بذلة الغوص و الفراشة: الجزء الثامن و العشرون

بذلة الغوص و الفراشة: الجزء الثامن و العشرون

0 المراجعات

أتخيلكن الآن متناثرات في هونغ كونغ، عبر شوارع تقطر بضوء النيون، في محل تباع داخله حواسيب الجيب وسلطانيات
حساء الشعرية، مهرولات في إثر ربطة «الفراشة» الخالدة لرئيسنازالمدير العام إذ يقود الجميع بخطى حثيثة، نصف «سبيرو»، نصف «بونابارت»، لا يتوقف إلا أمام أشهق ناطحات السحاب متطلعا إليها بزهو و كأنه يريد ازدرادها.
أيـن سـنذهب سيدي الجنرال؟ هـل نقفـز مـن عـلى حافة الهيدروفويل) الناقـل إلى ماكاوكي نذهب فنحـرق بعـض الدولارات في الجحيم، أو نصعـد إلى حانة فيليكس في فنـدق
بينينسولا المزوقة من طرف المصمم الفرنسي فيليپس.؟ دفعتني ، طفرة من النرجسية إلى تخيير الاقتراح الثاني.

أنا الذي يكره أن تؤخذ لـه الصور، أملك صورة لخلقتي داخل هذه الختارة العلوية الباذخة،
منسوخة على مسند كرسي ضمن عشرات الوجوه الباريسية الأخرى التـي أخـذ لها فيليپ س. رسا. بالطبع جـرت هـذه العملية بضع
أسابيع قبل أن يحولني القدر إلى فزاعـة لعصافير الدوري.

لا أعرف إن كان كرسيي قد حظي بنجاح أكثر أو أقل من الآخرين، لكن إياكم أن تذهبـوا و تقضوا على الساقي حقيقة أمري.

فجميع هؤلاء الناس متطيرون و لن يعود متاحا أن تأتي أي من تلك الصينيات الصغيرات الفاتنات بتنوراتهن القصيرة و تجلس فوقي.

______________________________________________

الرسالة 


من لئن كان هذا الركن من المستشفى يحمل خطأ هيئة معهد انغلوساكسوني، فإن رواد الكافيتيريا الدائمين فيه لم يشذوا عن
«حلقة الشعراء الأموات».

للفتيات قساوة النظرة، و للفتيان الأوشام و أحيانا الخواتم في الأصابع.

يجتمعون على كراسيهم، يتحدثون عن الشجار و الدراجات متبعين سيجارة بأخرى.

يبدون جميعا حاملين صليبا على أكتافهم المقوسة بطبيعتها، مكابدين قدرا الشقاء ما المرور ببارك فيه سوى تقلب بين طفولة كلب معذب و مستقبل مقصى مهنيا.

عندما أتجول في وكرهم الأدخن، يخيم صمت
كنسي، لكنني لا أستطيع أن أقرأ في عيونهم لا شفقة و لا رحمة.

عبر النافذة المفتوحة نسمع خفقان القلب البرونزي للمستشفى، الجرس الذي يهز السماء أربع مرات في الساعة. و على طاولة مزدحمة بالأكواب الفارغة، تضطجع آلة كاتبة صغيرة في جوفها ورقة وردية مقلوبة الوضع. لئن بقيت الصفحة خاوية إلى الآن، فإني متأكد أن بين يوم وآخر ستكون هنالك رسالة لأجلي. و ها أنا أنتظر.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

610

followings

115

مقالات مشابة