المرأة التي اختارها الله لحمل نور النبوة " السيدة أمنة".....

المرأة التي اختارها الله لحمل نور النبوة " السيدة أمنة".....

0 المراجعات

إن السيِدة آمنة بنت وهب هي أم خير البشر محمَد -صلَى الله عليه وسلم-،ويعود نسبها لقبيلة قريش؛ فأبوها هو وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، أما أمها فهي برة بنت عبد العزى بن قصي بن كلاب،  كما أنها لم تتربَّى في بيت والدها بل تربت عند عمِّها وهيب بن عبد مناف، وهذا نسبٌ رفيع أكسبها مكانة مميَّزةً في قومها، وكانت آمنة بنت وهب معروفة عند قومها بشدَّة ذكائها وحسن بيانها وقولها.

إنها المرأة التي تكلّلت بإكليل القداسة, وتوشّحت بوشاح الشرف والمجد والسؤدد, فاختارها الله لحمل نور النبوة, واصطفاها بأمومة أقدس إنسان عرفه الوجود, الإنسان الذي كان واسطة الأرض بالسماء, الإنسان الذي صدع بالحق كما أمره ربه إذ ألقى عليه قولاً ثقيلاً, فجاء بالشريعة الغرّاء لإنقاذ الإنسان من غيابات الجهل والظلام إلى باحة النور والسلام, وتخليص الشعوب المستضعفة من ربقة الظلم والجور ونير العبودية.  وأم سيد الخلق التي أنجبت نور السماء فانشق إيوان كسرى, وخمدت نار فارس, وغِيضت بحيرة ساوة.

نشأت فى أسرة عريقة النسب، مشهود لها بالشرف والأدب، ورباها عمها وهيب بن عبد مناف، وكانت تعرف "بزهرة قريش" فهي بنت بني زهرة، وقيل إنها عندما خطبت لـعبد الله بن عبد المطلب كانت حينها أفضل فتاة فى قريش نسبًا وموضعًا. ومامن أمرأة رآتها إلا وحدثت عنها وعن جمالها وأدبها ورزانة عقلها وفطنتها مما جعلها محط أنظار الكبير والصغير.

زواج السيدة امنة

تقدم لخطبتها العشرات من خيرة شباب مكة، لكن والدها كان يرفض بإستمرار لرغبته برجل ذات مواصفات معينة. كانت آمنة بنت وهب في رعاية عمِّها وهيب، فجاء إليه عبد المطلب خاطباً إياها لابنه عبد الله، فوافق وليُّها على زواجها من عبد الله بن عبد المطلب. ‏وكان الفتيات يحسدن آمنة لأن عبدالله اشتهر بالوسامة، فكان أجمل الشباب وأكثرهم سحرًا، وكان الشباب يحسدن عبدالله لأن آمنة من خيرة فتيات مكة كما ذكرنا، ووفق الله أخير شبان مكة مع أخير فتياتها وجمع بينهم لتبدأ قصتهم العظيمة والقصيرة. ذهب عبد المطلب بابنه عبد الله حتى أتى وهب بن عبد مناف، وهو يومئذ سيد بني زهرة سنًا وشرفُا، فزوجه ابنته آمنة بنت وهب وهى يومئذ سيدة نساء قومها، ولما تزوجها عبد الله أقام عندها ثلاثة أيام، وكانت تلك العادة عندهم. وحملت آمنة بالنبى محمد صلي الله عليه وسلم.

أحداث الولادة بالنبي صلي الله عليه وسلم

كانت آمنة تحدّث أنّها حين حملت به أُتِيَت فقيل لها «إنّك قد حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقعَ على الأرض فقولي : «أعيذه بالواحد من شرِّ كل حاسد، ثم سمّيه محمدًا». ، وبعد أن بقي محمد في بطن أمه تسعة أشهر كملًّا، وُلد في مكة في شعب أبي طالب، في الدار التي صارت تُعرف بدار "ابن يوسف"، وتولّت ولادته "الشِّفاء" أم عبد الرحمن بن عوف، وقد كان مولده يوم الاثنين، 12 ربيع الأول، من عام الفيل، وبعد ميلاده, حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة. 

وكانت آمنة تحدّث أنّها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل ولا وحم، ولمّا وضعته وقع إلى الأرض مستقبل القبلة رافعًا رأسه إلى السماء، مقبوضة أصابع يديه مشيرًا بالسبابة كالمسبّح بها. ورأت حين ولدته كأنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، وقالت أمّ عثمان وهي التي حضرتُ ولادة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، انها رأت البيتَ حين وضع قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننتُ أنها ستقعَ عليّ»، وبعدما ولدته أرسلت إلى عبد المطلب تبشّره بحفيده، ففرح به فرحًا شديدًا، ودخل به الكعبة شاكرًا الله، وقال «ليكوننّ لابني هذا شأن»، واختار له اسم "محمّد" ولم تكن العرب تسمي به آنذاك، إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يُبعث في تهامة فيكون ولدًا لهم. وقد علمت اليهود آنذاك بولادة  سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، يقول حسان بن ثابت «والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به».

