قصة الصرخة في الليل
"الصرخة في الليل"
في قرية نائية، كانت هناك أسطورة قديمة تحذر السكان من الذهاب إلى الغابة المحيطة في الليل. كانوا يتحدثون عن روح امرأة تدعى "ليلى"، التي توفيت في حادث مأساوي قبل عدة سنوات، وكانت تبحث عن الانتقام ممن تسبّبوا في وفاتها.
بالرغم من التحذيرات، كان هناك شاب يُدعى كريم. كان كريم مراهقًا جريئًا لا يؤمن بالخرافات، وأحب دائمًا المغامرات. قرر في إحدى الليالي المظلمة، بعدما سمع من أصدقائه عن قصة ليلى، أن يستكشف الغابة ليكتشف ما إذا كانت الأسطورة صحيحة أم لا.
مع بداية الليل، انطلق كريم نحو الغابة، قافزًا فوق جذور الأشجار المتشابكة، متجاهلًا التحذيرات. كان يحمل مصباحًا يدويًا، وبدأ يسير في الممرات الضيقة، محاطًا بأصوات الليل، من صرير الحشرات إلى زقزوقة الطيور.
كلما تقدم في الغابة، شعر بشيء غريب يسري في عروقه، كأن هناك شيئًا يراقبه من بعيد. ولكن مع ذلك، كانت لديه الرغبة في استكشاف المجهول، لذلك استمر في السير حتى بدأ يبتعد عن المسار المعتاد.
بعد بضع دقائق، سمع صرخة بعيدة. كانت صرخة أنثوية، مليئة بالألم والحنين. تجمد في مكانه، وارتعش جسده. قرر أن يتبع الصوت، معتقدًا أنه مجرد خيال، أو ربما أحد أصدقائه يقوم بمزحة.
تقدم نحو الصوت، وبينما هو يمشي، كانت الأشجار تبدو وكأنها تتجه نحوه. كان الظلام يزداد كثافة، حتى وصل إلى منطقة مفتوحة. هناك، وجد بحيرة صغيرة تعكس ضوء القمر. لكن المفاجأة كانت في وجود امرأة جميلة، عائمة فوق سطح الماء.
كانت ترتدي فستانًا أبيض، وشعرها الطويل يتدفق حولها كأنها جزء من الماء نفسه. تقدمت إليه بخطوات بطيئة، وعينيها كانت مليئتين بالدموع. قال كريم: "من أنتِ؟ ماذا تفعلين هنا؟"
ابتسمت له برقة، لكن الابتسامة لم تكن مريحة. قالت بصوتٍ خافت: "أنا ليلى. لقد كنت أنتظر شخصًا مثلك."
في تلك اللحظة، أدرك كريم أنه وقع في الفخ. حاول الهروب، لكن قدميه كانت كأنها ملتصقة بالأرض. استدارت ليلى وأشارت بيدها، وفجأة، بدأت تظهر أشباح أخرى حول البحيرة. كانت الوجوه معروفة في القرية، لكنها كانت مشوهة، وكأنها تعرضت لعذاب رهيب.
صرخ كريم: "ما الذي يحدث هنا؟!"
أجابته ليلى، "لقد جئت إلى هنا بفضل جراءتك، لكن عليك أن تدفع الثمن. لقد عانيت كثيرًا، ولن أدعك تخرج دون أن تشعر بما شعرت به."
بدأت الأشباح تقترب منه، وكل واحدة منهم كانت تحمل في عينيها قصة من الألم. كان كريم يحاول الهروب، ولكن القوّة التي كانت تسيطر عليه كانت أكبر مما توقع. أصبح المكان مظلمًا، والصرخات تعلو أكثر.
أدرك كريم أنه لا يمكنه الفرار، وأنه يحتاج إلى الاعتذار والتوبة. صرخ بأعلى صوته: "أنا آسف! لم أكن أريد إيذاء أي شخص! أرجوكِ، اتركي لي فرصة!"
في تلك اللحظة، توقفت الأشباح. نظرت إليه ليلى بعيون مليئة بالحزن، ثم قالت: "عليك أن تعرف ما حدث لي. كنت ضحية، والآن أريد أن أحررك من خوفك."
بدأت تتلاشى الأشباح واحدًا تلو الآخر، بينما كانت ليلى تقترب منه. لكن لحظة تلاشيهم لم تكن كافية. شعرت ببرودة تتسلل إلى قلبه، وكان الهمس في أذنه يتكرر، "لا تخرج في الليل."
فجأة، استيقظ كريم في سريره، وكان قلبه ينبض بسرعة. نظر حوله، وكل شيء كان طبيعيًا، لكن الشعور بالخوف كان لا يزال يسيطر عليه. بدأ يتساءل عما إذا كانت تلك الليلة مجرد كابوس، لكن شيء ما كان يقوله له إنه ليس كذلك.
توجه إلى القرية في صباح اليوم التالي، وعندما سأل جيرانه عن ليلى، اكتشف أنها لم تكن مجرد أسطورة، بل كانت امرأة حقيقية عانت في الماضي. كانت تُعتبر روحًا ضائعة، وكانت تعيش في الغابة تبحث عن السلام.
منذ تلك الليلة، قرر كريم أن يحترم الأسطورة. أصبحت لديه قناعة جديدة بأهمية احترام المعتقدات، والاعتراف بقصص الأجيال السابقة. وكان كلما نظر إلى الغابة، تذكر الصرخة التي سمعها، وأصبح يحذر أصدقاءه من الذهاب إلى هناك في الليل.
وعلى الرغم من أنه لم يكن متأكدًا مما حدث في تلك الليلة، لكنه علم أن هناك أشياء لا يجب أن نعبث بها، وأن بعض الأساطير تحمل في طياتها حكمًا وعبرًا، حتى لو كانت مغطاة بالظلام.