محمد انور السادات: من الجنديه اللي الرئاسه
محمد أنور السادات هو شخصية بارزة في التاريخ المصري، ويمثل رحلته من الجندية إلى الرئاسة قصة مثيرة للإعجاب والتحدي. تضمنت هذه الرحلة العديد من التحولات والإنجازات التي شكلت مستقبل مصر والمنطقة بأكملها.
**بداياته وحياته العسكرية**
ولد محمد أنور السادات في 25 ديسمبر 1918 في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية. من بداية حياته، أظهر السادات اهتمامًا كبيرًا بالشؤون العسكرية، مما دفعه إلى الانضمام إلى الكلية الحربية في القاهرة وتخرج منها عام 1938. خلال فترة خدمته العسكرية، أبدى السادات شجاعة وولاءً شديدًا للوطن، مما جعله يشارك في الأنشطة الوطنية ضد الاحتلال البريطاني في مصر. وقد أدى ذلك إلى اعتقاله وسجنه عدة مرات، ولكنه لم يتخلَّ عن رؤيته لتحقيق الحرية والاستقلال لمصر.
**انضمامه إلى حركة الضباط الأحرار**
كان الانضمام إلى حركة الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر نقطة تحول حاسمة في حياة السادات. هذه الحركة، التي تأسست بهدف إنهاء الملكية والاحتلال البريطاني في مصر، قادت ثورة 23 يوليو 1952 التي أطاحت بالملك فاروق وأعلنت الجمهورية. شارك السادات بشكل فعال في هذه الثورة، وكان له دور كبير في صياغة أهدافها وتنفيذ خططها، مما أكسبه ثقة زملائه وأدى إلى توليه مناصب قيادية بعد نجاح الثورة.
**من الجندية إلى السياسة**
بعد نجاح الثورة، بدأ السادات في التحول من الحياة العسكرية إلى الساحة السياسية. تولى عدة مناصب هامة، منها رئيس مجلس الأمة ونائب رئيس الجمهورية. في 15 أكتوبر 1970، تولى السادات رئاسة مصر بعد وفاة جمال عبد الناصر. كانت فترة توليه الرئاسة مليئة بالتحديات، وكان عليه أن يواجه العديد من القضايا الداخلية والخارجية المعقدة.
**انتصاره في حرب أكتوبر**
أحد أبرز إنجازات السادات خلال فترة رئاسته كان قيادته لمصر في حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل. بعد هزيمة مصر في حرب 1967، كان السادات مصممًا على استعادة الأراضي المصرية المحتلة في سيناء. عمل بجد على إعادة بناء الجيش المصري وتجهيزه لمعركة التحرير. في 6 أكتوبر 1973، قاد السادات القوات المسلحة المصرية في هجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية في سيناء، وحقق الجيش المصري انتصارًا كبيرًا أعاد لمصر كرامتها وأثبت للعالم قدرة مصر العسكرية. السعي إلى السلام واتفاقية كامب ديفيد**
بعد الانتصار في حرب أكتوبر، أدرك السادات أن السلام هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية لمصر. بادر بزيارة تاريخية إلى إسرائيل في نوفمبر 1977، وهي خطوة غير مسبوقة في العالم العربي. هذه الزيارة مهدت الطريق لمفاوضات السلام التي أدت إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر 1978 برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. وفي مارس 1979، تم توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، مما جعل مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل وتوقع معها اتفاقية سلام.
**اغتيال السادات وتولي محمد حسني مبارك**
على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققها السادات، إلا أن سياساته أثارت جدلاً واسعًا داخليًا وخارجيًا. داخليًا، واجه السادات معارضة شديدة من بعض القوى السياسية والاجتماعية، خاصة بسبب سياسات الانفتاح الاقتصادي والسلام مع إسرائيل. في 6 أكتوبر 1981، أثناء الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر، تعرض السادات لعملية اغتيال على يد مجموعة من المتطرفين، مما أسفر عن وفاته. بعد اغتيال السادات، تولى محمد حسني مبارك، نائب الرئيس آنذاك، منصب الرئاسة، ليقود مصر في مرحلة جديدة من تاريخها.
**إرث السادات**
ترك محمد أنور السادات إرثًا معقدًا ومتنوعًا. يُذكر كقائد شجاع أعاد لمصر كرامتها العسكرية في حرب أكتوبر، ورجل السلام الذي جعل مصر أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل. على الرغم من الانتقادات التي واجهها داخليًا، إلا أن دوره في تحقيق السلام والتنمية الاقتصادية لا يمكن إنكاره.
في النهاية، يبقى محمد أنور السادات أحد أعظم الشخصيات في التاريخ المصري، حيث أنه قاد مصر في فترة من أصعب فتراتها، وترك بصمة لا تُنسى في تاريخها السياسي والعسكري.