وروي الخطيب البغدادي بسنده: أن آمنة قالت: «لما وضعت النبي –صلى الله عليه وسلم- رأيت سحابة عظيمة لها نور أسمع فيها صهيل الخيل وخفيقان الأجنحة وكلام الرجال حتي غشيته وغيبت عني فسمعت منادي ينادي طوفوا بمحمد في جميع الأرض وأعرضوه علي كل روحاني من الجن والإنس والملائكة والطيور والوحوش. وأعطوه خلق آدم ومعرفة شيث وشجاعة نوح وخلة إبراهيم ولسان إسماعيل ورضاء إسحاق وفصاحة صالح وحكمة لوط وبشري يعقوب وشدة موسي وصبر أيوب وطاعة يونس وجهاد يوشع وصوت داوود وجب دانيال ووقار إلياس وعصمة يحيي وزهد عيسي وأغمسوه في أخلاق النبيين.»

وفاة زوج السيدة امنة 

 وخرج عبد الله بن عبد المطلب زوج السيدة امنه ذات يوم من مكة متوجهًا إلى غزة فى الشام في قافلة بهدف التجارة بأموال قريش، وفى طريق عودتهم وأثناء مرورهم بالمدينة المنورة مرض عبد الله، فقرر البقاء عند أخواله من بني النجّار على أمل اللحوق بالقافلة إلى مكة عندما يشفى من مرضه، فمكث عندهم شهرًا، وتوفى بعدها عن عمر 25 سنة، ودفن فى دار تسمّى "دار النابغة". وكانت آمنة ترتقب رجوع زوجها لتبشّره بالمولود المبارك الذي ملأ الدنيا عليها سعادة وفرحاً, فقد ولدت محمداً (ص) قبل شهرين, وبينما هي تترقب أخبار القافلة التي فيها زوجها فإذا بها تسمع خبراً نزل عليها كالصاعقة! لقد سمعت بخبر موت عبد الله فبكت بكاءً مراً على زوجها الشاب واحتضنت آمنة وليدها وامتزجت دموعها مع دموعه, ونظرت في وجهه البريء فرأته يشع نوراً, فخفف وجوده من ألمها, مات عبد الله دون أن يرى ابنه نور الله في الأرض وهاجت بآمنة العبرة لهذا الفقد المفجع فانتحبت ورثت زوجها بهذه الكلمات:

عفا جانبُ البطحاءِ من آلِ هاشمٍ   ***   و جاورَ لحــــداً خارجاً في الغماغمِ

دعته المنــــــــايا دعوةً فأجابها   ***   وما تركتْ في الناسِ مثل ابنِ هاشمِ

عشية راحـــوا يحملونَ سريرَه   ***   تعــــــــــــاورُه أصحابُه في التزاحمِ

فإن تكُ غـــالته المنونُ وريبُها   ***   فقد كــــــــــان معطاءً كثيرَ التراحمِ

وفاة السيدة امنة

خرجت السيدة آمنة بنت وهب مع ابنها رسول الله صلي الله عليه وسلم,  الذي يبلغ من العمر ست سنوات إلى المدينة المنورة، في زياةٍ لأخواله بني عدي بن النَّجار، وكان برفقتهم حاضنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمُّ أيمن، وكانتا تركبان على بعيرين، فنزلت أمُّه به في مكان يُسمَّى دار النَّابغة، لتذهب لزيارة قبر زوجها عبدالله مع ابنها سيدنا محمد  صلي الله عليه وسلم . وصلت آمنة بنت وهب مع ابنها الى قبر زوجها عبدالله فوقف ابنها الصغير ونظر إلى قبر أبيه بحزن وتخيلات تعصف مخيلته عن شكله ومواقفه ومدى حاجته له فهو ولد يتيمًا وعاش طفولته بدون أب، مكثوا قليلًا عند قبر عبدالله ثم أمرتهم آمنة بالرجوع لمكة بعد أن ادت واجب الزيارة.وخرجت به أمُّه آمنة بنت وهب إلى المدينة المنورة.  وعند عودة السيدة آمنة بنت وهب وابنها وأم أيمن مرضت السيدة آمنة في مكان يدعى الأبواء، وتوفِّيَت ودفنت فيه، وهو مكان بين مكَة المكرَمة والمدينة المنوَرة، ثمَّ رجعت أمُّ أيمن بمحمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهي تحضنه إلى مكَّة المكرَّمة ومعها البعيرين.

ورد في زيارة السيدة آمنة بنت وهب

 أمنة بنت وهب ــ  المرأة الطاهرة ــ زوجة لعبد الله وأماً لسيد خلقه وخاتم أنبيائه ليكون أشرف الناس حسباً, وأكرمهم نسباً, فطهّره من الرجس ونقله من الأصلاب الشامخة إلى الأرحام المطهرة, فكان خاتماً لأنبيائه وسيّداً لعباده فقد أعطى الله عز وجل آمنة من النور والعفاف والبهاء والجمال والكمال، التي كانت تدعى سيدة قومها.

وقد ورد في زيارة السيدة آمنة بنت وهب (ع) هذه الزيارة:

السلام عليك أيتها الطاهرة المطهرة،

السلام عليك يا من خصّها الله بأعلى الشرف،

السلام عليك يا من سطع من جبينها نور سيد الأنبياء،

فأضاءت به الأرض والسماء،

السلام عليك يا من نزلت لأجلها الملائكة،

وضربت لها حجب الجنة،

السلام عليك يا من نزلت لخدمتها الحور العين،

وسقينها من شراب الجنة،

وبشرنها بولادة خير الأنبياء،

السلام عليك يا أم رسول الله،

السلام عليك يا أم حبيب الله،

فهنيئا لك بما آتاك الله من فضل،

والسلام عليك وعلى رسول الله ،

ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 



 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

6

followers

20

followings

17

مقالات مشابة