قصه رعب ضباب اليل
0 reviews
في ضباب الليل
- كانت الساعة تُشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، وكانت القرية الصغيرة مُحاطة بهالة غريبة من الضباب الكثيف. الغريب في الأمر أن هذا الضباب لم يظهر إلا في الأيام الأخيرة، وكان السكان يتحدثون عنه بهمس، وكأنه يحمل في طياته سرًا مُخيفًا.
- في منزل صغير على أطراف القرية، كانت "نور" تجلس في غرفتها، تُحاول أن تُنهي بعض الرسومات التي طالما أحبّت أن تُبدعها. فجأة، سمعت صوتًا غريبًا، صوت خطوات ثقيلة تقترب من نافذتها. تجمّدت في مكانها، والقلم بين يديها ارتجف. التفتت ببطء نحو النافذة، لكن لم يكن هناك شيء واضح سوى الضباب الذي بدا وكأنه يُراقبها.
- قررت نور أن تفتح النافذة لتُبعد هذا الشعور الغريب. لكنها ما إن فتحتها حتى شعرت بهواء بارد يعصف بوجهها، وبرائحة كريهة، كأنها رائحة شيء ميت. أغلقت النافذة بسرعة، ولكن قبل أن تُدير ظهرها، رأت وجهًا... وجهًا شاحبًا بلا ملامح واضحة، يحدق بها من قلب الضباب.
- تراجعت نور خطوة للخلف، ثم سمعت صوتًا غريبًا يتردد داخل رأسها. كان الصوت أشبه بتمتمات غير مفهومة، لكنه كان واضحًا في معناه:
- "تعالي... لا تهربي..."
- لم تستطع نور أن تُقاوم، وكأن قوة خفية جذبتها نحو الباب. نزلت إلى الطابق السفلي بخطوات متثاقلة، حيث وجدت باب المنزل مفتوحًا على مصراعيه، والضباب يزحف إلى الداخل. حاولت أن تقاوم تلك الرغبة الغريبة للخروج، لكن جسدها كان يتحرك رغماً عنها.
- عندما خرجت إلى الخارج، كان الضباب كثيفًا لدرجة أنها بالكاد ترى ما أمامها. لكنها شعرت بشيء يلمس يدها، كأنه يد باردة، بل شديدة البرودة. نظرت حولها، ولم يكن هناك أحد. لكن الشعور بوجود شيء قريب منها كان قويًا جدًا.
- بدأت التمتمات تتردد مرة أخرى، وهذه المرة كانت أقرب وأشد وضوحًا.
- "انظري خلفك..."
- ترددت نور للحظة، ثم استدارت ببطء، وهناك رأته. مخلوق ضخم، طويل القامة، بشرته رمادية شاحبة، وعيناه لا تملكان أي بريق، فقط سواد دامس. كان يقف على مسافة قريبة جدًا منها، ولكنه لم يتحرك.
- صرخت نور بأعلى صوتها، وركضت بأقصى سرعتها نحو الغابة المجاورة، على أمل أن تهرب من هذا الكابوس. لكنها سرعان ما أدركت أنها ليست وحدها في الغابة. كانت تسمع أصوات خطوات أخرى تتبعها، وأصوات همسات تتردد من كل الاتجاهات.
- بينما كانت تركض، تعثرت وسقطت أرضًا. رفعت رأسها لتجد نفسها أمام كوخ قديم يبدو وكأنه مهجور منذ عقود. دفعت الباب الخشبي الذي كان يئن بصوت عالٍ، ودخلت إلى الداخل، لتجد أن الكوخ مليء بالرسومات الغريبة على الجدران، كلها تُشبه ذلك المخلوق الذي رأته في الضباب.
- شعرت نور بأنفاس باردة خلفها. التفتت ببطء، لتجد المخلوق يقف خلفها مباشرة. حاولت أن تصرخ، لكن صوتها لم يخرج. المخلوق رفع يده، وأشار إلى إحدى الرسومات على الحائط.
- كانت الرسمة تُظهر فتاة تُشبه نور تمامًا، محاطة بمجموعة من المخلوقات التي تشبه ذلك الكائن. أسفل الرسمة، كان هناك كتابة قديمة، لكنها استطاعت أن تقرأ منها كلمة واحدة بوضوح: "التضحية".
- فجأة، بدأت الجدران تهتز، وكأن الكوخ نفسه كان ينبض بالحياة. الأرضية تشققت، وخرجت منها أذرع طويلة نحيلة، تحاول الإمساك بنور. حاولت المقاومة، لكنها شعرت بأن قوتها تُستنزف تدريجيًا، وكأن الكوخ كان يسرق حياتها.
- صرخت بأعلى صوتها:
- "اتركوني! ماذا تريدون مني؟!"
- المخلوق اقترب منها، ثم تحدث بصوت مُخيف ومُشبع بالصدأ:
- "أنتِ المفتاح. أنتِ الرابط بين عالمنا وعالم البشر. التضحية ستُعيد لنا قوتنا."
