سمير الاسكندراني: و دوره في كشف أكبر شبكه جاسوسية في مصر - ج٢
و يروى سمير الاسكندرانى بنفسه ما حدث عند نزوله مصر ….
بمجرد أن وصلت الباخرة إلي الأسكندرية أخذت سيارة أجرة الي القاهرة و ذهبت فوراً الي بيتي
و بمجرد أن رآني والدي اندهش جدا، فحكيت له كل ما حدث لي و تعرضت له في ايطاليا
فساعدني عن طريق صديق له سبق أن اشتري منه موبيليا وكان هذا الرجل وكيل المخابرات العامة فاتصلنا به و حكيت له ما مررت به و لكنه تحدث معي بعدم اكتراث و طلب مني أن أمر عليه و هو يضحك فقلت له أنني لن أمر عليه و لكنه اذا أراد أن يعرف الحقيقة فعليه ان يقابلني في جروبي و تكون معه سيدة تبدو كأنها زوجته، هنا تغيرت لهجة الرجل و بدا أكثر حزماً لأنه أدرك أنني مدرب فعلا و الأمر خطير و بعد ساعة تقريبا تقابلنا في جروبي و كأنها صدفة أنا و هو و تلك السيدة و سلمنا علي بعض و كأننا نعرف بعض من زمان و سألني انت فين ووصلت مصر امتي و أخذني معه في سيارة فيات بيضاء 1300 وغيرنا طريقنا أكثر من مرة ونزلت أنا
وركبت سيارة اخري سوداء وبعد فترة وجدت نفسي في مبني أنيق بمصر الجديدة و دخلنا مكتباً قابلت فيه ضابطا قدم نفسه لي باسم جعفر و عندما طلب مني أن يعرف حقيقة الأمر قلت له أنا لا اعرف حضرتك و لا اعرف الباشا و كلامي معناه حياتي و رقبتي لذلك أنا لن أتحدث إلا مع الشخض الذي أعرفه و عندما سألوني من الذي تعرفه؟ قلت لهم الرئيس جمال عبدالناصر.
وحاول الرجلان ان يقنعاني بالحديث و لكنني رفضت تماما فقالا لي لو غيرت رأيك اتصل بنا.
و غادرت المخابرات دون ان أنطق و علي مدي شهر و نصف الشهر ظللت اذهب يومياً الي
قصرعابدين و مبني رئاسة الجمهورية لربما أقابل الرئيس عبدالناصر و طوال هذه الفترة لم أحاول الاتصال بالمخابرات الإسرائيلية بأي شكل من الأشكال حتي اتصلت بي المخابرات
المصرية وطلبوا مني الذهاب اليهم في موعد و مكان محددين فذهبت في الموعد بالضبط
و اخذوني معهم إلي فيلا بسيطة بمصر الجديدة و بمجرد ان وصلنا استقبلنا رجل انيق فاكتشفت أنه الرجل الذي سبق أن استقبلني في مكتبه باسم جعفر وكان يركب معي السيارة هو صلاح نصر مدير المخابرات العامة و دخلنا صالوناً به صور للرئيس جمال عبدالناصر و أولاده و صورة للرئيس محمد نجيب و بعد فترة أظنها لا تتعدي ربع ساعة، دخل علينا الرئيس جمال عبدالناصر فهجمت عليه وقبلته و حاولت تقبيل يده ولكنه رفض فقلت له أنا محتاجلك أنا في مشكلة كبيرة فقال لي: صلاح ابلغني عنك كلام كويس قوي علشان كده
قابلتك و كفاية انك جئت لنا بنفسك و عرفت ان الفترة التي تركوني فيها قام رجال المخابرات
بعمل مسح شامل عني و عن عائلتي وحكيت للرئيس كل ما تعرضت له في ايطاليا فأعطي اشارة البدء لصلاح نصر للتعامل معي و كانت الوسيلة التي استقرت عليها المخابرات هي ان أستمر في العمل مع المخابرات الإسرائيلية .
و يكمل سمير:
أطلعت الرئيس على كل ما لدى و على تخطيطهم المتمثل فى:
أولا:
اغتيال المشير عبدالحكيم عامر بعد أن فشلت محاولاتهم لنسف طائرة "اليوشن 14" عام ١٩٥٦ في الجو علي اعتبار أنه بداخلها و كانوا يجندون لتلك العملية جاسوساً مصرياً اسمه "ابراهيم
رشيد" ، كانت كل تقاريره مسئولة لأن ترسم للموساد تحركات المشير أولا بأول و كان مدير
المخابرات الإسرائيلية وقتها يكرر طلبه دائما لتوافر معلومات أكثر عن تحركات المشير.
ثانيا:
أما الأخطر فهو اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر عن طريق وضع سم طويل المدي في طعامه خاصة أنه كان يمثل الخطر الرئيسي علي اسرائيل علي حسب قول اسحاق رابين رئيس وزراء اسرائيل وقتها.
و لكن وضع السم في طعام عبدالناصر لم يكن شيئا سهلاً، فكيف خططوا لتلك العملية؟
عن طريق تجنيد شيف يوناني يعمل في محلات جروبي بالقاهرة و كان هو المكلف بتلك العملية و كانت الخطة علي حسب اعترافات هذا العامل نفسه بعد القبض عليه هي أنه كان مقرراً أن يراقب هذا الشيف و اسمه "جورج ايستاماتيو" مواعيد الحفلات الرسمية التي يتواجد فيها عبدالناصر و تشرف محلات جروبي علي خدمة الطعام و الشراب فيها وكان دوره ان يضع سم طويل المدي لعبدالناصر في طعامه الخاص بحيث لا يأتي هذا السم بمفعوله القاتل إلا بعد ستة
أو سبعة أشهر و بالتالي يصبح من المستحيل اكتشاف تلك العملية.