمال إسبانيا. كما بنى مسجد **الحسن** في الرباط، وهو أحد أكبر المساجد في العالم.

في عام 1199 ميلادية، توفي يعقوب المنصور، وخلفه ابنه **محمد الناصر**. في عهده، بدأت الدولة الموحدية في التراجع والانهيار، بسبب الفتن والثورات الداخلية والخلافات الدينية. كما تعرضت الدولة لهجمات من **البرتغاليون** و**الإسبان** في الأندلس.

## الخاتمة

الدولتان المرابطية والموحدية هما من أهم الدول الإسلامية التي حكمت المغرب في العصور الوسطى. لهما دور كبير في تاريخ المغرب والأندلس وشمال أفريقيا. كانتا دولتان قويتان وحضاريتان، ساهمتا في نشر الإسلام والثقافة والفكر الإسلامي في أوروبا