- فهمت نور الآن. هذا الضباب، هذا المخلوق، كل شيء كان يتعلق بها. لكن قبل أن تستسلم تمامًا، شعرت بشرارة غضب تشتعل داخلها. تذكرت القلم الذي كان معها، وأخرجته من جيبها. بنظرة تحدٍ، غرسته في صدر المخلوق.
- صرخ المخلوق بصوت هز الكوخ، ثم
- كانت نور تجري بأقصى سرعة، تتعثر بين جذور الأشجار المتشابكة، بينما صوت خطوات المخلوق يتردد خلفها، أقرب مما تتمنى. الهواء من حولها كان يثقل أكثر، كأنه يُقاوم حركتها. شعرت كأن الغابة نفسها تُريد أن تسلمها لهذا الكائن الغامض.
- لم تكن تعرف إلى أين تتجه، فقط كانت تُحاول الابتعاد عن الكائن وعن الصوت المتردد في رأسها:
- "لن تهربي... أنتِ تنتمين لنا."
- بعد دقائق بدت وكأنها ساعات، تعثرت نور وسقطت أرضًا، يديها تلامسان أوراق الأشجار الرطبة. رفعت رأسها لتجد نفسها أمام الكوخ نفسه الذي هربت منه قبل قليل. شعرت بالصدمة، كيف عادت إلى هنا؟
- أدركت نور أن الكوخ لم يكن مكانًا عاديًا. بدا وكأنه ينبض بطاقة غامضة، وكأن الغابة كلها تدفعها للعودة إليه. لكن هذه المرة، لاحظت أن الباب مفتوح على مصراعيه، وضوء خافت ينبعث من الداخل.
- كانت تعرف أن الدخول يعني المخاطرة بحياتها، لكن فكرة الركض في الغابة بلا نهاية كانت أسوأ. جمعت شجاعتها ودخلت الكوخ مرة أخرى.
- الكوخ يتحدث
- عندما دخلت، بدا الكوخ وكأنه قد تغير. الرسومات على الجدران كانت تتوهج بشدة، وكأنها تتفاعل مع وجودها. بدأت الأرضية تصدر أصواتًا خشنة، وكأنها تعترض على دخولها.
- فجأة، ظهر المخلوق أمامها، لكن هذه المرة لم يكن وحده. خلفه، ظهرت أشباح لأشكال بشرية شاحبة، كلها بلا ملامح، تراقبها بصمت.
- "لماذا أنا؟!" صرخت نور، يائسة من الإجابة.
- المخلوق تحدث للمرة الأولى بوضوح، صوته غليظ ومخيف:
- "أنتِ مفتاح العودة. الروح النقية الأخيرة في هذا المكان. نحن محاصرون منذ قرون، وأنتِ طريقنا للحرية."
- "لكنني لست جزءًا منكم!" صرخت نور وهي تتراجع للخلف.
- "بعد الآن، ستصبحين جزءًا منا."
- نور تقاوم
- شعرت نور بشيء يتحرك داخل جيبها. أخرجت القلم الذي كان معها، والذي بدا وكأنه يتوهج أكثر كلما اقترب المخلوق منها. أدركت فجأة أن هذا القلم لم يكن عاديًا، بل كان نوعًا من السلاح ضدهم.
- تذكرت الرسومات على الجدران، وكيف أن جميعها كانت مرسومة بقلم مشابه. خطرت لها فكرة مجنونة، لكنها لم تملك خيارًا آخر.
- بدأت نور ترسم بسرعة على الأرضية باستخدام القلم، محاولة نسخ الرموز الغريبة التي تراها على الجدران. كلما رسمت رمزًا، ارتج الكوخ، وكأنها كانت تفك شيفرة قديمة.
- المخلوق وأتباعه بدأوا في الصراخ، أصواتهم ملأت المكان:
- "توقفي! لا تجرئي على فعل ذلك!"
- لكن نور لم تتوقف. استمرت في الرسم، رغم أن يديها كانت ترتعشان بشدة.
- النهاية غير المتوقعة
- عندما أكملت الرسم الأخير، أضاء الكوخ بأكمله بضوء ساطع. سمعت نور صوتًا قويًا، وكأنه صوت انفجار، ثم شعرت بجسدها يُسحب بقوة إلى الخلف.
- فتحت عينيها لتجد نفسها في غرفتها. كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، وكأن كل شيء كان حلمًا. لكن عندما نظرت إلى يدها، رأت القلم، متوهجًا بخفوت.
- على الطاولة بجانبها، كانت هناك ورقة مكتوب عليها كلمة واحدة:
- "شكرًا."
- نور لم تفهم تمامًا ما حدث. هل كانت هي من أنقذت القرية من هذا الشر القديم؟ أم أن القصة لم تنتهِ بعد؟
- لكنها عرفت شيئًا واحدًا: الضباب قد اختفى، والمخلوق لم يعد يُطاردها... حتى الآن.
- وتعلمت نور ان الكوابيس لاتكون في الأحلام فقد بل يمكن أن تكون موجوده في الواقع ايضن