عربية العيش الجزء الثالث

عربية العيش الجزء الثالث

0 reviews

#عربية_العيش 
#الجزء_الثالث 
كنت واقف قصاد البيت بتاعنا، الدنيا كانت ليل، عمدان النور ماكانتش منورة، بصيت حواليا للشارع الفاضي وبعد كده بصيت لعربية العيش المحطوطة جنب باب البيت، ومع بصتي ليها، سمعت من جواها أصوات خبط!.. ازاي ده؟!، معقول يكون حد دخل ونام جواها؟!، بس ازاي؟، العربية اصلًا هي عربية كارو، وفوقها، في صندوق خشب كبير وجواه أرفف عشان يترص عليهم العيش اللي بلف وبوزعه على الناس، سواء انا او ابويا الله يرحمه قبل مني.. الله!، ده خبط تاني، والمرة دي أوضح!
قربت من العربية وفتحت الشنكل بتاع بابها الخشب الصغيى، كنت خايف وببلع ريقي بالعافية لا الاقي قطة نطت في وشي ولا حاجة، بس لأ، الخبط اللي انا سمعته ده خبط بني أدم، كأن حد قاعد جواها وبيخبط بكفوف ايديه الاتنين!.. انما وبرغم من اني كنت خايف، الا اني قربت بهدوء وابتديت ابص جوة العربية، ماكنتش شايف حاجة، الدنيا ضلمة ومافيش حاجة واضحة، لكن في اللحظة دي، سمعت من ورايا صوت خطوات.. خرجت راسي من العربية ولفيت، ومع لفتي اتفزعت ورجعت لورا، اللي شوفته قصادي على نور القمر، خلاني اتنفضت وكأن عقربة قرصتني، اللي قصادي كانت جثة واحدة ست لابسة فستان مليان دم، بس المشكلة مش في ظهورها المفاجئ ولا في فستانها ولا في الدم اللي عليه، المشكلة الأكبر ان الست دي.. كانت من غير راس!
قربت مني بخطوات ثابتة، كانت رافعة ايديها قصادها وكأنها زي الضرير، بتلوش بايديها شمال ويمين عشان توصلي، ومع خطواتها البطيئة وحركتي اللي ثبتت واتشلت فجأة، وصلتلي، او بالظبط يعني، ايديها طالت رقبتي وابتدت تخنق فيا.. نَفسي اتكتم وحسيت ان انا بموت، لكن الحمد لله، قبل ما تموتني، سمعت صوت مراتي..
-مظهر.. يامظهر.. قوم يااخويا.
فتحت عيني وانا باخد نَفسي بالعافية، بصيت حواليا وانا مبرق، انا كنت على سريري ونور الشمس داخل من شباك الأوضة المفتوح، ومراتي، الحمد لله كانت جنبي.. لما استوعبت ان انا كنت نايم وبحلم، حمدت ربنا في سري، اما مراتي نفسها، فطبطبت عليا وهي بتحاول تهديني..
-جرى ايه ياابو حامد، مالك؟!، انت كنت بتنازع وانت نايم ولا ايه؟!
-كابوس ياغالية، كابوس غتيت ومالوش معنى.
-خير اللهم اجعله خير، طب بقولك ايه، ماتحكيهوش بقى لا يتحقق.
-لأ، يتحقق ايه، ده لو اتحقق تبقى مصيبة سودا.
-طب انسى بقى وروق كده ويلا قوم، انا حضرت الفطار.
سمعت كلامها وقومت غسلت وشي وقعدت فطرت معاها هي وامي، وبعد ما فطرت، دخلت بوست الواد حامد ابني اللي عنده ٦ شهور، وبعد كده غيرت هدومي وخدت بعضي ونزلت، خدت الحمار بتاع العربية من العربخانة اللي بيبات فيها كل ليلة، ورجعت عالبيت تاني.. ربطت الحمار في عربية العيش اللي كنت ببصلها وانا قلقان، ماعرفش ليه كنت خايف منها، ومش بسبب الحلم، لأ، انا من وقت موت ابويا، ومن بعد ما اشتغلت مكانه عليها، وانا بقيت بخاف منها، ده بالنسبة للعربية، اما بقى عن موت ابويا، عم حامد بتاع العيش، فدي قصة كبيرة، بس لازم تعرفها.
من كام يوم وعلى العصر كده، ابويا كان رجع من شغله، وانا كمان كنت رجعت من شغلي في فرن العيش اللي بشتغل فيه، وبعد ما اتغدينا وريحت شوية، صحيت على العشا كده، بس وقتها، ولما مالقتش ابويا في البيت وسألت عليه، امي قالتلي انه نزل من المغرب وراح مشوار بالعربية!.. لما قالتلي كده استغربت، مشوار ايه ده اللي هيروحه بالعربية وقت المغرب؟!، وقبل ما الأسئلة تكتر في دماغي وابدأ افكر في هو فين، او راح بالعربية ليه، سمعت من الحارة صوت دوشة، في اللحظة دي قولت بيني وبين نفسي ان وقت المصيبة جه، ايوه، مصيبة، ماهو من فترة، (الريس كيال) كبير المشاديد، خرج عن طوع الريس بتاعه، (المعلم كارع)، والمعلم كارع ده يبقى هو فتوة حارتنا، او مش فتوة بالمعنى المعروف، كده كده الفتوات وقتهم راح من سنين، بس هو، كان لسه شايف انه فتوة زي جده وابو جده، ولأنه راجل كبير والحارة كلها بتخاف منه، وكمان عنده اكبر محل جزارة في منطقة الغورية كلها، فالناس كانوا بيسمعوا كلامه وكان هو اللي بيحميهم هو ورجالته من أي حرامية، او حتى ناس مش تمام من برة المنطقة، لكن الوضع ماستمرش على كده.. ده من فترة، الصبي بتاعه، او زي ما كان كارع مسميه (كبير المشاديد)، اتقلب على كارع نفسه وقاله انه خلاص، مش هيشتغل عنده تاني، لا وايه، ده كمان وقف قدامه واتحداه لما رفض انه يجوزه بنته، وبعد ما اترفض، قاله انه هياخد كل الرجالة وهيفتح محل جزارة كبير وهيضاربه في السوق، وبس، من هنا جت المصيبة، الرجالة القُدام اللي كانوا شغالين مع كارع قبل ما كيال يبقى دراعه اليمين، وقفوا في صف المعلم الكبير، وطبعًا الرجالة او الشباب اللي سنهم صغير، واللي اتربوا على ايدين كيال، خدوا صف المعلم الصغير، ومن هنا لهنا الدنيا كانت هتهدا والحال كان هيمشي، عادي يعني، مش اول اتنين جزارين يضاربوا في بعض، لكن اللي حسسني وحسس اهل الحارة ان في مصيبة هتحصل، هي معاملة رجالة كيال لرجالة المعلم كارع، كانوا بيتلككوا لهم في الرايحة والجاية

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

10

followers

0

followings

1

similar articles